الكلكتابات فكرية

هيئة الزكاة وما أدراك ما هي؟..

ايام قليلة ويهل علينا شهر رمضان بخيره وبركته وروحانيته وفيه تتنزل الرحمات على العباد وتتعلق قلوب الناس بخالقها في اجواء من الطمأنينة والسكينة والايمان حيث يتسابق المسلمون الى نيل الرحمة والغفران والعتق من النار كل بما يجيد ويمتلك..

هذا على مستوى الاشخاص فماذا عن الهيئات والشركات والمؤسسات فهي تساهم وتنشط اغلبها في الاحسان والتخفيف من معاناة الضعفاء والمحتاجين الذين خنقتهم ظروف الحرب والحصار وافقدت اغلب ابناء الشعب اليمني مصادر رزقهم ولقمة عيشهم..

بالطبع يغلب على النشاط الرمضاني طابع المنافسة على البر والاحسان والتقرب من الله (ومن اعنيهم في هذا الطابع هم ذوي التوجه الملتزم طوال ايام العام لا في رمضان فقط)..

في ايامنا هذه برزت الهيئة العامة للزكاة كحامل لجهود القائمين على شئون ادارة الدولة في بلادنا في التخفيف عن كاهل المواطن المسحوق وما يعانيه من حاجة وعوز كونها معنية بالدرجة الاولى حسب المهام الشرعية والقانونية التي انشئت بموجبها بإجراء الصدقات على المصارف والفئات التي حددتها الآية القرآنية من فقراء ومساكين وغارمين وفي عتق الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل مع نصيب مفروض من مواردها للعاملين عليها..

اليوم سمعنا ان رئيس المجلس السياسي الاعلى الاخ مهدي المشاط قد وجه هيئة الزكاة بتقديم العون لعدد كبير من الاسر الفقيرة قبل حلول رمضان وما اظن ان هذا التوجيه إلا ثمرة من ثمار النجاحات المتتالية التي حققتها الهيئة خلال عمرها القصير منذ تأسست بالتأكيد لذلك كان هذا التوجه الرسمي والتوجيه الرئاسي اليها لإغاثة هذا العدد من الاسر في سبيل التخفيف من وطأة المعاناة التي تعانيها وحتى يدخل رمضان وقد استعادت هذه الاسر جزءاً من عافيتها وامتلكت قوت شهرها المبارك ولو بنسبة بسيطة ليتبعها الجود المجتمعي الشخصي منه او العام في استكمال بركة شهر رمضان الى نهايته..

من خلال ما طرحناه يتبادر الى اذهان الجميع ذلك السؤال الطبيعي عن جدوى قيام هيئة الزكاة باغاثة المحتاجين لفترة قصيرة ربما لا تتجاوز نصف شهر على الاكثر بينما تستمر معاناهم طوال العام دون معين؟

الحقيقة ان من يتساءل بمثل هذا السؤال بعيد كل البعد عن معرفة ما تقوم به هيئة الزكاة من جهود متوالية وعلى مدار العام لرفع المعاناة عن من هم مصرف للزكاة وبوتيرة تصاعدية بينتها الارقام الكبيرة لمن قد قدمت لهم الهيئة من معونات نقدية وعينية خلال عمرها القصير في مؤشر على اننا امام جهود كبيرة وفاعلة لو استمرت بهذه الوتيرة ولو تحسنت ظروف البلاد وانزاح عنا كابوس العدوان الآثم والحصار ولو وصلت القناعة لدى فئة المزكين بتسليم زكواتهم اليها الى مستويات مرتفعة جداً لأحدثت الهيئة نقلات نوعية في حجم وعدد المستهدفين من مشاريعها افقياً من حيث المساحة الجغرافية وعمودياً من حيث اعداد الاشخاص المستفيدين لان وتيرة العمل الحالية في الهيئة تخلق تفاؤلاً عند جميع المراقبين والمهتمين والمستهدفين من خدماتها خاصة انها تعمل حالياً في ظروف استثنائية ومعقدة اوجدتها ظروف العدوان والموروث الفاسد من الانظمة السابقة التي جعلت من الواجبات الزكوية مورداً للاثراء غير المشروع عندما كانت تنفق موارد الزكاة في غير مصارفها كما يعلم بذلك الجميع..

صحيح ان الهيئة قد تجاوزت بعض من موروث الفساد السابق عندما قادتها اياد تؤمن بأهمية ركن الزكاة كواحد من الاسلحة التي نواجه بها تحالف العدوان ووسيلة من الوسائل التي تقضي على الفقر في المجتمع اليمني الذي سببته سياسات الانظمة العميلة السابقة الفاسدة واوصلت الشعب الى الفقر المدقع ولما تتمتع به قيادة الهيئة من ايمان وتوجه صادق لادارة الهيئة من واقع المسؤولية الدينية والوطنية وكأنها في خندق لا يقل اهمية عن خنادق العز في جبهات القتال مع تحالف العدوان  إلا اننا نحتاج الى المزيد من هذا التوجه المبارك والصادق وإن كنا نتمنى من هذه القيادة ان تستمر في تعزيز روح العمل المؤسسي وتسعى باستمرار الى مراجعة لوائحها التنظيمية والداخلية لمعالجة ما قد يبرز اثناء العمل من اختلالات هيكلية او تداخل في المهام والاختصاصات داخل قطاعات الهيئة او تنازع القوانين والاختصاصات بينها وبين الجهات الرسمية في البلاد لتجاوز منظومة الفساد العميق الذي خلفته انظمة العمالة السابقة..

من هنا فاننا ان تساءلنا عن الهيئة ما هي فاننا ومن الواقع المعاش في هذه المرحلة نستطيع القول انها جبهة اقتصادية ناجحة نلمس مردودها من خلال مشاريعها العملاقة ونثق في قياداتها الراهنة التي لم تلوثها بعد حسب قربنا ومتابعتنا منها مغريات المال والسلطة والتي تحظى بمتابعة حثيثة واشراف مباشر من القيادة الثورية المتمثلة في السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله الذي دائماً يشيد بأدوارها ويبارك خطواتها ويدعم قياداتها وبلا شك كذلك يعلم اهمية نجاحها في هذه المرحلة الراهنة  الحساسة والخطيرة من حياتنا كجبهة من جبهات  التصدي لتحالف العدوان واهمية دورها المستقبلي الذي لا يقل اهمية عن هذه المرحلة وهي مرحلة ما بعد العدوان والحصار والتي سيكون لها دور في معالجة اضرار العدوان والمساهمة في رفع المعاناة النفسية والمادية التي ألحقها العدوان وفاقم في افقار الشعب الفقير اصلاً بسبب انظمة العمالة والفساد حتى نصل الى مرحلة لن يكون فيها للمنظمات الخارجية والدول الصديقة الداعمة اي دور او تأثير سلبي على ابناء الشعب اليمني لاننا حينها سنكون امام واقع متميز لا تجد فيه لظاهرة الفقر والعوز داخل اليمن مكاناً وستتوجه مشاريع الهيئة الى التوسع في الانماء خارج اليمن بإذن الله تعالى..

ختاماً.. يجب ان نؤكد اننا لا نصرف اوهاماً ولا نعيش احلام اليقظة فيما ذكرناه ووصفناه سابقاً لاننا بنينا ما عولناه على رجال مؤمنين وقيادة ربانية صادقة بها يتحقق ما ذكرناه.. وبغيرها ستعود فريضة الزكاة الى مصلحة الواجبات غير الزكوية مورداً ومصرفاً للإثراء غير المشروع الذي أسسه نظام عفاش والعياذ بالله..

والله من وراء القصد..

الاثنين 21/3/2022م

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى