لبنان وسوريا بين فكي واشنطن وتل أبيب… نصف عام من الانحدار

لبنان وسوريا بين فكي واشنطن وتل أبيب… نصف عام من الانحدار
بقلم الدكتور: عبد الرحمن المؤلف
السبت16أغسطس2025_
في غضون ستة أشهر فقط، تبدو التجربة اللبنانية والسورية الجديدة استنساخًا سيئًا لما عاشه لبنان في عامي 1983–1984، حين سقط حكم الرئيس أمين الجميل بعد أن عجز عن إدارة ملف الكهرباء ووصل إلى شفا حرب أهلية. الحاضر يمضي في تكرار الكابوس: وعود سريعة بحل الأزمات والخروج من الأزمة الوطنية تتهاوى سريعًا تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، والعجز الأميركي يُفقد السلطة الجديدة آخر مقومات شرعيتها.
مشاهد متشابهة في بيئة غير مواتية
في سوريا ولبنان، تكاد العناوين متطابقة: وعود بإنهاء الأزمة الكهربائية في غضون أشهر، وتشكيل حكم قادر على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ولكن بعد تطبيق “الوصفة الأميركية”، ما زالت الكهرباء تُعد كمالة ملحقة، والمواطنان تخطفهم الفوضى الأمنية والاقتصادية. فجوة الشرعية توسعت، والدولة تبدو أصغر في عيون شعبها.
واشنطن: بين الغطاء والدعامة للاحتلال
لقد ضخت واشنطن جهودًا سياسية وإعلامية هائلة لاستلام السلطة في بيروت ودمشق، مدعومة من الحلفاء، وارتبطت انطلاقة تلك الحكومات بعمليات اغتيال وتدخلات إسرائيلية مكثفة. في لبنان، جاءت الحرب الإسرائيلية وتحويلها إلى ذريعة لتدمير سلاح المقاومة ومحو معادلة الردع. وفي سوريا، دعمت واشنطن تحالفات مع الفصائل المتطرفة لإسقاط النظام، وتقديم ولاء مشروط لها لتأمين شرعيتها الدولية. النتيجة؟ لا استقرار، لا فكر استراتيجية للحكم، ولا خطط تنموية.
أي مستقبل تلوح أمامنا؟
اليوم، ثمة عاملان خطيران في طريق الانفجار: الأول، الإذلال الإسرائيلي المتواصل وسحق الشعور بالسيادة الوطنية. والثاني، تفكك النسيج الاجتماعي الوطني، إما بفعل العبث الرسمي كما في سوريا، أو بمواجهة المقاومة بدل الاحتلال كما في لبنان.
ليس من قبيل المبالغة القول إن العلاقة بين السلطة والمقاومة تبدو مضحكة. ففي سوريا، من يحمل السلاح هم النصرة وهو خارج القانون، أما من يطالب بتسليمه فهو المعتدي. وفي لبنان، قررت حكومة تطبع وتتوانى عن مواجهة الاحتلال، أن تصفي المقاومة المسنودة داخليًا وفق القوانين الدولية. هذه الاستهزاء بالمفاهيم الوطنية نذير شؤم.
حلول تكشف طريق الإنقاذ:
في لبنان، لم يعد من مخرج سوى الإسراع بالدعوة لمناقشة استراتيجية وطنية للأمن والدفاع بعيدًا عن التبعية الخارجية.
في سوريا، الحل يبدأ من تفعيل القرار الدولي 2254 لتشكيل هيئة حكم انتقالي وطنية قادرة على إعادة تأسيس الدولة وتوفير دستور جديد وانتخابات حرة خلال 18 شهرًا.
الخيار اللبناني أمام مفترق خطير:
اليوم، السلطة تضع نفسها أمام خيارين: إما تجميد تطبيق اتفاق “توماس باراك” لعدم التزام الاحتلال، أو الدفع نحو صدام داخلي قاتل مع المقاومة. والواقع يقول إن العقوبات الأميركية لا تطبق على إسرائيل، بينما المقاومة تدفع ثمنها يوميًا.
إلى من يروّجون لورقة واشنطن، عليهم أن ينظروا إلى جنوب الليطاني حيث فُقدت المقاومة فعلياً، لكن الاعتداءات الإسرائيلية ازدادت بنسبة تجاوزت 47%. الجيش اللبناني ضعيف، واليونيفيل غائبة. هذه هي النتيجة العملية لـ«ورقة السلام الأميركية»: مزيد من الأمان لإسرائيل، ومزيد من الخطر للبنان.
حتى كلام الرئيس عون، الذي حذر إيران من التدخل، يبدو برقا في سماء معتمة. فالهجمات لا تتوقف، والمبادئ لا تطعم الشعب جوعًا. فهل تتغير المعادلة قبل فوات الأوان؟
اقرأ أيضا:الشيخ قاسم: الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً خطيراً
