الكلكتابات فكرية
عفوا يا رسول الله
يا رسول الله
في يوم ذكرى مولدك الكريم ارفع الى مقامك السامي في أعلى عليين حروفا حزينة، وكلمات جريحة، في الوقت الذي كان من المفروض أن ارفع إليك صلى الله عليك شكر امتنان لما قدمت لأمتك وللعالم من خير عميم، ولكن حكام امتك قد انحرفوا عن منهجك، واتبعوا “نبي الجاهلية” الجديدة، وأغدق عليهم الحماية، وحصّنهم من ثورات شعوبهم، وسد أذانهم عن سماع تهاليل دعوتك، وفتح آذانه لشماع فحيح شره، فأطعمهم الحقد الوبيل، واشربهم البغضاء لشعوبهم ولبعضهم بعضا فتناحروا تناحر السباع النهمة، وقتلوا بعضهم بعضا بسبب أوهام ادخلها “نبي الجاهلية” الجديد في اذاهنهم، وبدون أخلاق الجاهلية الأولى. لقد خبوا في طريق الشيطان و طريق الغواية، وساء سبيلا.
كيف أستطيع أن أرفع عيني إلى نورك البهي، وقد حجبتها عنك ظلمة الحكم، وطغيان المال، وشهوات الغرائز، كيف استطيع وهم يشعلون نار البغضاء فيما بينهم، ويحرقون وشائج القربى، ويقطعون أوصالهم، ويعصون الله، ويرضون الشيطان.
لقد عادت “قريش” يا رسول الرحمة تعذب المستضعفين في الأرض، وتسقط الالاف من أمثال “أسماء” والألاف من أمثال “ياسر” وتيتم الألاف من أمثال “عمار” وتجرح الألاف من أمثال “بلال”. وقامت “كربلاء” في أكثر من مكان، والمستضعفون – على ارض الإسلام الرحيبة- يقاومون بقليل عدة وقليل عدد.
تعاونت “قريش” مع “بني النضير” وحاصروا اتباعك يا رسول السلام – كما حاصروك في “غزوة الخندق:، في أكثر من مكان، وهاهم يحاصرون “فلسطين” كما حاصروك، وفلسطين تستغيث ولا تغاث الا بماء كالمهم يشوي الحياة شيّا، و”اليمن” تحاصر برا وبجرا وجوا، و أطلقت الضباع النهمة على أكثر من منطقة من اتباعك تفريهم بالمخلب والناب، وبالتمذهب والتعصب، وبقية بلدانك يا رسول الله تعيش بين ظالم متحكم ورعايا منهكين.
عادت سيوف “أمية” ومال “أمية” لترهب وترغب وتشتري ضعاف النفوس لتنحر إخوتها وآبائها وأمهاتها وصغارها وحيوانها واثارها، ومن يمت اليها بصلة.
دعوة السلام يا رسول السلام صيروها نواحا وعويلا ، وصيروا الإخوة حقدا مذابا، وسما وصابا.
فبأي لغة اخاطبك يا رسول الله وحال امتك هذا الحال، وقد انقلبت إلى هذا المآل؛ فعفوا يا رسول الله من هذا المقال.