يوميات البحث عن الحرية .. غزوة ترامب الكبرى!

يوميات البحث عن الحرية .. غزوة ترامب الكبرى!
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين7يوليو2025_
هناك من يستمتع بما يفعله ترامب ويصفه بالرئيس الأكثر همجية مع أنها لا تخرج عن سيطرة الدولة العميقة لا يهم من تخدم!.
والمستمتعون بذلك يستثمرون في ذات الوقت عبثية واستهتار حكام الجزيرة والخليج المقامرين بالمال العربي خدمة لرعونة ترامب المقدسة!.
والفارق واضح بين الهمجية الموظفة لمصلحة من يمثل قرارا مدروسا ومن يمثل مزاجا مهووسا بالسفه الذي ولد في أعماقه وليس له فيه اوعليه سلطان وإن تناسل من سلالة من يضنون أنفسهم ملوكاً جاءت بهم الأقدار!.
هناك ملوك بذلوا جهودا في الوصول الى الملك اللعين والتشبث به وهذا مرض أصاب كل مهووس بالسلطة مهما أهدر من دماء في سبيلها!.
هؤلاء المهووسون هم من رقصوا فرحا باستقبال الحلَّاب ترامب معبرين عن امتنانهم لمبالغته في إذلالهم وإن مثلوا دور الأعزاء!.
أربعة ترليون دولار قدموها عربون البدء بتنفيذ صفقة التركيع التي يسميها الواقعيون الجدد الشرق الأوسط الجديد مستبشرين معبرين عن الكرم العربي الذي لا مثيل له!.
رموز الكرم الخرافي لا يعلمون كيف أصبحوا منافسين لمن يحلبهم بحجة حمايتهم من جيرانهم ، إنهم منافسين من بوابة إهدار أموال الأجيال القادمة من أبناء الأرض المحلوبة وليس لهم في هذا الباب منافس !.
بل لا حاجة للمنافسة فصناع العالم ومبدعوه سخرهم الله للنائمين على ظهر الصحراء وفوق جثامين أحلامهم!.
هؤلاء المنافسون مع الأسف هم إخوتنا المشغولون بتبادل الأحقاد التاريخية والمختلفون حول هُوية الخليج هل هو عربي أم فارسي مستخدمين الأديان والمذاهب، لا يرون أن واقع الحال يقول بأن المهيمن على الخليج والمنطقة لا علاقة له بها ولا بتاريخها ، ولكنه من يصنع حاضرها ومستقبلها وهذا لم يعد يخفى على أي أعمى!!.
بعض إخوتنا في الخليج والجزيرة بغوا وتكبروا علينا مع أن للأخ على أخيه والجار على جاره حقوق من يقدرها ويرعاها يقدر نفسه ويرعاها ولا نطلب منهم سوى أن يتركونا نبني وطننا اليمن وفي ذلك خير للجميع!
الأرض والطبيعة تعرف أضعاف ما يعرف الإنسان أحيانا!.
أن الدولة اليمنية التي يعيقون بنائها لن تكون إلا عونا لهم وأمنا وسلاما يعم المنطقة والعالم.
كان أملنا ولا يزال أنهم إخوة كرام ، ولكن الأخ الكريم لا يؤذي جاره ومن يقرأ تاريخ اليمن جيدا يدرك أن اليمنيين لم يعتدوا على احد من جيرانهم عبر تأريخ اليمن على عكس ما فعله ويفعل بهم بعض الجيران !.
أن الخوف من النظام الجمهوري غير مبرر وما ينظم علاقات الدول هو الاحترام المتبادل وليس التدخل والعدوان بخلق المبررات والأعذار.
لكل شعب خصوصيته واليمن شعب متعدد الانتماءات الحزبية والسياسية والدينية والمذهبية، والنظام الجمهوري والديمقراطية أساس الدولة اليمنية الموحدة ، قامت وحدة 1990 تأسيسا على احترام التعددية في إطار الوحدة وخارجياً عل احترام ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية .
هذا ما يضمن السلام داخل هذا الوطن المتعدد ولا بقاء فيه لغير الديمقراطية والجمهورية والوحدة مهما كانت الممارسات المناهضة لذلك ومن أي مصدر كان
وقد بات معروف لدى اليمنيين من تلاعب ويتلاعب بالوحدة اليمنية ودعم ويدعم النزعات الانفصالية!.
الخطر الحقيقي يكمن في إعاقة التنمية في اليمن ، وتنمية وتغذية مراكز القوى بواسطة ما يسمى اللجنة الخاصة التي نراها مركز اعتداء على سيادة اليمن ، ولو أنفقت السعودية ما تنفقه على المرتزقة لكان خيراً لها ولليمن لكنها سياسة تقوم على المكر السيئ الذي سيحيط بأهله مهما طال الزمن !!.
السعوديون والإماراتيون بصورة خاصة بحاجة إلى مراجعة أنفسهم وتعديل بل تغيير سياساتهم وعلاقاتهم تجاه اليمن واليمنيين وقبل ذلك الاعتراف بخطايا التدخل في شئونه!.
هذه الأمنيات قد لا تجد استجابة ، ولكن أول خطوة لليمنيين كي يستعيدوا سيادة وطنهم تبدأ بمراجعة علاقتهم بأنفسهم ، والبحث عن الطريق الأمثل لإنهاء حالة الانقسام البائس ووضع حد لكل من يتدخل في شؤون وطنهم ، هذا ما يصد كل الرغبات المجنونة في التدخل في شؤون الآخرين!.
وبالمناسبة أجد من المناسب أن نحيي دولة الكويت الشقيق التي اعتقد بأننا نحن اليمنيين مدينين لها باعتذار عما بدر خلال الاعتداء عليها نتيجة قرار سياسي خاطئ، فدعمها لليمن بشطريه منذ قيام ثوره 26 من سبتمبر كان سخياً لم تفرق في تقديمه للشطرين حينها بين الجمهورية العربية اليمنية الشطر الشمالي سابقا والتي كانت من الدول المنظمة لحركة عدم الانحياز وحافظت على هذا النهج إلى الثمانينات .
واثر دعمها على كل أنحاء اليمن في مجال العلم، حيث أنشأت ومولت إنشاء وتمويل إدارة جامعة صنعاء وانتدبت لها أفضل أساتذة وكثير من المعاهد والمدارس والمنشئات التعليمية وقدمت المنح الدراسية السخية لأعداد من أبناء اليمن شمالا وجنوبا ، و في مجال الصحة أنشأت عدة مستشفيات منها مستشفى الكويت الذي زودته بأحدث أجهزة الطب والمعدات الحديثة وكان نموذج للخدمة الطبية المجانية عالية المستوى .
كما ساعدت بسخاء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية المحسوبة على المعسكر الاشتراكي في مختلف المجالات الصحية والتعليمية ومختلف المجالات!.
وكلما قدمته دون من أو استعلاء أو أي شكل من أشكال التدخل فلها من كل يمني اجل التحايا والامتنان.
اليمن بحاجة لأن يتعامل معها الجيران والعالم بنفس الروح الكويتية!.
مع العلم أن اليمن سيكون أكثر قدرة على دعم الجميع إذا ما ترك لأبنائه الشرفاء فرصة بناء وطنهم دون تدخل!.
والبداية باحترام منطق الشراكة الوطنية الحقيقية بين اليمنيين والمدخل للبحث عن أكثر الطرق نحو إنهاء حاله الانقسام الخطير الذي تعاني منه اليمن.
ويجب أن يكون هذا الموضوع الأولوية الأهم والأكثر إلحاحاً في هذا الظرف العصيب والى حين تجاوزه.
وليتحقق لابد من طرف وطني محايد يقول للمنقسمين المتسابقين على السلطة بصورة وحشية وغير مشروعة ووفق دعاوى دينية ومذهبية مخالفة للدستور أو أي رؤى فكرية: كفوا عن هذه الدعاوى المريضة وودعوا الأحقاد والأمراض التاريخية التي لم يعد لها أي مستوى من القبول، واعلموا أن لغة العصر هي اللغة المقبولة والقابلة للفهم والتطبيق!
وتبدأ المسألة ببساطة بان تكف سلطات الأمر الواقع عن ممارسة جريمة الانقسام والاعتراف بأنها سلطات أمر واقع، أولى وظائفها في كل الدنيا العمل على إعادة السلطة إلى صاحبها وهو الشعب من خلال القبول بانتخابات رئاسية وبرلمانية ديمقراطية نزيهة وشريفة وبإشراف دولي محايد والقبول بنتائجها دون تحفظ والترتيب لتسليم جميع المليشيات أسلحتها للسلطة المنتخبة .
هذا هو المدخل لاستعادة الدولة، ومن لا يقبل بهذا الخيار يتحمل كامل المسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية عما عانته اليمن وما وصلت إليه وما ستصل إليه!.
بدون ذلك سيظل اليمن مهدد بالمزيد من الكوارث والمعاناة.
إنه اختبار يكشف مستوى الصدق من الكذب والمزايدة لدى سلطات الأمر الواقع التي عليها أن تبرهن عن صدق استعدادها للتخلي عن هذا السباق المحموم على السلطة رافعة رايات الورع والإيمان والتقوى ورمي الطرف الآخر بما تفعله!.
لابد من طرف محايد للحكم على ما تمارسه السلطات المتصارعة!.
باتت التوبة الحقيقية عن الجرائم التي ساهم ويساهم فيها كل طرف بما تجاوز الحد المعقول والمقبول في أكثر الممارسات وحشية في العالم ضرورة للبرهنة على يقضة الضمير!.
لم يكن في الحسبان أن تكون اليمن التي نردد في خطاباتنا ليل نهار بأنها بلد الإيمان والحكمة مرتعا لكل هذا التوحش والاستهتار بالدماء والبعد عن ابسط صور الحكمة والإيمان.
التعصب ينافي الحكمة، ولن نتوقف عن تكرار الحديث عن هذه الحقائق إلى أن يتوقفوا عن ارتكاب هذه الجرائم بحق شعبنا اليمني الطيب الأبي والله المستعان.
في دنيا الافك
الموتُ ينادي الأحرار
في عهد يرسمهُ التظليل
ترخص كل الأرواح الحرة
اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتحدث عن مفهوم الشراكة في العلاقة بين القاضي والمحامي
