حصانة الفاسد

حصانة الفاسد
أمين الجبر
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025-
عندما تنعدم الثقافة المؤسسية في وعي الموظف، وتغيب معها الرقابة الوظيفية المسؤولة عن أدائه، يتحول الموظف الفاسد إلى ما يشبه غولًا مفترسًا؛ يلتهم بلا مسؤولية كل ما يقع تحت سلطته، ويحوّله إلى «حق مكتسب» يراه حكرًا عليه وحده.
يستحوذ بلا ضمير على مفاصل المؤسسة، ويتعامل معها كإقطاعية خاصة لا يحق لأحد منازعته عليها أو مساءلته بشأنها، فيسود سلوكه الانتهازي المقنّع بادعاءات النزاهة والكفاءة.
يعيش هذا الموظف وهم الحصانة، ويشعر بزهوّ زائف يجعله يعتقد أنه في مأمن من العقاب، لا لأنه محمي بجهة نافذة أو فاسد أكبر فحسب، بل لأنه يتقن التلاعب باللوائح والقوانين، فيكيّفها وفق مزاجه، ويفصّلها بما يخدم مصالحه الضيقة.
وما إن يستشعر خطر المحاسبة أو يشعر بوجود زميل قد ينافسه أو يهدد نفوذه، حتى يسارع إلى تغيير اللوائح، أو تحويل جهة الإشراف والانتماء الإداري إلى جهة يراها أكثر قدرة على توفير الحماية والغطاء.
لا يأمن إلا في بيئة الشللية الإدارية، فيعمل على إثارتها وتغذيتها بكل ما أوتي من نفوذ، لتكون درعه الواقي وأداته في الاستمرار.
إن هذه النماذج الفاسدة من الموظفين الانتهازيين ليست جديرة بالائتمان على مصالح الوطن ولا على حقوق الناس، مهما ادعت زورًا الكفاءة والجدارة.
إنها الفساد بعينه، والظلم الفادح الذي لا بد من محاربته واجتثاثه…
إنه الشر المستطير.
اقرأ أيضا للكاتب: موقف الإسلام من المرأة




