اخبار محليةكتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن العنصرية وعلاجها

  الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن العنصرية وعلاجها

يوميات البحث عن الحرية .. العنصرية بكل صورها وألوانها مرض علاجه دولة المواطنة المتساوية!

الاثنين3فبراير2025_

  • عبد العزيز البغدادي

هناك حديث ينسب للرسول صلى الله عليه وسلم ضاع بين أكوام التراث الإسلامي المختلف ، وعمر الاختلاف كما يؤرخ له البعض يبدأ بواقعة سقيفة بني ساعدة أي  بوفاة الرسول في 8يونيو 633 م الموافق 13ربيع أول 11هجرية ليكون الدين وتقوى الله وصك الغفران ملك يمين الخلفاء والأئمة والسلاطين الذين استباحوا نهب حق الأمة في حرية اختيار حكامها .

 وحين وصل العالم المتقدم إلى ما وصل إليه من التقدم العلمي والسياسي والديمقراطية قلنا إنها ديمقراطية زائفة وأننا السباقون في كل العلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية مستدلين بتذكر الفارابي وابن سيناء وابن رشد وابن حيان والفارابي  وأبو حيان التوحيدي وجماعات المعتزلة وإخوان الصفاء وابن المقفع وسلسلة طويلة من العلماء والشعراء والمفكرين والفلاسفة .

متناسين ما أذقناهم من ويلات التكفير والتفسيق وكل من سار على المنهج العقلي باعتبار العقل رسول الله إلى كل عاقل وهو الحكم على المتون (النصوص) الأصلية والمفسر للغامض منها  وما تبع ذلك من الإقصاء والسجون والإعدام!.

وحرَّمنا الفلسفة وكل العلوم وجرمناها وتصدينا لرموز الفلسفة التي نتجت عن التلاقح الفكري والمعرفي مع الفلسفة والثقافة اليونانية والرومانية .

نص الحديث الضائع المشار إليه في بداية اليومية: (كل نسب وهم)!.

وضياعه أو ضياع الاهتمام بالعمل به يؤكد نظرية المؤامرة المختلف حول وجودها وحول مستواها ومنها ما يعرف بالإسرائيليات المدسوسة منذ وجدت قياساً بالأحاديث الضارة.

والدس مهما كانت نسبة صحته واقعة مهينة بحق من جعل ويجعل منها مبررا لما عاشته وتعيشه الأمة من جمود وضياع فكري وعلمي وإنساني وتخلف عن ركب حضارات الأمم التي تمضي بصورة مذهلة في كل المجالات المادية والفكرية.

استلاب امة بهذا الحجم يجعل وجودها أقرب إلى العدم.

ببساطة شديدة لأن من يمسك بزمام التأصيل للأنساب يرمي إلى جعل الأصل البيولوجي معيار الأحقية في الحكم، والصراع الدموي من اجل بقاء الإمساك بنار التسلط بدلا من تنمية خيار الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة باعتبارها أمانة ومسؤولية وليست غنيمة!.

مازلنا نعيش عصر الغنائم والسبايا بسبب اتخاذ الجمود الفكري سياسة ننظِّر لها وننفق في سبيلها الأعمار والأموال والطاقات وكأن الزمن قد توقف أو يجب أن يتوقف عند عصر الإمامة والخلافة.

لابد للعقل والحكمة الحقيقيتان أن يسودا إذا أردنا الخروج من دوامة العنف، لابد أن ندرك بأننا لسنا الوحيدين في هذا العالم وأن إمكانية بناء أسوار العزلة لم تعد ممكنة، العالم تعدى وصف كونه قرية، دخل عبر الإنترنت والهاتف الذكي إلى جيب كل إنسان في هذا العالم!.

بهذا المنطق رأينا العزيز الشهيد يحيى المتوكل جمهوريا وهو كذلك بنظر رفاق ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي شارك فيها بإخلاص وبسالة ولم يكن إماما جمهوريا.

ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لم تكن ثورة ضد طائفة أو مذهب أو عرق مهما ارتكبت في فجرها من أخطاء فقد رأينا كم ارتكبت من أخطاء في كل المراحل التي لا يؤمن أصحابها بسبتمبر وإن أدعو خلاف ذلك الأخطاء التي ارتكبت لابد أن تشملها منظومة العدالة الانتقالية حين نصل إلى نظام سياسي يعي ماذا تعني العدالة الانتقالية.

ثورة 26من سبتمبر شارك فيها الشعب بكل فئاته ومناطقه وإنتماآته من قحطانيين وهاشميين وقبائل وحرفيين وصناع ولعل أهل الحرف والصناع هم أكثر فئات الشعب حيوية ووعي بالحياة!.

 الثورة الحقيقية تتمثل فيما تصل إليه من نظام سياسي واقتصادي وقانوني يدعم استمرار نمو الحقيقة كما ينمو كل مخلوق من خلال تصحيح الأخطاء والاحتفاظ بحيوية الفعل وليس رد الفعل فردود الأفعال والانتقام ليست من سمات الثوار الحقيقيين.

نعم إننا بدلا من تأمل حديث: (كل نسبٍ وهم) ومعرفة خطورة هذا الوهم كمرض تجاوز عمره ألف وأربعمائة عام، وبدلاً من ولوج عالم دولة المواطنة المتساوية كأحد شروط الدولة العادلة التي نتحدث عنها وندعو الله بأن ينزلها علينا مائدة من السماء إذا بنا نجد أنفسنا نغوص في عمق التيه وبحر الظلمات ونتمسك بإيديولوجيات الموت والظلال  ومن علامات هذا الظلال تعمق التفاخر بالأنساب واعتبارنا داء الوهم علماً وأسميناه (علم الأنساب ) .

سند الحديث تستغرق عند المشتغلين به عدد من الصفحات كما هو حال صحيح البخاري في سرد أسانيد الأحاديث بهدف واضح في نظر من يُعمل عقله وهو إشغال الناس بالقائل والانصراف عن مدى عقلانية القول!.

كل المسائل التي تناولتها مقالاتك الجميلة قضايا خلافية ولا بأس من تناولها وبخاصة بعقلية منفتحة شابة كعقليتك التي خبرتها منذ وقت مبكر ولكن كنت أتمنى من هذا العقل الجميل أن ينشغل بمسائل علمية أكثر أهمية وهذه أمنية أب.

لا تعني أبدا عدم أهمية هذه القضايا بل على العكس ربما تكون أكثر أهمية حينما يتم تناولها بعقلية تميل إلى الحيادية وعدم التمترس خلف مذهب بذاته أو طائفة بعينها، لأن الطائفية المقيتة والعنصرية البغيضة عائق أمام دخولنا عالم الإنسان الحر المحب للعدالة والعاشق للحرية.

ولا ألمِّح أو أصرح بعكس ما أرى فيك من حرص على التفكير التواق إلى معاني الحرية والعدالة والسلام، وفي الكتاب الكثير من الإشارات الإيجابية المتجهة نحو هذا الهدف.

هذه رسالة أبوية أولية وليست قراءة نقدية، سأترك هذا للنقاد المحققين المدققين وسيكون لي قراءات لاحقة.

قد لا نفرق بين قول وفعل

فعل وفاعل

لا نرى كيف يحكمنا الموت

وتعذبنا أكاذيب الروايات

يقتلنا التراث

يمزق أعمارنا بين هزل

وجد يشبه الهزل

ينثرها في الفضاء.

اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن صناعة النصر والهزيمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى