لم ولن تفارقنا أبدا…
لم ولن تفارقنا أبدا…
في رثاء الدكتور أحمد النهمي
بقلم / خالد الشريف *
رحلت عنا جسدا ، لكن روحك الطاهرة ما يزال عبقها ينفح فينا ، وكأنك لم ولن تفارقنا أبدا…
عزائي فيك أنك مخلد في كل مجريات حياتي ولك بصمات رسمتها في أغلب السطور التي خطوتها، لقد استلهمت منك المثابرة والجد في صناعة الحياة وربط ذلك كله برضا الله الكريم وتحقيق الخير للناس.
ابتسامات وجهك البشوش لم تفارق محياك الناصع في كل منعطفات حياتك ،حتى عند قراءتك للشعر، كان وجهك المعبر يوصل محتوى فكرتك قبل أن ينطق فمك بالكلام.
أشعر بحزن عميق وأسى ليس له حدود ، لقد فقدت أخا وصديقا وزميل درب لسنوات عديدة ، كنت استشيره في أمور كثيرة في المجال الشخصي وفي مجال العمل ، فكان لعمري نعم المستشار ، جمعتني به أوقات جميلة ورائعة ، ولم أعهده إلا جادا ومجدا ،ناصحا ومخلصا ووفيا ، وطنيا يدافع عن الوطن في شعره ونثره ومناقشاته وكان للقضايا الإنسانية النصيب الأكبر في معظم مجريات حياته ، فيا له من وطني غيور على وطنه ونابذ للعنف بكل أشكاله وأنواعه وثائر على كل ما يمس حقوق الناس.
حرية الإنسان مبتغاه ، وتحقيق العيش الكريم لكل الناس مرتجاه ، ولا مساومة في ذلك ، متخذا صهوة جواده وما حباه الله من قريحة في الشعر والنثر وسيلة للوصول لتحقيق الغاية المرجوة في تحقيق أهدافه السامية سمو السماء.
كانت آخر محادثة بيني وبينه – رحمه الله – قبل ارتقاء روحة الطاهرة بأربع وعشرين ساعة حيث كان يشرف ويتابع كتاب عن الأستاذ محمد عبد الرحمن الرباعي – رحمه الله تغشاه – وكانا بصدد إخراجه و إرساله للمطبعة ليرى النور
المحادثة :
المرحوم : أهلا خالد …
لم أستطع إرسال الكتاب بسبب طارئ مرضي قاهر
– سلامتك يا دكتور الله يشفيك ويعافيك – بحرمة الفاتحة .
المرحوم : شكرا أستاذ خالد …
– أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك …
المرحوم : تسلموا .. حفظكم الله ورعاكم ، ولا أراكم مكروها أنتم وكل الأهل .
…انتهى…
فسلام الله على روحك الطاهرة ، وخلد الله مآثرك ، وأسكنك الفردوس الأعلى في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا …
……..
“أحمد الخير”
القلب يحزن ودمـع الـعـين ينسـكبُ
وحرقة الوجد في الأحشاء تضطـربُ
ها قد رحلت وقلـبي يلـتظي لـهـباً
والعـقل في حيرة قد صابه التـــعبُ
يا أحمد الخير إن المزن يمـطـرنا
حـزنا عليك وهذا الكـون يـكتـئب
وها هي الشمسَ في الأعلى تناظرنا
فمــثلـها أنتَ لكن أنتَ مُحتـــجـبُ
يا قصة كُتبت بالــدم فــي خـــلدي
فمثلـها عجزت عن طيها الــــكتبُ
فإن تخاصم فأنتَ البـحرُ مضطرب
والمــوج في لُجه الياقـوتُ والذهبُ
وإن تســـامح فأنت اللـيلُ تسـكــنه
كل الخــلائق إن حلتَ بها الكـربُ
وإن تجامل فأنت اللحنُ يــطربني
أسـعى إليك وَنيسـَاً كـلما ذهبوا
خارت قواي وصار الجسمُ منهمكاً
بعــد الرحـيل وكـاد اللـبُ يستـلبُ
فكيف أحيا وأنت الروحُ في بدني
فــحين غادرتَ لم يبــقَ لـها سببُ
21-6-2020م
* رئيس تحرير موقع صوت الشورى أون لاين