العقل اليمني بين التهميش والاتهام

العقل اليمني بين التهميش والاتهام
- أحمد سليم الوزير
الجمعة18أبريل2025_
في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطورات مذهلة في مجالات الصناعات العسكرية والتقنية، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريح لافت، أقرّ فيه بقدرة من وصفهم بـ”الحوثيين” على تصنيع صواريخ متطورة ومعقدة، مؤكداً أن أحداً لم يكن يتوقع ذلك. وبينما العالم أصبح يستوعب هذه الحقيقة، يخرج علينا من يسمّون أنفسهم بـ”الشرعية” ليكرروا الأسطوانة المعتادة: “الصواريخ إيرانية”.
هذا النفي القاطع لإمكانية الإنجاز اليمني ليس جديداً، بل هو امتداد لعقلية حكمت اليمن لسنوات ولم تؤمن يوماً بعقول اليمنيين. إنها نفس الذهنية التي رأت في الغرب قدوة، لا في العلم والصناعة والتنمية، بل في المظاهر والبروتوكولات. ظنّوا أن ربطة العنق تحلّ محلّ الكفاءة، وأن البدلة الأنيقة توازي عمق الرؤية.
في اليمن، مئات الآلاف من الخريجين في التخصصات الهندسية والعلمية تخرجوا بحلم خدمة الوطن، لكنهم اصطدموا بجدار التجاهل والإهمال. ولم يجدوا من يؤمن بهم أو يحتضن طاقاتهم، فكان الشتات هو البديل. وهكذا وجد اليمني نفسه يبدع ويساهم في بناء دول لا ينتمي لها، فقط لأن بلده لم يقدّر إمكاناته.
الإشكالية لم تكن يوماً في القدرات، بل في من تصدّروا المشهد وهم لا يثقون في أبناء وطنهم. سقطت النُخب في فخ النمطية، وفشلوا في توظيف أهم موارد اليمن: الإنسان.
نعم، في اليمن عقول تستطيع أن تبتكر، أن تطور، أن تصنع. لكنها بحاجة إلى قيادة تؤمن بها، إلى رؤية وطنية لا تنظر إلى الإنسان اليمني بعين الدونية، بل بعين التقدير والرهان على قدراته.
الصاروخ الذي أصبح اليوم يصل إلى حيفا وتل أبيب شاهد على عظمة العقل اليمني، وهو إنجاز نفخر به، ودليل على أن من يحكم البلاد اليوم استطاع أن يوظف العقول ويستثمر الطاقات، وإذا توقفت الحرب، فلا شك أننا سنشهد نهضة يمنية في مختلف المجالات، من الصناعة والتقنية إلى التعليم والصحة.
علينا أن نُدرك أن من تسبّبوا في تهميش العقل اليمني، والذين ما زالوا يتحدثون باسم “الشرعية”، لم يكونوا يوماً مؤهلين لبناء وطن أو قيادة شعب، تجاربهم في الحكم كانت شاهدة على فشلهم، قبل أن يكون الناس شهوداً عليهم، ما زالوا يحاولون العودة إلى السلطة تحت شعارات جوفاء، يتحدثون عن استعادة الجمهورية بينما هم من تخلوا عنها، ويهاجمون “الإمامة” وهم يمارسون الاستبداد بأوجه أخرى.
لقد آن الأوان لأن نقطع الطريق أمام عودة هذه الذهنية العقيمة، وأن نفتح الأبواب أمام مرحلة جديدة عنوانها: الإيمان باليمني، بقدراته، بعقله، وبحقه في أن يصنع مجده على أرضه.
اقرأ أيضا للكاتب:من المقاوم و من المرتزق؟
