كتابات فكرية

ثورة الحرية والاستقلال وواقع الحال

ثورة الحرية والاستقلال وواقع الحال

بقلم / لطف لطف قشاشة

 عندما نجح الثوار في 2014 من دخول صنعاء بعد سقوط الفرقة الأولى مدرع وتخلي حكومة باسندوة عن مهامها في حماية الممتلكات العامة والخاصة واضطلاع اللجان الثورية بهذه المهام وإعلان نجاح قيام ثورة 21 سبتمبر خرجت أبواق الإعلام المتصهين باسطوانة سقوط صنعاء في يد الجمهورية الإسلامية في إيران وعدوها العاصمة الرابعة التي تسقط بيد إيران، حينها تبين لي أن هذه الاسطوانة دليل كافي بأننا في الجمهورية اليمنية نتجه في الطريق الصحيح للخروج من براثن الهيمنة السعودية ومن يقف ورائها من دول الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا الشيطان الأكبر  ..

ثورة 21 سبتمبر حينها أعلنت عن أهدافها التي قامت من اجلها وجعلت العنوان الأكبر لهذه الأهداف ( الحرية والاستقلال ) فهل تحقق لقادتها وللشعب اليمني هذا الهدف الأسمى أم أنها كانت عناوين جوفاء للاستهلاك بينما الواقع يذهب بنا الى تغيير مراكز النفوذ من السعودية وما تمثله من امتداد للصهيونية إلى إيران الساعية الى تثبيت قوة نفوذها في المنطقة  ..

جاءت الأحداث المتلاحقة لتظهر لنا دلالات العنوان الأكبر الذي حمل شعار الحرية والاستقلال فكان عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية وبقرار ودعم أمريكي  الذي جعل من أهم أهدافه المعلنة ابتداء إعادة شرعية من ثارت الجماهير عليهم ( نظام المبادرة الخليجية والبند السابع ) وهي منظومة الانبطاح للخارج بلا شك فكان الامتحان الأول لثورة الحرية والاستقلال لإثبات مصداقية توجهها المعلن وبالفعل كان الصمود والمواجهة وتحمل تبعات هذا الهدف الأسمى بعد أن عجز التحالف باللين وبالقوة عن زحزحة الموقف الثابت هذا والدخول في مساومة التفاوض والتقسيم تحت مظلة التدخل السعودي الأمريكي وخلال تسع سنوات من هذا العدوان تجلت حقيقة شرعية من جاء تحالف العدوان لإعادته نظام المبادرة الخليجية والبند السابع التي أعلنت عن نفسها عميلة للتحالف ولمن يوجهه في وقاحة مبتذلة لم تستطع حتى من إنكار أنها قوى ومجاميع تتلقى دعمها وتوجيهاتها من المعتدي الأجنبي فأصبحت في عداد المرتزقة لا غير  ..

وتتوالى متابعتنا لمصاديق الأهداف المعلنة وقد تبين لنا أن من وقف مع التحالف وداعميه لا يمثلون التوجه الصادق للحرية والاستقلال وهم من أخافوا الناس بسقوط صنعاء بيد إيران كمؤشر على وطنيته  بينما من واجه تسع سنوات ورفض الترغيب والترهيب فقد دخل تحت هذا العنوان ولكن يعود السؤال مجددا وماذا عن إيران وعلاقة القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى معها هل هي علاقة تبعية أم ندية ومصالح وقواسم مشتركة  ؟

 المتابع الحصيف والمنصف يرى في تلك الأصوات المتصهينة التي روجت لسقوط العاصمة صنعاء بيد طهران أنها جزء من صراعات المحاور فقد اجتهد المحور المتصهين في تسويق هذه الأكذوبة والتي جعل من إيران عدوا مطلقا للعرب ليبعد عداوتنا للكيان الغاصب من الأولويات وهذا تعبير واضح عن تماهي هذه الأصوات المتصهينة مع من يوجهها وتبعيتها لأمريكا وإسرائيل واضحة بينة لذلك فالترويج لسقوط صنعاء بيد إيران لا ينظر إليه ولا يعتد به ومن لازال يردده فإنما يفعل ذلك لأنه واقع تحت تأثير الهيمنة والقرار الصهيوني فحسب  ..

لكن كيف نقرأ العلاقات الثنائية بين صنعاء وطهران منذ قيام ثورة الحرية والاستقلال عام 2014 م ؟

وقفت إيران مع حق الشعب اليمني في تقرير مصيره وساندت الثورة وتعاملت معها تعاملا رسميا ثم انها وقفت رافضة لعدوان التحالف السعودي الأمريكي وكانت تدعوا إلى وقف العدوان وفك الحصار وان يترك للشعب اليمني أن يقرر مستقبله السياسي ومصيره عبر التفاهمات الداخلية بعيدا عن التدخل الخارجي من اي طرف كان ..

هذا فيما يخص موقفه من  قيام الثورة ومن العدوان وهو موقف يعبر عن عدم فرض أجندات أو املاءات على نظام ثورة الحرية والاستقلال ..

وعند إحداث طوفان الأقصى وما تبعه من عدوان غاشم على غزة توافقت المواقف المبدئية بين صنعاء وطهران على ضرورة مساندة الشعب الفلسطيني في محنته من باب الأخوة الإسلامية والموقف الإنساني وكون العدو الإسرائيلي عدوا لجميع الأمة العربية والإسلامية غير أن الملفت في الأمر أن قرار المساندة الذي اتخذته قيادة صنعاء قد فاق كل التوقعات وابتعد كثيرا عن تنسيق السقوف مع محور الجهاد والمقاومة وهذا مؤشر على أن قرار صنعاء قرارا داخليا مستقلا تميز عن قرارات المحور وان ترك للتنسيق هامشا إلا انه تنسيق لواحدية القضية والهدف والعدو   ..

بانت دلالات الحرية والاستقلال في قرار المساندة للشعب الفلسطيني أيضا في مواقف الخذلان بل والتواطؤ الذي ظهر عليه المرتزقة في الداخل ( اللاشرعية ) ودول تحالف العدوان المفتقدة لأي دلالة لحريتها واستقلالها لذلك لازلنا عند الوضعية التي ابتدأناها باحثين عن مصاديق الهدف الأسمى الذي أعلنه قادة ثورة 21 سبتمبر 2014 م بان حرية الشعب اليمني واستقلال قراره وسيادته هي ما دفعته إلى قيام هذه الثورة المباركة بعد أن وصلت أحوال البلاد إلى أن تتحكم فيها القوى المتصهينة العربية والعالمية ولأنها كانت صادقة فقد ترجمت الأهداف حرفيا وامتلكت قرارها وحرية تحركها وهي تتجه صوب تحقيق المكانة اللائقة بالشعب اليمني الذي يمتلك الحضارة العريقة والهوية الإيمانية المباركة والتي اختفت بل وطمرتها الأنظمة المتعاقبة الفاشلة والمتلاحقة بعمالتها وتماهيها مع إرادة الصهيونية العالمية ومشروعها في الشرق الأوسط التدميري منذ انقلاب 26 سبتمبر 1962م حتى قيام ثورة الحرية والاستقلال عام 2014 م وبالتأكيد أننا بحاجة إلى مزيد من الوعي والإدراك حتى نعيش حقيقة الحرية والاستقلال التي تتنامى والتي جعلت اليمن اليوم حديث العالم عندما امتلكت حريتها واستقلالها وابتعدت من املاءات ( خدام خدام الجرافي )  ..

 والله من وراء القصد  ..

اقرأ أيضا للكاتب:لبنان وتكنولوجيا القتل الفاشلة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى