مصادر سياسية تكشف عن تمهيد أخواني لتدخل تركي في اليمن
وصفت مصادر سياسية احتفاء المنابر الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين بمغادرة القيادي البارز في حزب الإصلاح عبدالمجيد الزنداني السعودية ووصوله إلى تركيا، بأنه مؤشر على اعتزام التنظيم الدولي وقطر وتركيا البدء بمرحلة تصعيد جديدة في الملف اليمني، عبر توظيف أدوات الجماعة في اليمن.
وقالت المصادر إن وصول الزنداني إلى تركيا يأتي ضمن موجة نزوح لقيادات الحزب من السعودية تصاعدت بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، وشهدت مغادرة أبرز قياديّي إخوان اليمن إلى تركيا ومن بينهم رئيس الحزب محمد اليدومي.
ووفقا للمصادر تمثل مغادرة الزنداني، الذي تضعه واشنطن على قائمة الإرهاب، أهمية خاصة بالنظر إلى تأثيره، ليس في حزب الإصلاح فحسب بل وفي التنظيم الدولي لجماعة الإخوان أيضا، باعتباره أحد أبرز منظري الجماعة وقياداتها البارزة، كما يشغل منصب رئيس هيئة علماء اليمن التي أسسها الإخوان، إضافة إلى رئاسته لمجلس شورى حزب الإصلاح اليمني في وقت سابق.
وسعت منابر ومواقع جماعة الإخوان وحسابات قياداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لإظهار مغادرة الزنداني كانتصار سياسي، من خلال الزعم بأنه كان رهن الإقامة الجبرية في السعودية التي هرب إليها في سبتمبر 2015.
وأشارت المصادر إلى أن قرار عبدالمجيد الزنداني مغادرة السعودية إلى تركيا، كان أمرا متوقعا، حيث سبقته عائلته منذ وقت مبكر، كما باتت إسطنبول الوجهة المفضلة لمعظم قيادات حزب الإصلاح، إضافة إلى التزام الزنداني الصمت حيال الحرب مع الحوثيين، وظهوره في تسجيل بعد محاولة الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يبكي مما يصفه بالمؤامرة على المشروع الإسلامي في تركيا.
وكان آخر ظهور إعلامي للزنداني في نهاية شهر أكتوبر الماضي، من خلال بث مباشر على فيسبوك، في إحدى الصفحات التي تديرها مجموعة إخوانية يمنية تقيم في ماليزيا، تحدث فيه عن الإعجاز العلمي في القرآن.
وقالت مصادر مقربة من الزنداني إن قطر أعدت مكان إقامة الزنداني في إحدى ضواحي مدينة إسطنبول التركية، مشيرة إلى ظهور إعلامي مرتقب له على قناة الجزيرة القطرية، بعد وصوله إلى تركيا، قد يتضمن هجوما على التحالف بقيادة السعودية ودوره في اليمن.
وفيما سبق تم انتقال قيادات الصف الثاني والقيادات الإعلامية للإصلاح إلى تركيا ونقل الناشطين الحقوقيين إلى عواصم أوروبية، استعدادا لمرحلة جديدة من التصعيد ضد التحالف بقيادة السعودية.
وفي مؤشر على التحولات التي قد يشهدها الخطاب الإعلامي لإخوان اليمن بكافة أجنحته، التي كانت تتبادل الأدوار خلال السنوات الماضية، أعلن رئيس حزب الإصلاح، محمد اليدومي في تغريدة من تركيا، رفض حزبه لتشكيل الحكومة الجديدة، قبل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، وهو ما يسدل الستار، بحسب مراقبين، على جهود تحالف العدوان لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض.
واعتبر المراقبون توقيت الموقف الذي أدلى به اليدومي الذي عرف عنه تجنب الظهور الإعلامي، مؤشرا على تصعيد إخواني قادم، بعد وصول قيادات الحزب إلى تركيا.
ويتزامن التصعيد الإخواني المتمثل في هجرة قيادات الصف الأول إلى تركيا مع وُرود معلومات عن تقدم حوثي في بعض مناطق مأرب والسيطرة على معسكر “ماس” الإستراتيجي، ومؤشرات على توجه دولي لإنهاء الحرب في اليمن.
وتشير مصادر سياسية يمنية إلى أن الإخوان يتخوفون من خسارة سيطرتهم على محافظات في جنوب اليمن، مثل شبوة الغنية بالنفط والغاز، في حال إعلان حكومة شراكة لا يستحوذون فيها على القرار السياسي.
وفي هذا الاتجاه كشفت مصادر إعلامية يمنية عن قائمة المرشحين لشغل الحقائب السيادية في الحكومة القادمة (الدفاع، الداخلية، المالية، الخارجية) والتي يهيمن عليها بشكل كامل موالون لجماعة الإخوان وتيار قطر في “الشرعية”.
وأكدت مصادر أن استماتة الإخوان في محاولة السيطرة على الحكومة القادمة تندرج في سياق اختطاف قرار “الشرعية”، وتوفير الغطاء السياسي للتدخل التركي في اليمن عبر الضغط لتشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها وعلى وزاراتها السيادية الإخوان، بعد اكتمال الاستعدادات السياسية والعسكرية لمثل هذا التدخل الذي باتت تتحدث عنه قيادات إخوانية يمنية بشكل علني.
وفي هذا السياق أشار ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقال له حمل عنوان “نظرة تركيا إلى اليمن في ضوء تجربتها في ليبيا وأذربيجان والصومال”، إلى الرؤية التركية للتدخل في اليمن، بصفته أرفع مسؤول في أنقرة يتحدث عن هذا الملف.
وهاجم أقطاي، في مقال نشرته صحيفة “يني شفق” التركية، التحالف العربي قائلا “(رغم) تدخلهم في اليمن منذ أكثر من 5 سنوات، فإن مهمتهم كانت بعيدة كل البعد عن إيجاد حل لتلك الأزمة، بل لم ينجحوا في فعل شيء سوى في تعميق الأزمة بشكل أكبر، وإيصالها إلى نقطة تجعلها غير قابلة للحل”.
وقارن أقطاي بين دور بلاده في ليبيا وسوريا وأذربيجان، وبين التحالف العربي، في مقارنة دأب إعلام إخوان اليمن على ترديدها مؤخرا.
من جانبها شرعت وزارة الخارجية التركية في فتح قنوات اتصال مع مختلف المكونات السياسية اليمنية، في تأكيد على دخول اهتمام أنقرة بالشأن اليمني طورا جديدا، وإعادة تموضعها بانتظار نضوج الظروف المواتية التي تسمح بالتدخل المباشر عبر بوابة الإخوان وتيار قطر في “الشرعية”.
ولفتت المصادر إلى أن الجديد في النشاط التركي في الأزمة اليمنية هو سعي أنقرة للانفتاح على مختلف القوى والمكونات السياسية، بعد أن كان التواصل مقتصرا على حزب الإصلاح الإخواني، حيث شملت الاتصالات التركية بالقوى اليمنية، قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي، ومكونات أخرى فاعلة في المشهد تصنف عادة بأنها معادية لجماعة الإخوان المسلمين ومحور قطر – تركيا.
واعتبرت المصادر أن تزايد النشاط التركي في اليمن بشكل لافت مؤشر على رغبة أنقرة في لعب دور قادم في الملف اليمني، يتجاوز دورها التقليدي الذي انحصر طوال السنوات الماضية في تقديم الدعم الإعلامي واللوجستي لجماعة الإخوان المسلمين والتحرك الاستخباراتي خلف واجهات العمل الإنساني والإغاثي.