الأحلام ..قالب الكينونة المهمل
الأحلام ..قالب الكينونة المهمل
ميسون الإرياني
“هناك وسيلتان ليحقق الإنسان وجوده . إما ان يعيش ملتصقا ً بوجه الموت أو أن يعيش في عالم الشعر والفكر غير المشوش ” … مارتن هيدجر
أمنا الأرض ,نحن الكائنات الوحيدة التي عَدّت الأرض أمها ، لذلك تَعَلمنا سريعا تسلق الأحلام وقتلها معا..
البحار يتيمة , الريح يتيمة , الغابات يتيمة ، لذلك لم تنازعنا ثرواتنا في معركة السيادة , نحن وحدنا _ مَن أمنا الأرض_ نحتطب أثداءها ونقنص مواجيدها في بسالة سفاح.
بوجود الله ، الملائكة والشياطين اخترعنا السيوف ، السهام والبارود.. بحضورهم أيضا جززنا رؤوسنا وألقيناها في آبار الهلع, من يا ترى أحرق ما نملك من شهوة الخجل؟ إن امتلكناها فعلا ولم تدخل في دائرة التصنع التي صبغتنا بها غريزة الاستماتة ..
مررت بالكثير من أزقة الحياة مُزْدَرَدَةً بتساؤلات الكينونة واضعة نصب بهجتي ، أن الأحلام هي الواقع وهي العالم ذاته أي أن عالم الكلمات هو ذلك الذي ينتج عالم الأشياء -كانت الأشياء.. كما يقول جاك لاكان ,يبدو ذلك صحيحا إلى حد كبير ..فكم من الظلم ألا تكون حقيقية ,كل تلك الحوريات ، الخيول المجنحة ، الغيلان الطيبة والطبقات الأخرى من الأرض في السماء ..و التي أنفق الشعراء ـ الروائيون و رواة الملاحم أعمارهم في الحديث عنها ..كم سيكون خانقا ألا تكون .. بدلا من ذلك و من أجل الصندوق الذي مات لأجله خمسه عشر رجلا كما في رواية جزيرة الكنز لروبرت ستفنسن..اجتزنا الإنسانية ولدينا ما نريد قوله أكثر..هناك الجذور التي نريد وهبها مدارات طفولية لتكون قادرة على ابتلاع سوءاتنا.. تلك الأطماع التي لوثت كومة السنين .. لعل مِنْ دكانٍ يبيع حياة النساك والعشاق ؟
هكذا تهمهم الأشباح التي تقطننا كلما رأينا وحشا عاقلا يجوب الأرض..(أمنا الأرض).
لا شيء يوقف الحرب.. هكذا أخبرونا , هي النجوم حينما تخسر نزال الأبدية .. أعرف أكثر من هذا ولا تخبرني به ذاكرتي ,ذاكرتي التي رأت صولجان الفضيلة و مداد الرذيلة في رحلاتها الوعرة .
كونوا جبالا ,كونوا أشجار صنوبر ،كونوا محاربين أشداء.. هكذا تلهج الأمهات ..هل يدركن بالفعل أي لهب يرقص في الجوار؟
أريد أن أشتري قبيلة من الحجر، مثل قديسة تراقب بحكمة ملائكة النوم التي تهوي على صدر العالم ,القديسة التي تقف في وجه الشيطان حينما يحاول سرقة الموسيقي . أحجارا لطيفة وملساء .. (على أمنا الأرض)
حينما قامت الحرب ،في الليل تماما .. بالمناسبة نعرف أنه الليل حين نسمع مواء القطط والكلاب خلف نوافذ الجوع ، والمجنون الذي يعتقد بأن القمر زوجته التي سرقتها السماء ..اختفى ذلك النبي..كان وليا بالفعل ,مخلوقا منسيا و حزينا ..فالأقمار الوحيدة التي تراها طائرات الحرب هي عيوننا حينما تستقبل فزعها و أشواقها لمدفأة النجاة.. بالصلاة والهلع..
الصغار الذين نربي أجنحتهم يتكورون بينما يتساقط ريشهم في استدارة اللؤلؤ ..أخبرنا الليل بأنها دموعٌ ، مثل الأماني التي نربيها على مهل ثم ننساها ..ونحن بسذاجة سحابة نرفع أصواتنا بأناشيد الوطن ..(أمنا الأرض)
هل تُستثنى الكوابيس من صندوق الأحلام ؟
يا الله؟
لماذا أريتنا الرعب وحده؟ (دراكولا..الغيلان آكلة لحوم البشر..ثامزا) هم حولنا الآن.. في أي لحظة سيقتحمون سكينتنا..ويعلقون أذرعنا لضباع الجحيم , لكنني بالرغم من كل الجنيات الملونة الصغيرة التي رسمتها لم أرها ولم يخبرني أحد بأنها تعيش بالفعل معنا على قارب المجرة.
من صفحة الكاتبة بالفيسبوك كمانشر في السفير اللبنانية قبل سنوات
اقرأ أيضا:قمة الرياض تفشل في مواجهة التحديات التي تفرضها السياسات الصهيونية