كتابات فكرية

أهمية محاكم الأسرة في اليمن للحفاظ على تماسك المجتمع

أهمية محاكم الأسرة في اليمن للحفاظ على تماسك المجتمع

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

الجمعة28مارس2025_

الزواج هو ارتباط بين زوجين  بعقد شرعي تحل به المرأة للرجل شرعاً وغايته تحصين الفروج وإنشاء أسرة قوامها حسن العشرة.

ما ورد أعلاه هو نص المادة ( 6 ) من قانون الأحوال الشخصية اليمني والذي نص صراحة على أن الهدف الأساسي من الزواج هو إنشاء أسرة قوامها حسن العشرة.

وحسن العشرة هذا يقتضي العلاقة الإيجابية بين طرفي عقد الزواج وأيضا أبناؤهم وبما يحافظ على تماسك الأسرة والحد من تفككها لأي سبب كان حتى في حال توترت العلاقة بين الزوجين يفترض أن يتم معالجتها بشكل إيجابي وبذل الطرفين جهود إيجابية للحفاظ على تماسك الأسرة وأيضا جهود المحيطين من عائلة الطرفين يجب أن تكون لهم جهود إيجابية لتضييق الشرخ بينهما وإعادة الأسرة إلى التماسك وتجاوز الصعوبات المعيشية بحكمة واحترام وان لا تكون هناك تدخلات سلبية مقصودة من المجتمع المحيط بالأسرة لتفكيكها بحسن نية أو سوء نية بسبب العناد و محاولة كل طرف السيطرة على الطرف الآخر.

ولا تتوقف الجهود الإيجابية المبذولة للحفاظ على الأسرة على الزوجين أو المجتمع المحيط بهم بل يستلزم أن يكون أيضا لمؤسسات الدولة ذات العلاقة جهود إيجابية دؤوبة لحل النزاعات بين الزوجين وبشكل إيجابي وفي مقدمة تلك المؤسسات هو القضاء الذي يفترض أن يكون مهيأ ومؤهل لنظر النزاعات الأسرية بشكل إيجابي وبإجراءات تصالحية يهدف للحفاظ على الأسرة بكافة مكوناتها من زوجين وأبناء وتماسك تلك الأسر الذي تعصف بها ظروف الحياة ويفترض أن تكون مثل السفينة تتوازن مع تلك العواصف لتتجاوزها حتى الوصول إلى بر الأمان .

ما يحصل في واقع القضاء اليمني وتعامله مع قضايا الأسرة يستوجب أن يكون هناك وقفه جادة وعاجلة لإعادة النظر فيها وتصحيح مسار إجراءات التقاضي في النزاعات الأسرية لتحقق الهدف المرجو منها في الحفاظ على الأسرة وتماسكها ووفق القاعدة الشرعية ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) بمعنى أن العلاقة الزوجية يستلزم أن تكون بين المعروف أو الإحسان إما حياة أسرية يسودها المعروف وحسن العشرة وإذا وصل طرفي العلاقة الزوجية إلى طريق مسدود وعدم إمكانية استمرارها يتم إنهاؤها بالإحسان وبما يحافظ على الأبناء باعتبارهم هم الضحية الأولى في حال نشوب أي نزاع بين الزوجين فسوء العشرة يؤثر على الأبناء سلباً وإنهاء العلاقة الزوجية خارج إطار الإحسان يؤثر أيضا على الأبناء سلباً ويفكك الأسرة ويحول الأبناء إلى ضحايا عناد طرفي العلاقة الزوجية وهذا خاطئ ويستلزم تلافيه والقضاء هو الفيصل في كل هذا وتصحيح مسار العلاقة الزوجية ليجعلها متوازنة بين المعروف والإحسان.

بسبب اختلالات القضاء بالقصور أو التجاوز في قضايا الأسرة وعدم الحفاظ على خصوصية هذه القضايا والعلنية المفرطة في هذه القضايا يحجم الكثير من أطراف القضايا الأسرية عن اللجوء إلى القضاء يعتبرونه خيار أخير بعد محاولة كل الوسائل والطرق الأخرى وقد يستمر الطرف المتضرر في قضايا الأسرة لسنوات يصبر على مظلوميته دون اللجوء للقضاء لإنصافه وهنا ندق ناقوس الخطر في انتشار النزاعات الأسرية خارج إطار القضاء وتفشيها وعدم لجوء أي طرف للقضاء بسبب اختلالات القضاء في نظر هذه القضايا الحساسة مما يفقد ثقة المجتمع في القضاء ولاستعادة ثقة المجتمع في القضاء يستلزم سرعة المعالجة وإعادة النظر في إجراءات نظر والفصل في قضايا الأسرة وفقا للعدالة التصالحية وفي محاكم مستقلة وقانون موضوعي واجرائي وهذا ما سنوضحه في هذه الدراسة الموجزة .

ورغم أهمية تأكيدنا على أهمية دور الزوجين في الحافظ على تماسك الأسرة وأيضا دور المجتمع المحيط ولكن أهم دور  معني بها هو القضاء باعتباره الجهة المنوط بها الفصل في النزاعات وتحقيق عدالة ناجزة تعيد الأسرة إلى مربع المعروف والإحسان بعد أن عصفت بها ظروف الحياة والتدخلات السلبية من البعض فالقضاء هو الملجأ للإنصاف وتصحيح مسار الأسرة بالحفاظ عليها من التفكك

هناك اختلالات متعددة في تعامل القضاء اليمني مع قضايا الأسرة يعمق من الخلافات الأسرية أكثر من يعالجها ويحد منها بتعامله مع قضايا الأسرة بنفس التعامل والنظرة والإجراءات في التعامل مع القضايا الأخرى التجارية والمدنية والجنائية دون أي خصوصية للنزاعات الأسرية ودون الاهتمام بالجانب الاجتماعي والنفسي لتلك النزاعات ونوجز أهم أسباب اختلالات القضاء اليمني في نظر والفصل في النزاعات الأسرية والمعالجات والمقترحات لها  نوجزها في التالي :

1- عدم وجود محاكم أسرة مستقلة ومتخصصة لقضايا الأسرة في اليمن

يعود أهم أسباب اختلالات تعامل القضاء مع النزاعات الأسرية هو عدم وجود محاكم مستقلة مختصة بالنظر والفصل في النزاعات الأسرية لخصوصية وحساسية النزاعات الأسرية فمازال تعامل القضاء مع النزاعات الأسرية بنفس إلية تعامله مع النزاعات الأخرى التجارية والمدنية والجنائية دون خصوصية بسبب أن قضايا الأسرة مازالت قسم ضمن أقسام المحكمة العادية يتولى نظرها قاضي يسمى قاضي الأحوال الشخصية ولا يوجد حتى الآن محاكم أسرة مستقلة عن القضاء العادي يحافظ على خصوصية قضايا الأسرة .

ولمعالجة ذلك نقترح :

وجوبية الإسراع في إنشاء محاكم أسرة مستقلة عن المحاكم العادية تحافظ على خصوصية الأسرة وحساسية نزاعاتها.

2- عدم وجود قانون إجرائي وموضوعي لقضايا الأسرة

ينظر القضاء قضايا الأسرة بنفس إجراءات القضايا العادية الأخرى رغم حساسية وخصوصية قضايا الأسرة وبسبب هذا القصور تتفاقم القضايا الأسرية ويطول نظرها لدى القضاء وتتسع هوة الخلافات الأسرية وغالبا يكون اللجوء للقضاء هو الحل الأخير بعد بذل الجهود المتاحة للوصول لحلول ودية ليصطدم أطراف النزاعات الأسرية بإجراءات القضاء وروتين القضاء كل هذا بسبب عدم وجود قانون موضوعي وإجرائي لقضايا الأسرة حيث أن الموجود هو قانون موضوعي هو قانون الأحوال الشخصية لا يتضمن تفاصيل حقوق أطراف قضايا الأسرة ولا يتضمن إجراءات خاصة لنظر والفصل في قضايا الأسرة.

ولمعالجة ذلك نقترح :

وجوبية إصدار قانون إجرائي وموضوعي لقضايا الأسرة يوضح حقوق الأطراف وإجراءات إيجابية تصالحية للوصول إليها وفقا للقاعدة الشرعية ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )

3- عدم وجود مباني مستقلة لعقد جلسات المحاكمة في قضايا الأسرة

يتعامل القضاء اليمني مع قضايا الأسرة دون اهتمام رغم خطورتها على استقرار المجتمع وتماسكه باعتبار الأسرة هي نواة المجتمع حيث يتعامل القضاء مع قضايا الأسرة بنفس تعامله مع القضايا الأخرى التجارية والجنائية والمدنية دون خصوصية حيث يتم نظر قضايا الأسرة في مبنى المحكمة العادية وفي قاعات مفتوحة متاحة لحضور الجميع ذوي العلاقة بقضايا الأسرة أو اشخاص ليست علاقة بها اعمالاً بمبدأ علنية الجلسات وهذا المبدأ يتناقض مع خصوصية قضايا الأسرة وعدم علانيتها.

ولمعالجة ذلك نقترح :

إنشاء مباني مستقلة لنظر والفصل في قضايا الأسرة ( محاكم الأسرة ) وأن يكون انعقاد جلسات المحاكمة في قضايا الأسرة في مكاتب يحضرها فقط القاضي ومساعديه وأمين سره وطرفي القضية الزوج والزوجة للوصول إلى حل ومعالجة تصالحية للنزاعات الأسرية دون التقيد بحتمية النصوص القانونية فالأصل هو التصالح وانهاء النزاع الأسري بالتصالح وفق مبدأ إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

4- عدم وجود كادر قضائي وأداري متخصص لقضايا الأسرة

لا يوجد في اليمن قضاة وموظفين إداريين متخصصين في قضايا الأسرة حيث أن القضاة في اليمن تخصصهم عام بمعنى قد يكون اليوم قاضي جنائي وغدا قاضي شخصي وبعدها قاضي تجاري حسب قرار تعيينه وتوزيعه على المحاكم وحسب احتياج المحاكم وهذا خطأ كبير جدا كون قضايا الأسرة يستلزم أن يكون لها خصوصية وأن يكون القضاة والكوادر الإدارية لأن حساسية قضايا الأسرة وخطورتها يستلزم التعامل معها بخبرة ومهارة وتلك الخبرة تأتي من تراكم العمل والدراسة في قضايا الأسرة ليتم تسيير القضية حسبما يرغب بها طرفي القضية وللخيارات الأفضل لهم .

ولمعالجة ذلك نقترح :

تخصيص قضاة وكادر إداري متخصص لنظر والفصل في قضايا الأسرة بخبرات متراكمة في مجال قضايا الأسرة وأن يتم اختيار القضاة وفق نزاهتهم وكفاءتهم كون قضايا الأسرة حساسة وهامة وتؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وان لا يتم نقل أولئك القضاة لتخصصات أخرى وإنما يستمرون في تخصص قضاة الأسرة قد ينتقلون في حركة قضائية من محكمة إلى أخرى وفق حركة قضائية قانونية ولكن في نفس التخصص قضاء الأسرة ليستمر تراكم الخبرات والمهارات في نفس التخصص حتى يتم نظر والفصل في قضايا الأسرة بسرعة وتحقيق عدالة ناجحة وتصالحية بمعنى يجب أن يتوافر في قضاة الأسرة مواصفات متعددة أهمها القدرة على الإقناع والتفاوض بين طرفي النزاع وأن تكون صلاحيته في ذلك أوسع من القضاة الآخرين وأن يكون للقاضي تدخل ايجابي لإيصال الطرفين لحل وتوافق تصالحي لإنهاء النزاع بتوافق الأطراف ليسهل تنفيذ الأحكام اختيارا وبقناعة الطرفين دون إجبار.

5- ضعف أداء التفتيش القضائي في قضايا الأسرة يراكم الأخطاء والمخالفات

لا تعتبر قضايا الأسرة ذات أهمية لدى التفتيش القضائي ويتركز اهتمامهم على القضاة التي على ذمتها سجناء أو قضايا تجارية أو مدنية أو إدارية أما قضايا الأسرة فهي قضايا ليست محل اهتمام ونزاع بين زوجين لا يستدعي تدخل عاجل من التفتيش القضائي عند رفع شكوى ضد القاضي المنظورة لديه القضية وتبين ارتكابه مخالفات وأخطاء تخالف القانون.

ولمعالجة ذلك نقترح :

التوضيح للتفتيش القضائي بأهمية وخطورة قضايا الأسرة على المجتمع ووجوبيه وضع قضايا الأسرة في مقدمة سلم أولويات واهتمام التفتيش القضائي والتعامل السريع والعاجل في أي شكاوى ترفع للتفتيش القضائي ضد قضاة ينظرون قضايا أسرة وارتكبوا مخالفات بالتجاوز أو التقصير للقانون ووجوبيه سرعة اتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق في تلك الشكاوى وضبط أي مخالفات قبل استفحال أثرها ولا يتوقف دور التفتيش القضائي في هذا الإطار وعدم توقف دوره في قضايا الأسرة الا بورود شكاوى إليه بل يستوجب ان يكون هناك اهتمام وتفتيش دوري ومفاجئ على جميع القضاة المنظورة لديهم قضايا الأسرة وضبط أي مخالفات او تباطؤ في نظرها والفصل فيها بأحكام عادلة وناجزة وتصالحية وان يتم موافاة التفتيش القضائي بكافة الإجراءات فور حصولها في قضايا الأسرة عبر ربط شبكي الكتروني يتم تحديث الإجراءات فيها أولا بأول والنزول المستمر للمحاكم للتأكد من مطابقة ما يتم رفعه في النظام الالكتروني مع واقع قضايا الأسرة في المحاكم وضبط أي مخالفات أو رفع معلومات غير صحيحة ولا تتطابق مع الواقع.

6- ترابط الاختصاص بين قضايا الأسرة وقضايا المواريث يعطلهما رغم أهميتهما

يلاحظ في واقع القضاء والقانون اليمني أن قضايا الأسرة مرتبطة بقضايا المواريث بمعنى أن قسم الأحوال الشخصية في المحكمة والقضاة المكلفين بنظرها ينظرون قضايا الأسرة المتعلقة بالزواج وكل ما هو مرتبط بها من حقوق والتزامات وكذلك في نفس الوقت مختصين بنظر قضايا المواريث رغم أن كلاهما هام جدا فقضايا الأسرة مهمة وكذلك قضايا المواريث أيضا هامة جدا واستمرار ترابط القسمين يفشلهما فلا يستطيع قاضي الأحوال الشخصية نظر والفصل في قضايا الأسرة وفي نفس الوقت ينظر ويفصل في قضايا المواريث كما أن آليات ووسائل التعامل مختلفة جدا في كلا الجزأين.

ولمعالجة ذلك نقترح :

فك الترابط بين قضايا الأسرة وقضايا المواريث في القانون وفي القاضي المختص بنظرها والفصل فيها بحيث يكون هناك قانون خاص بقضايا الأسرة وقانون أخر مستقل خاص بقسمة المواريث وأيضا قضاة متخصصين مستقلون عن بعضهما في كلا الجزأين فيكون هناك قضاة مؤهلين ومتخصصين في قضايا الأسرة وقضاة آخرين مؤهلين ومتخصصين في قضايا المواريث وقسمة التركات وقوانين مستقلة لكلاهما وبالاطلاع على التطورات الإيجابية القانونية والقضائية في محيطنا العربي نلاحظ أن هناك محاكم متخصصة في قضايا الأسرة ومحاكم أخرى مستقلة عنها متخصصة في قسمة التركات وكل محكمة لها كادر مستقل عن المحكمة الأخرى من قضاة واداريين.

7- غياب الجانب الاجتماعي والنفسي في قضايا الأسرة

يعتبر الجانب الاجتماعي والنفسي أهم العناصر ومكونات النزاع الأسري فغالبا ما يكون له بعد اجتماعي او بعد نفسي أكثر من أي أبعاد أخرى  وغياب هذه الجوانب عن المحكمة والقاضي الذي ينظر قضايا الأسرة يجعل عمله بطيء وضعيف ولا يلامس جوهر النزاع لأن البعدين الاجتماعي والنفسي هما جوهر النزاع في قضايا الأسرة

ولمعالجة ذلك نقترح :

أن يتم تأهيل مختصين نفسيين واجتماعيين وتوزيعهم للعمل في محاكم الأسرة ليعاونوا ويساعدوا القاضي المختص بنظر والفصل في قضايا الأسرة وأن يكون لرأي أولئك المختصين أهمية في مسار القضية والحكم فيها وتنفيذ قراراتها وأحكامها.

8- غياب العدالة التصالحية في قضايا الأسرة

يلاحظ في واقع القضاء اليمني هو غياب العدالة التصالحية في قضايا الأسرة ويكتفى فقط بجلسة واحدة يعقدها القاضي للتصالح بين الطرفين لتعود القضية إلى مربع القضاء العادي وإجراءاته الروتينية المطولة .

ولمعالجة ذلك نقترح :

تصحيح مسار قضايا الأسرة ليكون نظرها منذ البداية وحتى النهاية وفقا لآليات العدالة التصالحية وحتى يسهل تنفيذ الأحكام والقرارات بإجراءات سهله واختيارية دون اللجوء للقوة والإجبار لتنفيذها وبما يحافظ على تماسك الأسرة ويحد من تمزيقها.

9- خطورة الأثر الرجعي والتقيد القانوني البحت لقضايا الأسرة على التصالح فيها

يلاحظ في واقع القانون والقضاء اليمني التزامه بالحقوق في قضايا الأسرة بأثر رجعي بمعنى أن قضايا الأسرة قد يكون لها سنوات قبل اللجوء الى القضاء ويفترض أن يتعامل القضاء مع قضايا الأسرة من حقوق والتزامات من تاريخ صدور الحكم وليس بأثر رجعي فمثلا النفقة الشرعية يستلزم أن تكون من تاريخ صدور الحكم وأن تكون باتفاق وتوافق الأطراف وان لا تكون سابقة لسنوات طائلة قبل لجوء الأطراف إلى القضاء تحت مبرر أن النفقة لا تسقط بمرور الزمن وهذا خطأ كونه يحمل أطراف الخصومة التزامات تثقل كاهلهم يعاند بها الطرف الآخر المتسبب في تطويل قضايا الآسرة والمتهرب من حسمها فور حصول النزاع ولكن أن يتم التهرب والمماطلة قبل القضاء ليتحمل المتضرر مسؤولية مماطلة الطرف الأخر.

كما يلاحظ أن القضاء ينظر قضايا الأسرة وفقا لنصوص قانون الأحوال الشخصية ويتقيد حرفيا بها دون آليات العدالة التصالحية بمعنى التنازل الاختياري عن بعض الحقوق للوصول إلى تسوية إيجابية وإعادة تماسك الأسرة الذي تتنازعها الخصومات الأسرية كما يلاحظ وجود مسلمات ومحددات يعمل ويلتزم بها قضاة الأحوال الشخصية في مسائل الحضانة والنفقة والعودة لبيت الزوجية دون التحري في المصلحة الفضلى للطفل فقد تكون مصلحته في غير ما نص عليه القانون

ولمعالجة ذلك نقترح :

أن يتم إلغاء الأثر الرجعي للحقوق والالتزامات في قضايا الأسرة وأن تكون منذ تاريخ صدور الحكم وتوسيع صلاحيات القاضي المختص في إلغائها إذا كانت معيق لإعادة تماسك الأسرة وان تكون الجوانب المالية هي الأقل أهمية في قضايا الاسرة وليست في أولوياتها.

كما يستلزم أن يكون للقاضي المختص والمختصين النفسيين والاجتماعيين صلاحيات ودور إيجابي للفصل في قضايا الحضانة وتحديد نفقة رمزية محدودة وغيرها من الحقوق والالتزامات وان لا تكون هناك مغالاة أو رفع مقدار النفقة أو الحضانة لطرف دون آخر واستغلال فرض نفقة مرتفعة لإرهاق الطرف الآخر وتحميله التزامات بأثر رجعي يعيق التصالح ومن يرغب في حضانة الأطفال يستلزم أن يكون هدفه رعاية الأطفال وليس فقط الحصول على مبلغ مالي شهري مرتفع كون ذلك من الأخطاء في القضاء .

10- التدخلات السلبية لأشخاص من محيط أطراف قضايا الأسرة يعيق التصالح فيها

من أهم أسباب النزاعات الأسرية هو التدخلات السلبية من المحيطين بالزوج والزوجة الذي يحرضانهما للتشديد في المطالبة بالحقوق وعدم تقديم أي تنازلات او تسويات ويعتبر أي تدخل من محيط الأسرة في قضايا الأسرة لغم يفجر النزاعات الأسرية الذي يتحمل تباعتها الزوج والزوجة والآخرين فقط محرضين لا هدف لهم إلا تمزيق الأسر والمجتمعات وقد تكون تدخلات بحسن نية حبا في احد أطراف النزاع الأسري ولتمكينه من حقوق أعلى من الطرف الآخر وعدم التنازل للطرف الآخر وقد تكون تدخلات بسوء نية تهدف لتمزيق الأسر أما بسبب عداء مكبوت أو غيره مجنونه أو لتمزيق الأسرة والدخول أو إدخال أشخاص آخرين بديلا عن الطرف الآخر ولتحقيق مصالح شخصية بحته تمزق الأسر السعيدة

ولمعالجة ذلك نقترح :

حصر قضايا الأسرة بين طرفيها ومنع حضور او تدخل أي أشخاص آخرين فيها مهما كانوا قريبين للطرفين وإذا ثبت لمحكمة الأسرة وجود تدخلات سلبية من أي أشخاص آخرين في القضايا المنظورة لديها يستلزم ضبطهم وتنبيههم لعدم التدخل واعتبار أي تدخل من أي شخص معيق للعدالة يحال مرتكبها للنيابة العامة للتحقيق معه ومحاكمته.

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية وخطورة قضايا الأسرة على المجتمع وتماسكه كون الأسرة هي نواة المجتمع وأي خلل يعتري الأسرة لا يتوقف تأثيرها في الأسرة بل يتأثر المجتمع بها.

لذلك يستلزم أن تكون قضايا الأسرة في مقدمة أولويات واهتمام مجلس القضاء الأعلى لاستعادة ثقة المجتمع في القضاء ولن يتحقق ذلك إلا بإنشاء محاكم أسرة مستقلة وفي مباني مستقلة عن المحاكم العادية وإصدار قانون للأسرة موضوعي وإجرائي تفصيلي وواضح ومتخصص في قضايا الأسرة ومستقل عن قضايا المواريث وأن يكون هناك قضاة وكوادر متخصصين في قضايا الأسرة لا يتم تحريكهم إلى أقسام أخرى حتى تتراكم المهارات والخبرات في قضايا الأسرة وتتسارع إجراءات الفصل فيها ونظرها وفقا لمبادئ وأسس العدالة التصالحية دون تضييق النظرة في الحقوق والالتزامات المالية الذي قد تكون عائق للوصول إلى العدالة التصالحية وأهمية إيلاء الجانب الاجتماعي والنفسي الأهمية الكبرى في قضايا الأسرة كون البعد النفسي والاجتماعي هما جوهر النزاع في قضايا الأسرة والجانب المادي هو عنصر ثانوي وليس أساسي ويستوجب أن يتم تكليف مختصين اجتماعيين ونفسيين في محاكم الأسرة ليعاونوا قضاة الأسرة في نظر القضايا والفصل فيها بإجراءات تراعي الجانب النفسي والاجتماعي وتهدف لتحقيق عدالة تصالحية أكثر منها عدالة قانونية مبنية على التصالح والتنازل والتسويات أكثر منها على الإجبار والتقييد والفرض

وان يتم حصر قضايا الأسرة بين طرفيها ومنع تدخل أي شخص فيها وإذا ثبت تدخل أي شخص يجب ان يتم ضبطه وإحالته للنيابة العامة باعتباره معيق للعدالة.

هناك قصص كثيرة لقضايا أسرية كانت بسيطة وتعاظمت بسبب تدخلات سلبية للبعض فيها والضحية هي الآسرة نفسها الزوج والزوجة والأبناء ليدخلوا في دوامة نزاع لانهاية له وعقد نفسية وأضرار اجتماعية وكأنها حرب وليست خلاف أسري بسيط بالإمكان حله بشكل إيجابي وتحقيق عدالة ناجزة وسريعة وتصالحية تهدف للحفاظ على الأسرة وتحد من تفككها وتمزقها.

وهنا نؤكد على أهمية إعادة نظر القضاء في التعامل مع قضايا الأسرة ونأمل تجاوب مجلس القضاء الأعلى  لاستعادة ثقة المجتمع في القضاء بإجراءات إيجابية سريعة وعاجلة  بإنشاء محاكم أسرة ورفع مقترح إصدار قانون أسرة إيجابي وتصالحي يستند على التسويات الإيجابية والتصالح الودي أكثر من قوة القانون والاجبار الذي يتسبب ذلك في حالة عناد بين الأطراف تنتهي نهاية خاطئة تفكك الأسر بسبب العناد وبالخروج عن القاعدة الشرعية ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )

ونؤكد على أهمية محاكم الأسرة في اليمن للحفاظ على تماسك الأسرة والتصالح الايجابي.

_عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:عبد الرحمن الزبيب يقدم دراسة لتطوير مهنة المحاماة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى