كتابات فكرية

الوحدة اليمنية: حلم شعبي.. ونخب فاشلة

الوحدة اليمنية: حلم شعبي.. ونخب فاشلة

بقلم :لدكتور أمين الجبر

الجمعة23مايو2025_

قبل الغوص في مستقبل الوحدة اليمنية، لا بد من كسر التابوهات والاعتراف بحقيقةٍ جارحة، وهي أن الوحدة التي تحققت في 22 مايو 1990 لم تكن إنجازًا للنخب الحاكمة، بل كانت انتزاعًا لإرادة الشعب اليمني الموحد رغم أنوف نظامين متعارضين!

الشعب في الشمال والجنوب كان أكثر وحدةً من حكامه، لكن النخب السياسية تعاملت مع الوحدة كمُغْنَمٍ سياسي، أو كـ”هروب إلى الأمام” من أزماتها الداخلية.

 لم تكن الوحدة مشروعًا وطنيًا ناضجًا، بل صفقةً ارتجاليةً بلا رؤية، غُلِّفت بالخطب الحماسية وزخم الجماهير، بينما كانت تختزن بذور انفجارها منذ اليوم الأول! 

الوحدة.. بلا ضمانات!

ما حدث بعد 1990 لم يكن سوى سلسلة من الإخفاقات المُدَوِّية: دمجٌ عشوائي للمؤسسات، سياساتٌ اقتصادية فاشلة، وإقصاءٌ ممنهج لأطرافٍ عديدة تحت شعار “الوحدة المباركة”!.

و الأدهى من ذلك، أن بعض القيادات الشمالية كانت تُحذِّر من هذا المسار المتسرع، لكن صفارات الانتصار غطت على صوت العقل، والنتيجة؟ كارثة 1994 التي كشفت زيف الوحدة الهشة، وفتحت الباب لأسئلةٍ لم تُجَب حتى اليوم: هل كانت الوحدة اندماجًا أم ضمًّا؟ وهل كان الجنوب شريكًا أم مغلوبًا؟

الآن.. الوحدة على حافة الهاوية! 

اليوم، بعد 35 عامًا،من 22مايو1990م  تقف الوحدة اليمنية أمام أخطر امتحان وجودي في تاريخها. لم يعد الخطر مجرد شعارات انفصالية، بل أصبح واقعًا مُعاشًا بالفعل.

– حربٌ طاحنة حوَّلت اليمن إلى ساحة صراعٍ إقليمي، حيث كل طرفٍ يجرُّ البلد إلى الهاوية باسم “الشرعية” أو “المقاومة”! 

– خطابٌ كراهي متوحش يغذيه تعصبٌ أعمى، ويُحوِّل الخلاف السياسي إلى حرب دينية أو مناطقيَّة! 

– مشاريع تمزيقٍ إقليمية تدفع نحو تقسيم اليمن إلى كانتونات متناحرة، تحت سيطرة مليشيات لا تعرف سوى لغة السلاح! 

وفي خضم هذا الانهيار، *فقد الشعب اليمني الثقةَ بوحدةٍ أصبحت مجرد شعارٍ أجوف، بينما الواقع يقول: إن أي حديث عن “الجمهورية اليمنية” هو ضربٌ من الوهم، ما دامت الحرب تُدار من عواصم خارجية، وما دامت النخب تتاجر بدماء اليمنيين! 

بعد كل ذلك يتساءل الكثير ..هل من مخرج؟

نعم.. لكن بشروط!

الوحدة لن تنجو إلا إذا تحققت ثلاثة شروط حاسمة: 

1. إنهاء الحرب فورًا، ورفع اليد الإقليمية عن القرار اليمني. 

2. عقد مؤتمر وطني شامل، يُعاد فيه النظر في كل الثغرات التي أفشلت الوحدة، مع ضمان تمثيل حقيقي لكل الأطراف (خاصة الجنوب). 

3. بناء نظام مدني عادل، يقوم على اللامركزية والفيدرالية، ويقطع نهائيًا مع ثقافة “المركزية الاستبدادية” التي دمرت البلاد. 

اليمن اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما وحدةٌ جديدةٌ عادلة، أو تفككٌ مأساويٌ لا عودة بعده! فهل تتعظ النخب قبل فوات الأوان؟

 اقرأ أيضا:لنحتفل بالوحدة اليمنية من بوابة مساندة غزة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى