بلومبيرغ:الصراع والتنافس السعودي الإماراتي يهدد جهود إنهاء الحرب في اليمن
بلومبيرغ:الصراع والتنافس السعودي الإماراتي يهدد جهود إنهاء الحرب في اليمن
الخميس14سبتمبر2023 قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن الخلاف السعودي الإماراتي يهدد الجهود الأمريكية لإنهاء حرب اليمن ويعرض آفاق السلام للخطر في البلد الذي مزقته الحرب منذ سنوات.
حيث برز اليمن،البلد الفقير والمقسم والمتضرر من عقود من الصراعات المتعاقبة، كنقطة خلاف رئيسية بين ولي العهد السعودي ورئيس الإمارات محمد بن زايد، في الوقت الذي تفسح فيه العلاقات التي كانت دافئة في السابق المجال لانعدام الثقة والتنافس على القيادة الاقتصادية والسياسية للشرق الأوسط.
وذلك لدعم أبو ظبي الأنشطة الانفصالية في جنوب اليمن خاصة في محافظة حضرموت لضمان استمرار سيطرتها على الموانئ اليمنية ومنابع النفط والغاز اليمني.وهو الأمر الذي لا يمكن أن تسمح به المملكة، والتي تعتبر محافظة حضرموت جزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
كذلك هناك عوامل تعتبر من ابرز أسباب الصراع بين الرياض وأبوظبي،وهي قدرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الظهور بشكل متزايد كزعيم إقليمي بلا منازع في كل شيء ،من الأعمال إلى الطاقة إلى السياسة الخارجية، مما أدى إلى المزيد من المشاحنات بين الحلفاء التقليديين في أوبك والإحباط بشأن محاولة استبدال دبي كمركز تجاري في الشرق الأوسط، فضلا عن الخلافات حول كيفية التعامل مع المنافس المشترك إيران، خوفا من سحب البساط من تحت أقدام محمد بن زايد.
لذلك تصاعدت التوترات بين القوتين العربيتين الخليجيتين داخل وخارج ساحة المعركة اليمنية لسنوات.
واستمرار الخلافات بين المملكة والإمارات يهدد الهدنة الهشة مع صنعاء ، وتهدد بالتصعيد إلى جولة جديدة من إراقة الدماء بين الجماعات الوكيلة المدعومة من الإمارات كقوات المجلس الانتقالي من جهة ،وقوات الحكومة المعترف بها دوليا والمملكة من جهة أخرى والمشاركة بشكل مباشر في الأحداث على الأرض.
وقال أحمد ناجي، كبير محللي الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية، إن “اليمن أصبح ساحة صراع بين المملكة والإمارات للتنافس وتصفية حساباتهما من خلال وكلاء محليين، مما يقلل من فرص التوصل إلى تسوية سياسية”.
وتعد الأسابيع المقبلة حاسمة حيث تستعد المملكة لجولة جديدة من المحادثات مع قادة أنصار الله في صنعاء، الذين هددوا يوم الأحد الماضي باستئناف هجماتهم على المملكة، بما في ذلك مشروع نيوم العملاق، ما لم تتم الاستجابة لمطالبهم الإنسانية بالتعويضات وحصة كبيرة من عائدات النفط والغاز، لصرف رواتب الموظفين ،ويأتي ذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه الخلافات مع الإمارات بشأن قضايا أخرى.
كما تلاحظ المملكة تطاول اذرع الإمارات في اليمن حيث بدا عيدروس الزبيدي، الذي عادة ما يرتدي حاليا نظارة شمسية وبدلة أنيقة، أشبه بالرئيس المنتظر أكثر من كونه متمردًا على الدولة حسب وصف المملكة،يتجول في الشوارع، وهو يلوح من البرج المفتوح لمركبة همفي عسكرية وخلفه مركبات مدرعة وسيارات الدفع الرباعي اللامعة،وسط هتاف أنصاره دعما للدولة المزعومة وامتنانا لمؤيديهم الأثرياء في الإمارات.
دخل هذا الخلاف الطويل الأمد مرحلة جديدة خطيرة مع زيارة الزبيدي للمكلا، حيث أعلنت القوات المدعومة من الإمارات عن خطط لتوسيع نطاق وصولها، والمطالبة بالسيادة على حضرموت بأكملها، أكبر محافظة في اليمن والتي تضم 80٪ من نفطها.
وفي الوقت نفسه تقريباً، هبطت طائرة تابعة للقوات الجوية السعودية في مطار حضرموت الرئيسي لنقل القادة المحليين، بما في ذلك المحافظ، إلى الرياض حيث أعلنوا عن تشكيل لجنة إقليمية جديدة لمواجهة الانفصاليين. كنموذج يخطط السعوديون لتكراره في جميع أنحاء الجنوب لمنع أي محاولة للاستقلال.
وتعد حضرموت موطن أجداد بعض أبرز العائلات التجارية والمصرفية في السعودية، وتشترك في حدود طويلة يسهل اختراقها مع المملكة وقال أحد كبار مستشاري الحكومة السعودية إن الرياض تنظر إلى المنطقة على أنها جزء لا يتجزأ من أمنها، كما أن احتمال قيام دولة تسيطر عليها الإمارات على حدودها لم يلق قبولاً لديها.
ولتعزيز سيطرتها على حضرموت، قامت السعودية بإنشاء وتمويل وتدريب قوة شبه عسكرية يمنية جديدة تُعرف باسم درع الأمة، والتي تجذب المقاتلين من الفصائل المدعومة من الإمارات بأجور ومزايا ثابتة، وفقًا لمسؤولين وباحثين يمنيين على الأرض.
وكان وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، شقيق الحاكم الفعلي للمملكة ورجله الرئيسي في اليمن، غاضبًا من هذا المشهد الذي بدا وكأنه يتحدى علنًا جهود بلاده المشحونة لإنهاء الحرب الكارثية في الجوار، وفقًا لثلاثة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالوضع.
وللسيطرة على أطماع الإمارات أرسلت السعودية في يونيو الماضي رشاد العليمي إلى حضرموت حاملا وعود بمزيد من الحكم الذاتي و320 مليون دولار لمشاريع محلية.
وقال مسؤول أمريكي، طلب عدم ذكر اسمه بسبب المناقشات الحساسة الجارية، إن واشنطن تعمل من خلال “القنوات القائمة” نحو “وقف التصعيد والتوصل إلى حل دائم للصراع”.
وبعد استئناف المملكة للعلاقات الدبلوماسية مع إيران في وقت سابق من هذا العام،بدأت في محادثات مباشرة مع أنصار الله بصنعاء بعد سنوات من الغارات الجوية والحصار الاقتصادي الخانق الذي فشل في اخراجهم من العاصمة صنعاء.
يقول فارع المسلمي، الخبير اليمني والباحث في مركز تشاتام هاوس البحثي في لندن: “بعض الناس يحبون جمع الطوابع والعملات المعدنية”، أما “الإمارات فتحب جمع الموانئ” وترى أن مصالحها تخدم بشكل أفضل من خلال المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي بقيادة الزبيدي، الضابط السابق في الجيش في الستينيات من عمره ويعمل اسمياً نائباً للعليمي، وقد اشتبكت قواته مع قوات الحكومة المعترف بها دوليا في عدن أكثر من مرة.
وشبه المسلمي من تشاتام هاوس المجلس الرئاسي اليمني بـ “زواج غير سعيد مرتب”.
وتؤدي المواجهة بالفعل بين الحلفين الإمارات والسعودية إلى تعقيد الجهود الرامية لتحويل الهدنة المبدئية المعمول بها مع صنعاء منذ أبريل 2022 إلى اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار – ودفع محادثات السلام بوساطة الأمم المتحدة.
وتقول إليونورا أرديماني، باحثة أولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية: “إنها مركز التنافس الإماراتي السعودي في اليمن”.
اقرأ أيضا:صنعاء تسلم كشوفات رواتب الموظفين وأنباء عن لقاء عبدالسلام بولي العهد السعودي بمسقط