اخبار محليةكتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل عبر صوت الشورى .. هل الثورة للشعب أم للطغاة وضد الجماهير؟!

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل عبر صوت الشورى .. هل الثورة للشعب أم للطغاة وضد الجماهير؟!

يوميات البحث عن الحرية .. عن أي ثورة نتحدث؟! (3_2)

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين24فبراير2025_

في الحلقة السابقة من محاولة البحث عن إجابة لهذا السؤال الذي يشغل بال كل من شارك بالفعل أو بالتمني فيما عرف بثورة الشباب في 11فبراير التي سلَّمت قيادها أو سُلِّمت قيادتها للشيوخ الذين سلموها بدورهم لمن لا يؤمنون بالثورة بل ويعادونها لأنها ضد مصالحهم المعتمدة على توريث السلطة والحكم باستخدام الإيديولوجيات الدينية والفكرية المختلفة!.

علق الصديق العزيز الأستاذ حسن حمود الدولة على الحلقة السابقة المنشورة في صحيفة صوت الشورى وفي صفحتي على الفيس تعليقاً أكد على أهمية ثورة 11فبراير وكأنها قد ملأت البلاد عدلاً ونورا، وأعادت لليمن وحدته، وطبقاً لهذا فإن ينتقد مسارها يقف ضدها ويشكك في جدواها، ويبدوا أن مثل هذه الآراء كثيرا ما توقعنا في متاهة الأحكام المطلقة، إما مع الثورة أو ضدها بالمطلق أي أننا مطالبون بأن نعبد العجل المصنوع من التمر أو نأكله!!.

وهنا أود التأكيد على أن أي ثورة لا تعني رفع الشعارات وسفك الدماء، وترفض العنف لذات العنف ، أي أن الأصل في الثورة المسؤولة إن جاز الوصف أن تكون سلمية فإذا ما اضطرت إلى العنف فلابد أن تحتكم لمبدأ الموازنة القانونية والأخلاقية بين الضرورة والاحتياج، وهذا ما تضمنته القاعدة الفقهية: (الضرورات تبيح المحظورات) وأقوال الفقهاء بالتأكيد ليست مقدسة ولا ينبغي أن تقدَّس.

 العلم والعقل هو مناط التكاليف والحرية هي جوهر الثورات ومفتاح الإبداع!.

والفقهُ فلسفة بشكل ما، ومن الفقهاء من استفاد من الفلسفة أورقَّ بها بعض الأحكام الفقهية الجامدة أو التي ينظر إليها نظرة جامدة، وبذلك حاول البعض الموائمة بين الواقع وبين الحلم بتغييره إلى واقع أفضل وأنقى وأجمل.

جوهر العلاقة بين الواقع والخيال أو الحلم هو ذاته جوهر العلاقة بين الحاجة والضرورة أي بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية، فالشرعية الدستورية باتت في نظر فقهاء القانون أداة ضبط إيقاع العلاقات داخل المجتمعات والطريق الأمثل لتجنب استمرار تغيير الأنظمة السياسية عن طريق العنف وهو مالا يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والعنف المضاد تحت أي عنوان ووفق أي دين أو مذهب:

لقد توصل الإنسان الحديث من خلال إعادة قراءة التأريخ بمسؤولية إلى نتيجة مهمة لتحقيق السلام  تضمنتها الأنظمة الديمقراطية الحديثة من خلال النص في الدستور على وجوب أن لا تزيد مدة بقاء الرئيس أكثر من أربع سنوات لفترة انتخابية يمكن تجديدها لفترة مماثلة إذا تبين يقيناً أن الرئيس قد قدم خدمات يستحق عليها التجديد وأن طاقته وقدرته وخططه تمكنه من تقديم ما يفيد الوطن لفترة أخرى على أن لا يتجاوز بقائه في الحكم الفترتين بأي حال من الأحوال.

 ففي أمريكا مثلاً حينما حاول بعض من يورطون الحكام الذين هم على مستوى المسؤولية والقرار حينما حاولوا إغراء جورج واشنطن نظراً لدوره في بناء أمريكا وتوحيدها وتنميتها من هذا المبدأ والتمديد له رفض رفضاً قاطعا ما أكد مستوى إحساسه بالمسؤولية ليخلده التأريخ كأهم من أسس لهذا المبدأ المعبر عن جوهر الديمقراطية والجمهورية بالفعل وليس عن الشعارات الفارغة!.

أما الشرعية الثورية – فإن ما أحاول التأكيد عليه باستمرار هو أن شرعية أي ثورة إنما تنبع من حالة الضرورة الملجأة، أي أنها الطريق الاستثنائي للتغيير، ومعنى ذلك أن لا يتم اللجوء إليه إلا في حال الضرورة، أي عند عدم التمكن من تغيير السلطة السياسية من خلال الشرعية الدستورية المحددة للمدد الواجب الالتزام بها لتحقيق التداول السلمي للسلطة.

من هنا أظن أن صديقي قد وقع في خطأ المقارنة الآلية بين ممارسات خاطئة صاحبت فجر 26سبتمبر1962 وبين أخطاء جوهرية حركت ما أطلق عليه ثورة ال 11 من فبراير 2011 التي اتسمت بحراك شعبي واسع وحركته قيادات متعددة الولاءات ، عكس ثورة 26 سبتمبر الذي قادتها حركة الضباط الأحرار المكونة من نخب تمثل النسيج الاجتماعي اليمني وحملت ستة أهداف ذات مدلول يمثل القاسم المشترك لحلم كل اليمنيين القابل للتجديد والإثراء بعيداً عن أي تعصب ديني أو مذهبي أو أي أيدلوجية فكرية أخرى.

والتأكيد على القابلية للتجديد معناه رفض كل صور الجمود أو التصورات التي ماتت بفعل ما شهده ويشهده العالم من ثورة علمية مذهلة، مع التحفظ على كلما يعانيه عالم اليوم من بعض ممارسات من يسيطرون على أقوى دول العالم من رموز ما أفرزته الرأسمالية المتوحشة من دعاة القتل وتدمير وجشع واستباحة لكل المحرمات الأخلاقية والدينية والإنسانية .

الثورة إذاً تعبير عن ضرورة التغيير نحو الأفضل ومالم يتحقق هذا الهدف أو توضع عربة القطار في أول سكته فلا وجود للثورة.

إذا كانت مخرجات الحوار محل إجماع اليمنيين فما الذي سلم زمام التغيير إلى أيدي دول ودويلات لا تؤمن بالثورة ولا بالجمهورية بل وتعتبرها خطر عليها؟!.

وأي ثورة تؤدي بمن يقودها إلى تسليم قيادها لنظام ملكي أو سلاطيني ويستنجد به متوهما أنه سيعينه على استعادة الجمهورية فلن يجن سوى السراب؟!.

إن من قاد تحالف العدوان على اليمن هو من حارب ثورة 26 سبتمبر بالسلاح والمال لمدة ثمان سنوات إلى أن يئس من إعادة عجلة التأريخ إلى الوراء، وهي محاولة يائسة تتكرر في عدة محطات تأريخية؟!!.

ثورة 26 سبتمبر1962 ليست ثورة عنصرية إنها ثورة يمنية أصيلة ضمت كل نسيج المجتمع اليمني بصدق وإخلاص واستوعبت كل أحلام اليمنيين بالثورة قبلها وهذا ما يؤهلها للبقاء، والهاشميون كانوا ومازالوا من نسيجها الأصيل المنتمي الى اليمن بكل صدق وحب وإخلاص.

والرعيل الأول أدرك مبكراً ودون أي فكر مبطَّن أن الحرية والعدالة لا يتجزآ وأن الثورة ضد الظلم هو طريق الخلاص والانتماء الصادق لليمن، وتصحيح أخطاء أي ثورة يتم من خلال حركات تصحيحية صادقة، وليس من خلال ثورات تؤدي إلى خلط الأوراق لتمكين من حارب الثورة من قيادتها، هذه المبادئ تشكل جزءاً أساسياً من مكونات المدخل نحو السلام الدائم للأجيال القادمة!.

هل الثورة للشعب أم للطغاة وضد الجماهير؟!

هذا سؤال يحركه الليل

يملأ الساحات لو تعلمون!.

اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى ثورة 11 فبراير (3-1)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى