كتابات فكرية

من المقاوم و من المرتزق؟

من المقاوم و من المرتزق؟

  • احمد سليم الوزير

الخميس17أبريل2025_

في كل بقاع الأرض، وعبر صفحات التاريخ، كانت “المقاومة” عنواناً للكفاح الشريف، وللنضال في أحلك الظروف، وللرغبة العميقة في طرد المعتدي، مهما كانت الكلفة. لا أحد يتخيّل مقاومة حقيقية تبدأ من رفاهية الدعم الخارجي، ولا أحد يصدّق أن الحرية تُشترى من ميزانيات العواصم الأجنبية.

في اليمن، حين نسمع اليوم من يُطلق على نفسه لقب “مقاومة”، فلا بد أن نسأل: مقاومة من؟ وبأي أدوات؟ وبأي تمويل؟

نعود إلى التاريخ قليلاً، لنفهم الفارق.

الذين واجهوا الاحتلال العثماني في اليمن، باعوا مزارعهم لشراء بندقية، وكان الفقر رفيقهم في الجبال.

في فيتنام، كان المقاوم يعيش في أنفاق تحت الأرض، يأكل ما يسد رمقه، وقد يقتات على جيفة ثور ميت من شدة الحصار.

في روسيا، كان المقاوم الروسي يختبئ تحت الجليد، يقتنص جندياً نازياً ثم يعود ليذوب في بياض الموت.

عمر المختار قاد رجاله من كهوف ليبيا، يقاتل على بقايا الذخيرة التي يقتسمون ثمنها.

محمد عبدالكريم الخطابي، في جبال الريف المغربي، قاتل الفرنسيين والأسبان بما غنمه من سلاحهم.

حتى جيفارا، رمز الثورة في العالم، عاش على ما تُنبت الأرض في أدغال بوليفيا.

هؤلاء هم المقاومون، لا مرتب شهري،ولا تمويلات من دول خارجية، لا دعم جوي، لا مدرعات ولا بارجات. فقط إرادة وكرامة، ولا يعيشون كما يعيش الأمراء في افخم منتجعات العالم.

أما في واقعنا اليمني اليوم، فهناك من يُدعى “مقاوماً” وكل بندقيته، وذخيرته، ومعداته، وحتى مرتّبه الشهري (1300 ريال سعودي أو أكثر) تأتي من الخارج. طائرات تحميه من فوق، بارجات تمهّد له من البحر، وقادة أجانب يديرون المعارك.

فأي مقاومة هذه؟ بل ما الفرق بينه وبين المرتزق؟

المرتزق هو من يقاتل لحساب طرف خارجي، ولا تهمّه قضية وطنية، بل يبحث عن مصلحة أو مكافأة أو نفوذ. أليس هذا هو الواقع اليوم؟

إذا كانت “المقاومة” تُمطر بالدرون، ويُغدق عليها المال والسلاح، بينما يُقصف المدني في بلده بحجتها، فقد اختلّت المعايير، وصار لزاماً أن نعيد تعريف المصطلحات.

المقاومة لا تُستورد، ولا تُدفع لها الرواتب بالدولار. المقاومة تُولد من رحم المأساة، وتنمو من تربة الأرض، وتُروى بالدم، لا بالتحويلات البنكية.

فلتُسمَّ الأشياء بأسمائها، ولنعلم أن الوطن لا يتحرر بيد من يبيعه.

اقرأ أيضا:زمن يُلام فيه صاحب الموقف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى