اخبار محليةكتابات فكرية

دراسة حول التصنيفات الأمريكية والإسرائيلية لمن يخالفهم بالإرهاب

دراسة حول التصنيفات الأمريكية والإسرائيلية لمن يخالفهم بالإرهاب

دراسة حول التصنيفات الأمريكية والإسرائيلية لمن يخالفهم بالإرهاب

 د. شعفل علي عمير

في عالم تسوده التوازنات السياسية المعقدة والمصالح المتشابكة، يظهر مفهوم “الإرهاب” كأداة يستخدمها البعض لتحقيق أهدافهم الإستراتيجية. يعد اليمن مثالاً حياً وكيف تتداخل فيه العوامل الجيوسياسية والقومية والدينية لتشكيل واقع معقد ومشحون بالتحديات. يُظهر التحليل النقدي للسياسات الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن في  الكيفية التي يمكن لمصطلحات كـ “الإرهاب” أن تُستغل بشكل برجماتي لمصلحة قوى دولية كبرى.

يمتاز اليمن بموقعه الاستراتيجي الذي يجعله في مفترق طرق للتجارة والطاقة العالمية. حيث يطل على مضيق باب المندب، واحد من أهم المعابر المائية في العالم، ما يجعل استقرار اليمن عاملاً حاسماً لأمن الطاقة الدولي. مع تصاعد الصراعات الداخلية والخارجية في هذه الدولة، تجد القوى الكبرى في النموذج اليمني موقعاً مثالياً لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، غالباً تحت مظلة محاربة الإرهاب.

لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في السياسة اليمنية، بدءًا من دعمها للتحالف السعودي الذي يخوض صراعًا مع الجيش اليمني في حكومة صنعاء. تُستخدم مسألة الإرهاب كرافعة للضغط السياسي والعسكري، حيث تصنف أطراف في النزاع على أنها “إرهابية” لتبرير التدخلات والعمليات العسكرية. وتعد  جماعة أنصار الله، التي تُحمل لواء النضال ضد حكومة قابعة في الفنادق تقتات على الآم الشعب اليمني، من الأمثلة البارزة على ذلك. التصنيف الأمريكي لأنصار الله كجماعة إرهابية يثير الكثير من التساؤلات حول معايير هذا التصنيف وكيفية تطبيقه بانتقائية تتناسب مع المصالح الأمريكية.وفي اليمن، استُخدم هذا التصنيف لتبرير التدخلات العسكرية ووضع القيود  للهيمنة الخارجية. في ذات السياق، يُلاحظ أن القوى الكبرى قد وضعت حركات مقاومة مشروعة تحت مظلة الإرهاب، بناءً على رؤيتها المصلحية التي تُعزز من وجودها الجغرافي والسياسي في المنطقة.

فبينما تركز القوى الدولية على مصالحها الخاصة، يظل الشعب اليمني يعاني من وضع إنساني كارثي. الحصار الاقتصادي والعمليات العسكرية والضربات الجوية المستمرة جعلت من اليمن واحدًا من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. تشير التقارير إلى أن هذه السياسات لم تؤثر على دور اليمن المحق في محاولته بسط نفوذه على كامل ترابة وتحرير ثرواته من عبث المحتل السعودي والإماراتي ، بل ربما ساهمت في تعزيز موقف الجماعات المتطرفة التي تستغل الفوضى لترسيخ نفوذها.

إنّ استخدام مصطلح “الإرهاب” كأداة في الصراعات الجيوسياسية يعكس ازدواجية المعايير التي تعتمدها القوى العالمية. في حالة اليمن، يظهر بوضوح كيف أن هذا التصنيف يمكن أن يكون وسيلة للهيمنة الإقليمية والدولية بدلاً من كونه وسيلة لتحقيق السلام والاستقرار. إن الأزمة اليمنية تتطلب حلاً شاملاً يأخذ في الاعتبار المعاناة الإنسانية قبل المصالح الاستراتيجية، بحيث يكون هناك دعم دولي حقيقي لإحلال السلام والتنمية بدلاً من استمرار دورة العنف والتصنيفات.

أصبحت قضية اليمن نموذجاً للدروس والعبر وفي مظلومية شعب يكافح من اجل حريته واستقلاله ويفضح  دول الاستكبار العالمي كيف يمكن أن تُستخدم “محاربة الإرهاب” كذريعة لتحقيق مآرب سياسية وعسكرية. إن إعادة النظر في هذه السياسات، والعمل على بناء جسور الحوار والتفاهم بين الشعوب والدول، يظل السبيل الأمثل نحو مستقبل يسوده السلام والاستقرار.

رأي اليوم

اقرأ أيضا:رغم التصنيف الأمريكي ..المبعوث الاممي يستأنف جهود المفاوضات بين صنعاء والرياض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى