رؤية علمية لإعادة هيكلة النظام التعليمي في اليمن

رؤية علمية لإعادة هيكلة النظام التعليمي في اليمن
عنوان الدراسة: رؤية علمية لإعادة هيكلة النظام التعليمي في اليمن وفق ثلاث مراحل عمرية: دراسة تطويرية مستقبلية

إعداد الدكتور : عبدالرحمن المؤلف
الخميس26يونيو2025_
المقدمة:
يعاني النظام التعليمي في الجمهورية اليمنية من اختلالات هيكلية ومعرفية مزمنة تراكمت عبر عقود من السياسات المرتبكة والظروف السياسية والاقتصادية المعقدة. وتنعكس هذه الاختلالات في كثافة الحشو المعرفي، وطول سنوات التعليم مقابل مخرجات ضعيفة، وفجوة متسعة بين التعليم وسوق العمل، فضلًا عن تدنّي مستوى إعداد المعلمين وتأهيلهم. ووفقًا لتقرير البنك الدولي (2019)، فإن أكثر من 70% من الطلاب في اليمن لا يحققون الحد الأدنى من مستويات الإتقان في القراءة والرياضيات. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى تصور جذري يعيد بناء النظام التعليمي على أسس علمية، تراعي خصوصية اليمن وسياقاته الاجتماعية، وتواكب في الوقت ذاته الاتجاهات العالمية الحديثة في التعليم.
مشكلة الدراسة:
تتمثل مشكلة الدراسة في غياب هيكلة علمية فعالة للنظام التعليمي اليمني، ما أدى إلى إهدار الموارد الزمنية والمعرفية، وانخفاض الكفاءة الداخلية والخارجية للنظام، وعدم مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل.
أسئلة الدراسة:
1. ما هي أبرز أوجه الخلل في الهيكل التعليمي الحالي في اليمن؟
2. ما جدوى تقليص سنوات الدراسة مقابل تعظيم فاعلية المخرجات؟
3. كيف يمكن بناء نموذج تعليمي من ثلاث مراحل عمرية يحقق التخصص المبكر والمهارات؟
4. ما دور المعلمين في إنجاح هذا النموذج؟
أهداف الدراسة:
1. تقديم رؤية علمية لإعادة بناء النظام التعليمي في اليمن.
2. اقتراح نموذج تعليمي يقوم على التدرج العمري والتخصص المبكر.
3. تحديد المهارات والمعارف الأساسية لكل مرحلة.
4. اقتراح خطة تنفيذية تطبيقية تبدأ بعينة تجريبية.
منهجية الدراسة:
تعتمد هذه الدراسة على المنهج التطويري التحليلي، الذي يجمع بين تحليل الواقع التعليمي القائم، وتقديم رؤية نظرية تطبيقية مستقبلية. كما تم الاستناد إلى النماذج العالمية المقارنة، واستقراء الاتجاهات التربوية الحديثة، وتوظيف المراجع المحلية والدولية. وسيتم استخدام أدوات جمع بيانات متنوعة تشمل: استبيانات موجهة للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور، مقابلات نصف موجهة مع خبراء التعليم، وتحليل وثائق السياسات التعليمية اليمنية الحالية.
البعد المكاني:
تركز الدراسة على الجمهورية اليمنية، باعتبارها بيئة تعاني من هشاشة تعليمية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية، لكنها في ذات الوقت تمثل بيئة واعدة لإجراء إصلاحات تعليمية جذرية منخفضة الكلفة وعالية الأثر إذا ما تم توجيه الموارد بطريقة استراتيجية. وتشير بيانات وزارة التربية والتعليم اليمنية (2021) إلى أن أكثر من 2 مليون طفل خارج النظام التعليمي الرسمي، ما يعزز ضرورة بناء نظام مرن وفعّال.
المرحلة الأولى: من سن 6 إلى 10 (أربعة أعوام دراسية)
الأهداف:
1. تمكين الطفل من إتقان اللغة العربية واللغة الإنجليزية (أو لغة عالمية أخرى) بطلاقة.
2. إكساب الطفل أساسيات الرياضيات، العلوم، والحوسبة.
3. تنمية المهارات الحياتية والفنية واللغوية.
4. تشخيص الميول والقدرات لدى الطالب تمهيدًا لتوجيهه نحو تخصص مستقبلي.
آلية التنفيذ:
تصميم مناهج تفاعلية خالية من الحشو، معتمدة على أنشطة عملية.
إعداد أدوات قياس الميول والذكاءات المتعددة.
تدريب المعلمين على التعليم المتمركز حول الطالب.
المرحلة الثانية: من سن 10 إلى 14 (أربعة أعوام دراسية)
الأهداف:
1. إكمال التعليم في التخصص الذي تم توجيه الطالب إليه.
2. حصول الطالب على شهادة بكالوريوس مهنية أو أكاديمية.
3. تمكين الطالب من مهارات سوق العمل أو الدخول إلى التعليم العالي (لمن تنطبق عليه المعايير).
المسارات:
مسار علمي (طب، هندسة، زراعة…)
مسار تقني (برمجة، شبكات، طاقة…)
مسار إنساني (قانون، لغات، إعلام…)
مسار فني (رسم، موسيقى، تصميم…)
المرحلة الثالثة: من سن 15 إلى 20 (خمسة أعوام دراسية)
الأهداف:
1. حصول النخبة على درجات الماجستير والدكتوراه في مجالات تخصصهم.
2. دمج التعليم العالي مع البحث التطبيقي والمشروعات الإنتاجية.
3. توظيف المتفوقين في مؤسسات إنتاج المعرفة (الجامعات، مراكز الدراسات، المؤسسات التقنية).
خطة العمل: المرحلة التمهيدية (عام واحد):
تشكيل لجنة وطنية لإصلاح التعليم.
إعداد المناهج النموذجية.
تأهيل المعلمين.
اختيار 10 مدارس كنماذج تجريبية في محافظات متنوعة، تشمل طلابًا من مختلف الخلفيات الجغرافية والاجتماعية، بمتوسط 100 طالب لكل مدرسة.
المرحلة التطبيقية:
تنفيذ البرنامج على العينة خلال 13 عامًا.
تقييم مرحلي كل عام دراسي.
بناء قاعدة بيانات تراكمية لتغذية القرارات.
المتابعة والتقويم:
أدوات: استبيانات، اختبارات معيارية، مقابلات، متابعة ميدانية.
مؤشرات الأداء: نسبة الإتقان، رضا أولياء الأمور، فرص العمل بعد التخرج.
التعديلات: تطوير المناهج، تعديل مسارات التخصص، تعزيز التأهيل المهني.
التوصيات:
1. اعتماد النموذج المقترح في بيئة تجريبية قابلة للتوسع.
2. تعديل التشريعات لتقنين الشراكة بين التعليم وسوق العمل.
3. تعزيز استقلال المؤسسة التعليمية إداريًا وفكريًا.
4. الاستثمار في إعداد المعلم بوصفه حجر الزاوية في الإصلاح.
المراجع:
يونس، محمد عبد السلام. (2017). تطوير المناهج الدراسية في ضوء الاتجاهات العالمية المعاصرة. القاهرة: دار الفكر العربي.
البشير، عمر. (2018). “رؤية جديدة لإعادة هيكلة النظام التعليمي”. مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس.
منظمة الإيسيسكو. (2021). استراتيجية تطوير التعليم في العالم الإسلامي. الرباط.
Fullan, M. (2013). The New Meaning of Educational Change (4th ed.). Teachers College Press.
OECD. (2018). Future of Education and Skills 2030: OECD Learning Compass.
World Bank. (2019). World Development Report: Learning to Realize Education’s Promise.
Darling-Hammond, L. (2020). Preparing Teachers for Deeper Learning. Harvard Education Press.
اقرأ أيضا:التعليم في اليمن إلى أين؟
