إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (22)

 أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (22)

سلبيات الحركة الإسلامية المعاصرة

   بقلم :  أ/ عزيز بن طارش سعدان

الثلاثاء18مارس2025_

{قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} (سورة آل عمران – آية ١٦٥)

إن من أهم شروط النجاح هو الوعي السياسي بدقائق وأسرار وخطط العدو ومراقبته فكراً وتطبيقاً وتحركاً حتى تتجنب المسيرة الوقوع في الشراك» والفخاخ المبثوثة بأكثر من أسلوب وأكثر من لون.. وعلى ذلك الأمثلة العديدة: أخرج العدو الكافر على سبيل المثال، «أسلوب الانقلابات العسكرية بصفتها «حركة إنقاذ وقيادة وحتى بعد انكشاف الدور في بلد ما يكرر نفس الأسلوب في أكثر من بلد آخر فوقعت الحركات الإسلامية والجماهير المسلمة في «الفخاخ المنصوبة» دون أن تدرس التجربة في ذلك البلد وتستخلص الدرس من انكشاف خطة المستعمر الكافر وبهذا الغباء لم يحتاج العدو حتى إلى تغيير في خططه وفي الخط الفكري رفع العدو في أكثر من بلد «العصبية القومية»والاشتراكية الثورية» أو «العلمية» أو.. أو.. أو.. الخ.. في أكثر من بلد مسلم وكأن حقل التجارب هذا كان على أرانب لا تتعظ ولا..

فأثمر ذلك كله فرقة وتناحراً وانقساماً وتجزئة ودماء هذه الأمة من أبشع ما شهده التاريخ ولم يعتبر أحد مما جرى فكررت الأمة مأساة ملوك الطوائف في الأندلس.

وإذا كانت الحركات الإسلامية المعاصرة قد تبينت الخط القائم على العلم المستيقن» والذي ثمرته سعادة الدنيا والآخرة.. فرفعت في مقابل العصبية القومية » علاقة «الإيمان» تلك العلاقة التي تسمو بالإنسان عن علائق التراب والدم والصراع إلى علاقة أسمى وأشمل وأنفع والتي هي الغاية لتقدم الإنسان ونضجه العقلي ، كما تبنت «العدالة الاجتماعية» و «التوازن المالي» ، ووضعتها مقابل الاشتراكية بأسمائها المتعددة في تلك النظم الجاهلية ، تلك النظم التي أدت وتؤدي إلى «مجتمع قطيع العبودية» الذي يفقد فيه الإنسان كرامة إنسانيته وينحط إلى معنى القطيع ومن ثم معنى المسلخ، فيقوم دائماً على علائق الحقد والكراهية والانتهاز والإسلام وحده هو الذي يستطيع نظامه تأمين مجتمع الكفاية والعدالة والحرية للإنسان في نسق واحد.. فيقوم دائماً على علائق: الإخاء والود(انتهى)إن مفكرنا الكريم لا يريد للشعوب العربية والإسلامية أن تقع في فخ الأعداء للحركة الإسلامية، حتى لا تكون حبيسة الفخ المرسوم للوقوع بين أنياب الأسد المفترس. لقد ولولت الأعداء فوق رؤوسنا لأن العين الذي وضعتها لحماية أوطاننا كثيرة ومتنوعة الألوان والأشكال وهم عاجزون عن القيام بحق الأمة وفق منهجه السليم ومتطلبات العصر. إننا نريد أن نبني مجتمعًا خاليًا من الشوائب ونحقق العدالة الاجتماعية، ولابد من تحقيق الشورى التي تخدم قضايا المجتمع وأسلوب الحكم في البلاد. ولسنا بصدد إصدار أحكام غامضةً شديدة العمومية، لا تقبل صميم حياة كل فرد في المجتمع، أو لهوى من يعبثون بها، فإن التنفيذ العملي يؤدي في الواقع إلى ترك هذه المسائل خاضعة لترتيب النظام الطغاة والمستبدين. وما من حُوَار دار بين الجماعات الدينية وخصومها إلاّ أبرز فيها هذه المشكلة، وقد اشتد الإلحاح على الأولياء كيفما يوجهون اهتمامهم إلى المشكلات المصيرية التي تتحكم في حياة الإنسان المعاصر.

ومن المفهوم لدينا أن الحركات الإسلامية لا تقدم برنامَج عمل عن كيفية الحكم وعن الجانب الاقتصادي وكيفية الانتقال إلى السلطة، أي من المعارضة إلى نظام الحكم، حتى يظل المواطن مراقبًا لتحركات التنفيذ الفعلي للنظام وتطبيق برنامجها لمطروح أمام الشعوب العربية والإسلامية. ولتكون النتيجة إيجابية أمام المؤيدين وأعضاء الحركات الإسلامية. ولا يزال الناس ينتظرون هذا البرنامَج بلا جدوى. إن الصحوة الإسلامية في ميزان العقول والحق لا تزال غائبة ، والاهتمام بالأمور الشكلية يبدو أمرًا غير مفهوم. ونحن نزيد أن يكون هذا الأمر واضحًا، فإننا لا نريد منهم الاهتمام بالمظهر الخارجي والملبس؛ فإطلاق اللحية أو حلق الذقن وأمور يرونها أساسيةً، مثل الشارب وارتداء الجلباب إلى منتصف المسافة بين الركبة والكعب، هي للمتحمسين لدينهم، ويقابلها الحجاب عند الفتيات.

والأمر الذي لا يناقشه أنصار هذه الاتجاهات هو أن الملابس، بوجه عام، لها وظيفة اجتماعية في الأساس، وأن ملابس كل عصر وكل بيئة تتحدد تبعًا لنوع الأعمال التي يقوم بها الناس. فإذا تغيرت أعمال الناس وبيئتهم، كان حقًا عليهم أن يتناسبوا مع البيئة المعينة، ومن الأشياء الهامة عندهم أن يتمسكوا بشكل الملابس التي تصلح لأداء أعمال مختلفة في بيئات مختلفة. حتى لو كان هناك نص ديني يدعو إلى ملابس بشكل معين، فلماذا لا يفسر هذا النص على أنه صدر لأحكام المناسبات المعينة (وما أكثرها)، والأمر هو أن التحريم المفرط لأبسط مظاهر الاختلاط وإعطاء الجنس بوجه عام حجمًا أكبر بكثير من حجمه الحقيقي، وكأنه المشكلة الكبرى التي تتوارى إلى جانبها مشكلات الخبز والمأوى والإحساس بالعدل والأمان؛ فهذا التحريم المفرط هو ذاته شَكَّل من أشكال الاهتمام الزائد بالجنس، وهو الوجه الآخر لنفس العملة، أعني الحرمان.

إن اللباس ليس مهمًا ولا البرقع، فإنا نواجه قوة لا يستهان بها في هذا العصر، وإذا لم نترفع على هذه النِّقَاط التي تتوجه إلى سلب الإسلام، فإن التحرك للحركات الإسلامية نحو حل مشاكلها ضروري حتى نثبت حكمًا إسلاميًا بعيدًا عن الإشكالات. وعلى الصحوة الإسلامية أن تكون عيناها ثاقبة لحل المشكلة الحقيقية، التي لا تكمن فقط في عدم وجود برنامَج محدد المعالم، قابل للتطبيق في ظروف المجتمع الحديث لدى هذه الجماعات، بل ربما كان الأهم من ذلك، أن أيديولوجيتها السائدة حاليًا ما تهتم كثيرًا بوجود مثل هذا البرنامَج؛ ذلك لأن الاتجاه السائد لدى الجماعات الدينية، منذ أن تبلورت دعوة الجماعة الأم، وهي “الإخوان المسلمون”، هو تركيز الاهتمام على الفرد، وتجاهل البعد الاجتماعي أو السكوت عنه.

وهكذا فإن نظرية هذه الجماعات، عندما ثار ضدهم الاعتراض القائل بأن دعوتهم تفتقر إلى برنامَج اجتماعي واضح المعالم، يردون بأن هدفهم الأول هو بناء “الفرد المسلم”، حتى يتحقق هذا الهدف، يصبح إصلاح أمور المجتمع أمرًا هينًا. وهذه الفكرة غير صحيحة، إذ إن قضايا المجتمع المسلم لابد أن تعرف إلى أي سبيل هو ماض في حياته اليومية. إن مفكرنا الكريم يضع علينا ويكررها علينا بصفة مستمرة مأساة ملوك الطوائف في الأندلس. وماذا حدث لهم؟ الآن لم نجدها في واقعنا الحاضر، وإنما لا تزال تتحدث عنها الكتب التي تتناول ما حدث لها وعن النظام فيها عندما كانت زاهرة بنظام الحكم. ولولا التقصير في نظام الحكم وفق المنهج الإسلامي وقيام المؤسسات الدستورية، لكانت باقية حتى اليوم.

إنني لا أرى دويلات ستصبح مصيرها مصير الطوائف في الأندلس وستكون من الغابرين، ولابد من التحرك للحركات الإسلامية لإنقاذ تلك الدويلات، لاستبدال الأيدي العاملة فيها بأيد عاملة عربية حتى لا يقع الفأس في الرأس ونعود إلى حنين الأندلس. إننا نهدف إلى التحرك من قبل الحركات الإسلامية لكي ننعم بحكم الإسلام ونملك الدارين الدنيا والآخرة، وما أجمل ذلك للإنسان المسلم وما أحسن أن تكون له السعادتان، وهو هدف الحركات الإسلامية وما نهج عليه مفكرنا الكريم يرحمه الله…… ولنا لقاء في الحلقة القادمة..

اقرأ أيضا:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى