الكلكتابات فكرية

(دردشة دستورية – الحلقة 19)

الأستاذ أحمد: استعدوا لدرس اليوم الذي نبدأه باسم الله.

     إن عالِم الدين والمفكر لابد أن يكون قدوة للأخرين فلا ينهى عن منكر ويفعله أو يأمر بمعروف وهو لا ينفذه فالناس جميعهم يراقبون ما يصنع، والإسلام قبل أن ينتشر بالمنهج العلمي انتشر بالمنهج السلوكي وأكبر عدد من المسلمين اعتنق هذا الدين لهذا السبب، فالذين نشروا الإسلام في الصين وماليزيا وغيرها من بلدان العالم كان أغلبهم من التجار الذين تخلقوا بأخلاق الإسلام فجذبوا حولهم الكثيرين من أبناء هذه الدول بتعاملهم بالصدق والأمانة والوفاء والحفاظ على مكارم الأخلاق فكانوا قدوة حسنة فتبعهم الناس في الدين لأنهم قدوة صالحة ونبتة صادقة قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)).

    إن الاستقامة على الحق وفق مبادئ ربانية والمطالبة بأن تكون الأمة محكومة وفق عدالة الإسلام وسماحة الدين بالشورى التي لا يمكن أن تقوم الحياة بغيرها ولا تكون الدعوة صادقة للحاكم والمحكوم إلا بها فإن تلك هي الاستقامة سلوكاً في الحياة والصبر، وذلك لا شك كبير وعسير ومن ثم يستحق عند الله هذه النعمة الكبيرة  والجزاء الحسن لأن الله بشرهم بالجنة حيث قال تعالى في نهاية الآية (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، ويختم هذا الشرط برسم صورة الداعية إلى الله بأنه يجب أن يكون شجاعاً أمام دعاة الفتنة وعلماء السلطان وليقول لهم إن هذا منهجكم مهما كانت الأمور، إن الدعاة الصادقين جزائهم عند ربهم وهو الذي يكافئهم على عملهم لأنهم وضحّوا الحق وقالوا كلمات صادقة في وجه الحاكم والمحكومين وقابلوا الجبابرة بكلمة صادقة وقلب شجاع لا يخافون إلا من رب السموات والأرض.

     إن النهوض بواجب الدعوة إلى الله، ومواجهة النفس البشرية، وجهلها، واعتزازها بما ألفت عليه، وبالأخص الحكّام الذين جعلوا لهم منهج وفق مصالحهم واستكبروا واستفاضوا في الضلالة لأنهم حريصين على شهواتهم وليس مصالح الأمة، فعلٌ عظيم له الجزاء الكبير من الله سبحانه وتعالى، فعلينا الرفع بالإسلام لمواكبة الأمم المتقدمة لأن الطغاة هم الذين أدوا إلى تأخر الأمة الإسلامية على الرغم من أن علماء المسلمين هم عباقرة الحضارة في عصر من العصور المتقدمة. إن عدم الإقدام من قبل الدعاة سوف يهدد الدعوة ولذلك على أفراد الأمة أن يحموا الدعاة والمفكرين والكتاب والصحفيين لأنهم ينورون وينبهون الأمة عن أخطاء الجبارة وأخطاء علماء ومفكري وصحفيي السلطان  وليعلموا يقيناً أن الله يعامل كل البشر أمامه سواء لأنه العادل في هذا الكون وهو الذي يُكافئ الناس سواء للجنة او للنار، ونحن نعرف إن النهوض بواجب الدعوة ومواجهة هذه الظروف أمر شاق ولكنه شأن عظيم، إن كلمة الدعوة حينئذ هي أحسن كلمة تقال في الأرض، وتصعد في مقدمة الكلام الطيب إلى السماء، ولكن مع العمل الصالح الذي يصدق الكلمة، ومع الاستسلام لله الذي تتوارى معه الذات، فتصبح الدعوة خالصة لله ليس للداعية فيها شأن إلا التبليغ.

الأستاذ أحمد: كان درس اليوم قصير فلنفسح المجال لأرائكم.

سالم: الحمدلله اليوم عرفنا كيف يكون العالم والمفكر والصحفي قدوة للمجتمع ويكونوا المدافعين عن الأمة وكرامتها وعزتها ويقدموا النصح للحاكم في كل شأن من شئون الأمة وعليهم أن يكونوا عند أقوالهم في السر والعلن.

صالح: إن علينا واجب أن نكون عند حسن ظن العلماء والمفكرين والصحفيين والكتاب في توعية المواطن وأن نُحسن الاستماع لهم حتى نكّون مجتمع صالح وحتى يصلح حال الأمة. نشكر الأستاذ أحمد على جهوده.

 

shababunity@gmail.com

 

بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى