26سبتمبر و14 أكتوبر ذاكرة لا تُزَوَّر، وإرادة لا تنكسر

26 سبتمبر و14 أكتوبر ذاكرة لا تُزَوَّر، وإرادة لا تنكسر
26 سبتمبر و14 أكتوبر ذاكرة لا تُزَوَّر، وإرادة لا تنكسر
- حسن الدولة
الخميس 25 سبتمبر 2025-
إهداء إلى:
أرواح الأوائل من شهداء فجر الحرية، أولئك الذين سقطوا في اليوم الأول لانبلاج ثورة السادس والعشرين من سبتمبر،
عبدالرحمن المحبشي، محمد الشراعي، حسين الزين شرف الدين، وإلى قادة الثورة الذين حملوا شعلة الجمهورية في وجه الظلم والرجعية: الشهداء محمد مطهر زيد (الحوثي) وعلي عبدالمغني، وأحمد الكبسي، والطيار الديلمي، والقاضي محمد عبدالكريم الصباحي، والملازم قاسم الأمير، وزميله علي هادي سالم ،وإلى شهداء ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة،
يتقدمهم البطل راجح لبوزة، أول من كتب بدمه بداية النهاية للاستعمار.
لكم جميعا، يا من عبدتم طريق اليمن نحو الحرية والكرامة،
هذا المقال وفاءً لذكراكم الخالدة،
فأنتم الخالدون خلود ثورتي سبتمبر وأكتوبر،
ما بقي اليمن، وما بقي في القلب نبضٌ وفي الذاكرة وفاء.
في لحظةٍ وطنيةٍ خالدة، يستقبل اليمن العظيم عيد الأعياد…
في لحظةٍ وطنيةٍ خالدة، يستقبل اليمن العظيم عيد الأعياد، عيد السادس والعشرين من سبتمبر المجيد، ذكرى انبلاج فجر الثورة اليمنية الأم عام 1962، الثورة التي حرّرت الإرادة من قبضة التخلف والرجعية، وأسقطت حكم الإمامة إلى غير رجعة، وأعلنت ميلاد الجمهورية، وكتبت أول سطور الكرامة الوطنية وحق تقرير المصير.
يراهن أعداء اليمن، والمتربصون بمسيرته، على إطفاء شمس أيلول، ويحسبون أن صوت الباطل يمكنه أن يعلو على نور الحق، لكنهم يجهلون أن شمس سبتمبر لا تغيب، وأن وهجها ما زال متقدا في وجدان هذا الشعب، ماضٍ إلى غاياته، ثابت على مبادئه، لا يتراجع، ولا يحيد، ولو كثرت المؤامرات، واشتد الحصار، وتكالب الحاقدون.
إرادة لا تنكسر:
طوال ثلاثة وستين عاما، ومنذ لحظة انفجار بركان الغضب الشعبي في السادس والعشرين من سبتمبر، لم يساوم اليمني على ثورته، ولم ينحنِ لعاصفة، بل ظل ثابتًا في كل شبر من تراب الوطن، حارسًا لهويته، ممسكا بزمام نضاله، متمسكا بأهداف ثورته الستة التي كانت ولا تزال عقد شرف وطني، ومصيرا لا يقبل النقض أو التأجيل.
لقد استطاع هذا الشعب، بصبره وصموده، أن يحطم أغلال الماضي، وأن يرفع راية الجمهورية خفاقة، رغم عواصف الرجعية العربية وأنياب الطامعين. واليوم، يقف مجددا أكثر وعيا، وأشد صلابة، وأقوى عزيمة على استكمال المسيرة، ومواصلة الكفاح، مهما غلت التضحيات.
14 أكتوبر.. مسيرة التحدي وامتداد الثورة
في الجنوب اليمني، بزغ فجر الرابع عشر من أكتوبر عام 1963، لتتحد الإرادة، وينطلق الكفاح المسلح في وجه الاستعمار البريطاني، وتكتمل حلقة الثورة، في تناغم مدهش بين الشمال والجنوب، يوحّدهما الحلم ذاته، والوجع ذاته، والمصير ذاته.
طوال اثنين وستين عامًا، لم تهدأ جذوة الثورة في صدور اليمنيين، ولم تستكن بنادقهم، بل ظلوا قابضين على جمر المبادئ، رافضين العودة إلى الوراء، متحدّين كل من حاول كسر شوكتهم أو تطويق قرارهم الوطني، غير آبهين بالتهديدات، ولا بالأثمان الباهظة.
عيد الأعياد.. يوم تتجلى فيه الوحدة
إن أعداء هذا الشعب الذين لا يهدأ لهم بال، يكرهون السادس والعشرين من سبتمبر لأنه ذكرى تحرر اليمني، ويخشون الرابع عشر من أكتوبر لأنه يوم كسر القيد، ويرتعدون أمام الثاني والعشرين من مايو، لأنه يوم تعانقت فيه الجغرافيا بالتاريخ، فتجلّت وحدة الأرض والإنسان، وتحققت أمنية الأجيال.
وفي هذه الذكرى العزيزة، الذكرى الثالثة والستين لثورة سبتمبر، نجدد عهدنا على الاحتفال، على الابتهاج برغم المحن، وعلى أن لا نسمح لليأس أن يسكن في قلوبنا، ولا للظلام أن يتسلل إلى وعينا. فبعد أسابيع نحتفل بذكرى الرابع عشر من أكتوبر، ونسير بثقة نحو عيد الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر، حاملين راية الوطن خفّاقة، لا تهتز، ولا تنكسر.
دماء الشهداء دليل الطريق:
إن اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي لم يكن جريمة سياسية فحسب، بل طعنة غادرة في خاصرة المشروع الوطني، أرادوا بها أن يُخمدوا روح الثورة، فإذا بها تزداد اشتعالًا، ويزداد الشعب إيمانًا بأن طريق الحرية لا يُعبَّد بالورود، بل يُمهَّد بالدماء، والتضحيات، والمواقف الصلبة.
قافلة الشهداء لم ولن تتوقف، لأن معركة الكرامة لم تنتهِ بعد، والشعب الذي اختار الحياة لن يرتضي الذل، ولن يسمح بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
الثورة… عقيدة وطنية لا تموت:
الثورة ليست مناسبة سنوية نُحييها بالخطب والأهازيج، بل هي عقيدة وطنية متجذّرة، ومشروع تحرر مستمر، وموقف لا يقبل المساومة. إن أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الستة، تمثل خارطة طريق لبناء دولة حقيقية، وهي:
1. التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
2. بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد ومكاسب الثورة.
3. رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي للشعب.
4. إقامة مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل قائم على روح الإسلام الحنيف.
5. تحقيق الوحدة الوطنية في إطار الوحدة العربية الشاملة.
6. التمسك بميثاق الأمم المتحدة، واحترام المواثيق الدولية، والعمل على إحلال السلام، ومبدأ عدم الانحياز، والتعايش السلمي بين الأمم.
تلك الأهداف لم تكن شعارات، بل التزامًا أخلاقيًا وتاريخيًا، لا تسقط بالتقادم، ولا تُزيّف بتغيير المناهج، ولا تُحذف بجرة قلم في كتب المدارس. هي هوية وطن، وعهد أمة، وقَسَم لا يجوز نقضه.
في زمنٍ تهافتت فيه بعض الأصوات لبيع القرار الوطني، وتفكيك النسيج الاجتماعي، وتمزيق الجغرافيا لصالح مشاريع إقليمية دخيلة، ينهض الشعب اليمني مجددًا، رافعًا صوته بثقة: لن تُكسر إرادتنا، ولن يُختطف مستقبلنا.
أما أنتم، يا أعداء الوطن، فامضغوا مرارة الهزيمة، وتجرّعوا خيبة السقوط، فما من قوة على الأرض تستطيع أن تُعيد اليمن إلى بيت الطاعة، أو تُخضعه لمشاريع الوصاية.
نحن أبناء سبتمبر وأكتوبر ومايو، حراس الجمهورية والوحدة، حملة راية الكرامة. باقون على العهد، ماضون نحو النصر، فاليمن لا يُحكم إلا من أهله، ولا يُكتب تاريخه إلا بدم أبنائه.
عاشت الجمهورية اليمنية.
عاش الشعب اليمني حرًا أبيًا.
والخزي والعار للخونة والعملاء.
اقرأ أيضا:القوات المسلحة تستهدف أهداف نوعية بفلسطين المحتلة
