اخبار محليةكتابات فكرية

عطوان يناقش اقتراح السيسي بتهجير أبناء غزة إلى النقب فماذا قال؟

عطوان يناقش اقتراح السيسي بتهجير أبناء غزة إلى النقب فماذا قال؟

عطوان يناقش اقتراح السيسي بتهجير أبناء غزة إلى النقب فماذا قال؟

 ماذا يعني اقتراح السيسي بتهجير أبناء غزة إلى النقب وليس إلى سيناء؟ وكيف ستنظر المقاومة وأبناء القطاع إليه؟ وهل هو زلة لسان أم قمة جبل جليد التغيير القادم في المؤسسة العسكرية المصرية؟

عبد الباري عطوان

عبدالباري عطوان

التصريح الذي أدلى به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم أمس أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مع المستشار الألماني اولاف شولتس حول المشروع الإسرائيلي الأمريكي بترحيل أبناء قطاع غزة إلى سيناء كان لافتا للنظر، ولا يجب أن يمر دون مناقشته للأسباب التالية:

أولا: اقتراح الرئيس السيسي المفاجئ بنقل أبناء قطاع غزة إلى النقب في جنوب فلسطين المحتلة، وليس إلى سيناء “حتى تنتهي إسرائيل من مهمتها المعلنة في تصفية المقاومة، أو الجماعات المسلحة”، أي حماس والجهاد الإسلامي وغيرهم، لا يمكن أن يكون وليد اللحظة أو زلة لسان، وإنما كان مقصودا وجرى إطلاقه في التوقيت المدروس، وبحضور أحد الزعماء الأوروبيين.

ثانيا: أكد على رفض مصر المطلق لإجبار أبناء القطاع الهجرة إلى مصر، مع التأكيد في الوقت نفسه أن جميع الدول العربية ترفض هذه الخطوة، وهذا تأكيد للمؤكد، وخروج مصر من تحت مظلة الإملاءات الأمريكية، وقيود “كامب ديفيد” لو جزئيا.

ثالثا: تهديد الرئيس السيسي بإنزال الملايين من أبناء مصر إلى الشوارع والميادين للاحتجاج على عملية التهجير هذه، رسالة باحتمال لجوئه إلى الشارع لتهيئته لدعم أي مواجهة عسكرية محتملة.

رابعا: نقل أبناء القطاع إلى سيناء يعني نقل المقاومة أيضا، لأنه سيحول صحراء سيناء إلى جبهة مقاومة للاحتلال واستخدامها كمنصة لانطلاق العمليات الفدائية ضد دولة الاحتلال، وهذا خيار يتعارض مع الإستراتيجية العسكرية المصرية ببقائها على الأرض الفلسطينية.

خامسا: عدم فتح معبر رفح لإجلاء حملة الجنسيات الأجنبية إلا بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع، أي رفض صريح للطلب الإسرائيلي بدخول المساعدات هذه بالإفراج عن أسرى إسرائيليين لدى المقاومة، مثلما تشترط دولة الاحتلال.

سادسا: ستواجه مصر التصعيد الإسرائيلي بتصعيد مصري في المقابل، حتى لو تطور الأمر إلى مواجهة عسكرية، وعلمنا من مصادرنا أن هناك حالة كبيرة من الغضب في أوساط الجيش المصري ومؤسسته العسكرية.

***

اقتراح الرئيس السيسي بترحيل الفلسطينيين من أبناء القطاع إلى صحراء النقب يبدو جيدا للوهلة الأولى، لأنه يعني تطبيق عملي فوري لحق العودة، فالغالبية الساحقة من أبناء قطاع غزة جاءوا من قرى وبلدات في جنوب فلسطين، مثل بئر السبع، وعسقلان، واسدود، وحمامة، والجورة وسمسم، والقائمة طويلة.

الأمر المؤكد أن هذا الاقتراح وقع وقوع الصاعقة على المؤسستين السياسية والعسكرية في دولة الاحتلال، أعطى نتائج فورية، ويبدو أن انتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، وحامل خطة التهجير هذه وداعمها، للعواصم العربية التي زارها، قد سمع كلاما مصريا مرعبا، دفعه إلى التراجع عن خطة التهجير هذه، والتصريح بأنه يعارضها.

دولة الاحتلال، وخاصة في زمن حكومتها الحالية الفاشية، تريد التخلص من الفلسطينيين كليا أو جزئيا، وتطبيق قانون القومية، أي أن يكون هذا الكيان وطنا لليهود فقط، ولا مكان للعرب فيه، سواء كانوا مسلمين (والدروز من ضمنهم) أو مسيحيين، أي دولة عنصرية (اباراتايد) على غرار روديسيا وبريتوريا.

نشرح أكثر ونقول أن خطة التهجير هذه إلى سيناء، وجعلها وطنا بديلا لأبناء القطاع، هي مقدمة لترحيل أبناء الضفة الغربية، وافتعال حرب لترحيلهم إلى الوطن البديل الآخر في الأردن، والدعم الأمريكي الأوروبي جاهز لسياسة التطهير العرقي هذه.

أبناء قطاع غزة سيعارضون بقوة خطة التهجير الإسرائيلية الأمريكية إلى صحراء سيناء، ولن يعودوا إلى الخيام مرة أخرى، حتى لو وافقت مصر عليها، وهو أمر مستحيل، لان مصر تحمد الله ليلا ونهارا لأنها تخلصت من عبء كبير اسمه قطاع غزة بعد احتلاله من قبل دولة الاحتلال بعد حرب حزيران (يونيو) عام 1967، ولن تعود إليه مطلقا، ومن السذاجة القول بأنها تقبل انتقال مليونين من أبنائه، بكل ما يمكن أن يترتب عليه هذا الانتقال من متاعب وأزمات على الصعد كافة، إلى سيناء، ولمصلحة إسرائيلية أمنية بحته، ليس لمصر فيها ناقة أو جمل.

***

مصر وبعد ما يقرب الخمسين عاما من توقيع اتفاقات كامب ديفيد، بدأت تشعر بالعواقب العكسية لهذه الاتفاقات الكارثية التي ألغت دورها الإقليمي وريادتها العالمية، وحولتها، وهي الكبيرة جدا، إلى دولة تعيش على الصدقات الأمريكية وبعض العربية، وتواجه خطرا أمنيا مائيا يتمثل في سد النهضة المدعوم إسرائيليا وأمريكيا، ومن بعض الدولة العربية للأسف.

دولة الاحتلال تعيش حاليا حالة من الرعب والانهيار ازدادت تضخما بعد الانتصار الكبير الذي حققته حماس وفصائل مقاومة أخرى، وتمثل في اقتحامها للسياج الحدودي الذي كلف مليارات الدولارات من 80 موقعا، وتحرير أكثر من 50 بلدة ومستوطنة في غلاف القطاع، وقتل 1500 إسرائيليا، وإصابة 4000 آخرين و250 اسيرا فوق البيعة، وما هذا الحجيج المكثف لزعماء الدول الغربية بقيادة جو بايدن لتل ابيب إلا أحد أبرز الأدلة على هذا الانهيار، ويهدف لطمأنة وتهدئة نفوس المستوطنين المنهارة وروعهم، ومحاولة طمأنتهم “كذبا” على مستقبلهم، واستمرار دولتهم، والحفاظ على هيبتها، أو ما تبقى منها، ومنظومة ردعهم المتآكلة.

الجيش الإسرائيلي سيُهزم في قطاع غزة، مثلما هُزم في جنوب لبنان مرتين، آخرها في حرب تموز 2006، وهذا هو التفسير الأهم لتأجيل الهجوم البري، فالمقاومة أعدت العدة لاستقباله بالطريقة التي يستحق، واستعدت لحرب مدن وشوارع وأنفاق تجيدها ستخرج منها منتصرة بإذن الله حتما، وهذا دون أن تتلقى أي مساعدة من أحد.

أبطال القطاع وحاضنتهم الشعبية الصامدة والمضحية، لن ترهبها قنابل “هيروشيما” الإسرائيلية، ويذكر أن إسرائيل استخدمت أم القنابل “ام كاي 87” تزن 2 طن لقصف مستشفى غزة الأهلي المعمداني ليلة أمس.

عودة أبطال القطاع وأسرهم إلى مدنهم وقراهم وأرضهم في جنوب ووسط وساحل فلسطين، وليس إلى النقب فقط، وبشكل دائم، باتت وشيكة جدا، وفي إطار شرق أوسط جديد ليس فيه مكان لدولة إسرائيل العنصرية، ولا نفوذ لأمريكا، والفضل، كل الفضل، لسواعد المقاومة وصواريخها ودماء الشهداء الأبرار.. والأيام بيننا.

أقرأ أيضا:عطوان يتساءل:هل غزة دولة نووية واكبر من روسيا حتى ترسل الولايات المتحدة حاملة الطّائرات “جيرالد فورد” إلى شواطئها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى