اخبار محليةكتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الثورة وجامعة الخيبات العربية!

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الثورة وجامعة الخيبات العربية!

    عن أي ثورة نتحدث؟! .. (4) -الثورة وجامعة الخيبات العربية!

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين10مارس2025_

من عجائب الحكام العرب الذين يمثلون شعوبهم عملا بمقولة: (كما تكونوا يولَّ عليكم كحقيقة معاشة شاءت الشعوب أم لم تشأ!:

من هذه العجائب إطلاق وصف: (الطارئة) على معظم اجتماعات جامعتهم الموقرة!!، ومصدر العَجَب أن الصفة عادة تتبع الموصوف لغة واصطلاحاً أي أن الاجتماع الطارئ يعقد لمواجهة حالة طارئة أو خطر داهم يجب على المجتمعين بحث كيفية إيقاف الخطر ومواجهة أسبابه، فمتى حدث هذا في تأريخ هذه الجامعة؟!.

آخر اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 4/ 3/ 2025 من الشهر الجاري أي بعد أكثر من عام ونصف من أخطر إبادة جماعية تعرَّض لها الشعب الفلسطيني وقطاع غزة على وجه الخصوص بذريعة دفاع المحتل الإسرائيلي عن نفسه نتيجة ما أطلق عليه (طوفان الأقصى) ولا يهم أن يبق الفلسطينيون تحت الاحتلال والحصار والإبادة الممنهجة المستمرة،كما طرح في الاجتماع كالمعتاد بروتوكولياً المستجدات في سوريا واليمن والسودان وباقي الأقطار العربية.

من أطلق على القمة وصف الطارئ يهزأ بالرأي العام العربي وبالإنسانية ودون مبالاة!.

 وفي اعتقادي أن تقييم ومحاسبة العملية الحمساوية وتأثيرها على القضية الفلسطينية استراتيجيا وسياسياً حقٌ حصري للشعب الفلسطيني وقواه الحية وفصائله التي تعاني من الضغوط والتعقيدات التي يصعب بيانها في هذه العجالة، وليس للسلطة الفلسطينية والنظام الرسمي العربي هذا الحق، ومناقشة ذلك يحتاج لبحث مستقل!.

القُمَّة كما يرى البعض كُرِّست وفق هذه المعطيات لتكون منصة لدعم العدوان على غزة والقضية الفلسطينية عامة،لا للدفاع عنهما وبتمويل بعض الدول الخليجية  الممولة للأنشطة المشبوهة ضد فلسطين والأقطار التي يفترض أن الجامعة تمثلها، إنها تمثل أنظمة حالها بات مكشوفاً!.

والإنسان العربي لا حول له ولا قوة منذ زمن، ولهذا فإنه لم يعد يرجوا من هذه المنظمة سوى أن تغلق أبوابها وتغور!.

انضمت قُمَّة القاهرة الأخيرة إلى مسيرة قُمم الخزي والعار المستمرة والتي تعكس ما وصل إليه حال الارتهان العربي لمخططات الكيان الصهيوني!.

لم يعد هناك مجال لتعمد نفي وجود نظرية المؤامرة، ولا لتصديق ما يطلقه ما يسمى محور الاعتدال باسم السلام أو الخلط بين المقاومة الحقيقية والمقاومة عن طريق الانتحار بالخطابات الفارغة والطنطنة، مقابل الإبادة المستمرة بأفتك الأسلحة كلاهما شركاء في صنع النتيجة التي وصل إليها واقع الأمة!.

يدعم كل ذلك إسهام منهج الإعلام العربي المدمر فيما آلت إليه الأحوال وهذا الفصل الحاد بين أقوال الحكام وأفعالهم، والخطابات الفارغة والعنتريات التي ما قتلت ذبابة حسب الشاعر العربي السوري الراحل نزار قباني فقد اعتاد الزعماء العرب على جلد أسماعنا ونهب أرواحنا بالجملة.

وفي اجتماعهم الأخير بالقاهرة بكامل أناقتهم الشكلية في القاعات الفخمة كرسوا نفس العادة غير مبالين بمشاعر أسر شهدا غزة ومن لا يزال أقاربهم مفقودون أو تحت أنقاض المدينة التي جرى دكها وسحق عظام الآلاف من أبنائها على مرأى ومسمع العالم الذي فقد سمعه ووعيه بالتضليل والخداع الإعلامي الذي صار سيد الموقف بإشراف قائد الفراغ المهيمن على كامل الحياة ، بل بلغ الحال برئيس الولايات المتحدة الذي يعبر عن سياساتها التي لا ترض الإنسان الأمريكي الطبيعي بالتأكيد!.

ومع ذلك يخطئ من يصف الرئيس ترامب بالمعتوه ، فهو بالتأكيد ليس له أن يكون معتوهاً على هواه ، فجنون الرؤساء في أمريكا جنون مؤسسي يمثل الدولة العميقة ومن صوت للمعتوه ، فوسائل التلاعب بالعقول والجيوب والمصالح تزدهر!.

من يصف ترامب بالمعتوه يتجاهل أن جنون الرؤساء في أمريكا له حدود يعجزوا عن تجاوزها ليس تعففاً أو تبصراً أو خشية من الله أومن أي اعتبار.

السياسة عندهم تعني المصالح المتوحشة المحكومة بالدستور والقانون والسياسات المؤسسية المرسومة وكفى، على العكس من الرؤساء والملوك والسلاطين والأمراء العرب، فهم يملكون الأرض ما فوقها وما تحتها ويتصرفون بها في سبيل حماية عروشهم دون رقيب أو حسيب!.

أوضاع البلدان العربية بالتأكيد كانت بحاجة إلى ثورة يفترض أن تكون شعبية  سلمية لو توفر الوعي الذي يحميها من الثورات المضادة ، ولكن بدلا من ذلك جرى استخدام حالات الاحتقان لترتيب ثورات مهرجانية أدت في كل الأقطار التي شملها ما أطلق عليه ثورات الربيع العربي إلى حالة من الهوان يصعب وصفه !.

أي عقل يقبل بأن تطلق صفة الثورة على ما آلت إليه من تردي في الأوضاع المعيشية والسياسية وانعدام الأمن والعدالة للبلدات التي قيل بأن شعوبها ثارت لمجرد خروجها إلى الشارع بمجرد الهتافات الميتة المميتة، وأي ربيع هذا الذي يطحن شعوبه الفقر والجوع والخوف والمرض والتخلف والخطابات التي تنتج الجهل وتسحق العقول؟؟!!.

بلدان ثورات الربيع المضادة تمتلك من الموارد والقدرات ما يجعلها من أغنى دول العالم وبعضها صارت بعد الحلم بالثورة أعجز من ذي قبل عن استخراج ثرواتها واستغلالها فأي ثورة هذه ؟!!.

جامعة الدول العربية تثبت كل مرة وفي كل قُمَّة أنها بين العوامل المعيقة لقيام ثورات سلمية علمية حقيقية وأنها تعمل بكل همة ضد إرادة شعوب الدول التي تمثلها وتستخدم في دعم الثورات المضادة بكل أشكالها !.

خلاصة القُمَّة الأخيرة وخطتها تعني ببساطة شديدة أن على العرب وبخاصة الدول الممولة للخيبات العربية إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل لا لإعادة الفلسطينيين الغزاويين إلى منازلهم التي دمرت، وإنما لأهداف استثمارية على وزن (استعمارية أو استحمارية)، واستعدادا لجولة جديدة من التدمير المقبل واستمرار قتل المدنيين دفاعاً عن نفس إسرائيل فحقها في الدفاع عن نفسها حق مقدس ولو أبيد جميع الفلسطينيين طالما أن هناك جامعة اسمها جامعة الخيبات العربية!!.

نحن وإياكم في بحر الأوهام

في ساحة هذا العبث الدائر

بين الحق وبين الباطل

نركع بالصمت

نتمرغ في وحل التصفيق

ونلهو بالموت بالخطب المجنونة

نحن وإياكم ملء الخيبة قادتنا

نتسلى بالكلمات ونقتات الهذيان

اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الثورة التي لم تكتمل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى