إبراهيم بن على الوزيرنافذة على كتاب

نفحات من كتاب لكي لا نمضي في الظلام ( الحلقة 13)

نفحات من كتاب لكي لا نمضي في الظلام ( الحلقة 13)

نحن ننظر إلى مآسي اليمن على مدى التاريخ وما تسببت به تلك الدويلات من الحكم الفردي إلى الارتباط والتقيد بما جاء في وثيقة الإمام الهادي وهي شروط لمن يتولى الخلافة في اليمن، ولكن ذلك ماضي لا نتكلم فيه وإنما نتكلم عن ما حدث من انتكاسة لثورة 1948م وما بعدها، وبين أيدينا كتاب للمفكر المجاهد إبراهيم بن علي الوزير يرحمه الله ( لكي لا نمضي في الظلام ) هذا العنوان كافي لإحياء ضمير أمة وانتزاعها من فم الأسد إلى روح العدل وروح السلام، إنه عنوان نكتفي به لكي ينير طريقنا ولكننا سوف نفتح مداخله لأن فيه نبأ ما قبلنا أي ما بعد ثورة 1948م وفيه نور لنا ونور لما بعدنا. هذه حقيقة لا يمكن أن نتغافل عنها ويجب أن نمشي وفق منهج هذا النور الذي عبّده مفكرنا العظيم بأحرف من نور ليس من أجله وإنما من أجل أمة ومن أجل رفع هامات الأمة خفاقة بين الأمم المتقدمة صناعياً وسياسياً واقتصادياً. إننا نوضح للقارئ الكريم ولكل مطّلع عما تحدث به وكتبه مفكرنا في كتابه المذكور ونقتبس من ذلك الكتاب ” (احذروا الانتهازية، فلحمتها وسدها نفاق، وادرسوا تاريخها وافتحوا أعينكم على تحركاتها وأزيحوا عنها ستار التضليل تبدوا عارية على حقيقتها)  .. ” انتهى الاقتباس.

إن الانتهازية وباء وبداخلها مرض فعلينا أن نحذر منها وأن نكون يقضين كل اليقظة لأن الانتهازية لا تريد لنا النجاح ولا تريد لنا التحرر وإنما تريد لنا الاستعباد وإبقاء الطغاة كما هم لخدمة الاستعمار وعملاءه والاستبداد الخارجي، فلنكن كما حذرنا مفكرنا الكبير يرحمه الله، حينما حذرنا من الانتهازية فنكون شديدي الحذر منها وعلينا كشف عوراتها حتى تبدوا واضحة لكل مطّلع وكل قارئ فالانتهازية لا تريد إلا السطو والإذلال للشعوب العربية والإسلامية وعلينا أن نكون بالمرصاد لكل الانحرافات الخاطئة التي نتلمسها في واقعنا اليومي. إننا بحاجة إلى يقظة عما تواجهه الأمة من أخطار محدقة تتربص بنا ليلاً ونهاراً لتقضي على مشروعنا الذي أوضح خطواته مفكرنا الكريم من أجل الأمة ومن أجل الشعوب لكي تبصر الحقيقة وتبصر النور الساطع المتطلع إلى أشعة الكواكب في الليل المعتم لأننا نهدف إلى تربية جيل وتربية أمة كما علمنا مفكرنا ولكننا لا زلنا نقتبس من كتابه المذكور. ” ولكن القوى المخلصة الواعية كانت بالمرصاد ضد تلك الانحرافات الخاطئة.. إن الانتهازية لعبت دوراً مشيناً أدى إلى أخطاء لا تغتفر فكان على المخلصين عبء تصفية انتهازيتها المواجهين للحركة واللاعبين على الحبال العديدة. لقد كان الواجب وضع حد لسياسة اللعب على الحبال، سياسة الوجوه العديدة، وكانت مأساة انتفاضة الجيش تلك المأساة المزدوجة التي بينت التضاد والتناقض الذي تعيش فيه أمة !! فكان السبب الذي جمع صفوف الجيش مأساة! وكان اختيار القائد لهذه الفرصة مأساة! وكان اخراج هذه الانتفاضة وتفصيلها مأساة! وكان موقف من أقاموا أنفسهم سدنه على الشعب يتكلمون باسمه مأساة أيضاً !! وقد كان المقدم أحمد الثلايا يعي مسئولياته إزاء الشعب إذ رأى نفسه الوحيد الذي نجته الصدفة من سيف الجلادين عام 1367هـ (1948م) ورأى زملائه بين مقتول ومرمي به في السجون وكان يعمل ويتلمس أسباب الخلاص، ولما كان الجيش في اليمن ليس كسائر جيوش العالم كان من الصعب سيطرته على الأمور، إذ إن الجيش عبارة عن محصلي ضرائب الحكومة من حاملي البنادق كما أنهم يحصّل رزقه من الفلاحين في نظام ( التنفيذ ) البشع، ذلك النظام الذي – إلى جانب إفقار الشعب كثيراً ما تسبب في إراقة الدماء بين الفلاحين والجنود وكان السبب الذي دفع الجنود إلى التكتل أول مره، إنما هو البيان الواضح للمأساة التي يعيش فيها الشعب، أولئك الجنود أيضاً، فبينما كان بعض الجنود يحتطب حصل احتكاك بينهم وبين القرية التي كانوا يحتطبون في ضواحيها فكان قتل ! كان حريق بيوت الفلاحين في صورة الغضب الطاغي فكانت فرصة للثورة !! وصارت الأمور في غير حزم فكانت مأساة الأيام السبع، كانت الانتهازية تعمل لتحصل على الثمن، فكانت مهمتها التضليلية القذرة تعطيل القوى الشعبية من أي شيء، قد يقفز بها خطوات إلى الأمام ! .” انتهى الاقتباس.

إن مفكرنا الكريم تحدث عن انتفاضة الجيش عام 1955م في تعز التي أدت إلى قضاء الإمام أحمد على تلك الانتفاضة وأعدم من أعدم من إخوانه وقائد الجيش آنذاك المقدم أحمد الثلايا الذي نجا من سيف الإمام أحمد في حجة، ولكن ما لحق به هو وزملائه في الانتفاضة المذكورة كانت مأساة عظيمة خيمت على الشعب اليمني سبع سنوات عجاف حتى توفى الطاغية وقامت ثورة 26 سبتمبر ولكن تلك الثورة لم تحقق شيء من أهدافها لأنه حصلت انقلابات بأيدي من يسمون انفسهم بالجيران حيث كان المندوب السامي لا يعين أي مدير مديرية إلا بموافقته وكانت الوزارات والوكلاء ورئاسة الوزراء وكل موظف حكومي لا يتوظف إلا بموافقته طوال تلك الفترة وأي تحرك ينتاب المندوب السامي الشك فيه يقوم بانقلاب سواء على الرئيس أو الوزير أو رئيس الوزراء أو المدير العام، فذلك كان عمله تحت إشراف اللجنة الخاصة بالرياض التي لازالت تعمل إلى الأن وكل مأسي اليمن كانت تحدث من قِبل الجارة الشقيقة والرقيقة لنا منذ 1948م وحتى يومنا هذا ونحن وهم في صراع مرير وما تحدثنا به وما قلناه هو خارج الاقتباس ولكن أردنا التوضيح لأن كل المعطيات والمواقف مرتبطة ببعضها البعض، هذه هي مأساة شعب وهؤلاء هم الانتهازيون ليس علينا فقط وإنما على المنطقة والعالم الإسلامي بأسره فعلينا الحذر من الانتهازية التي تلعب من خلف الكواليس وإذا احتاجت ظهرت بأكملها. نحن شعب لا نقبل الانتكاسات أو الهيمنة فلقد خُلقنا أحراراً وسوف نبقى أحراراً على مدى التاريخ فلندعو إلى الوحدة ولندعو إلى الخلاص من الطغاة الذين أبوا إلا أن يبقوا طوال أعمارهم وتوريث الحكم لإخوانهم أو أبنائهم. إن الطغاة يعملون ليلاً ونهاراً من أجل بقائهم وبقاء المشروع الذي جاءوا من أجله وهو خدمة الاستعمار بوسائل عدة.

 اقرأ أيضا:نفحات من كتاب كي لا نمضي في الظلام (الحلقة الرابعة)

shababunity@gmail.com

بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى