تقرير : أبناء محافظة المهرة يفضحون أجندة الرياض وأبو ظبي في اليمن
منذ نحو عام، تسابق السعودية والإمارات، الزمن؛ للسيطرة على محافظة المهرة، شرقي اليمن، مستخدمة تدخلها العسكري في اليمن؛ بحجة استعادة الشرعية، لتنفيذ هذه الأجندات التي تكشف كل يوم أن ما زعمت أنها أهداف عاصفة الحزم، ليست سوى الواجهة للسيطرة على اليمن وثرواتها.
وبحسب تقرير نشره موقع “المهرة بوست” فقد ظلت المهرة بعيدة عن واجهة الأحداث في اليمن، وتكاد تكون محافظة مستقلة عما يجري في اليمن من أحداث منذ أربع سنوات، لأسباب كثيرة منها تماسك المجتمع المهري، الذي يعيش بشكل متجانس بعيدا عن الفتن والمشاكل التي تحاول بعض القوى الخارجية وتحديدا السعودية والإمارات تنفيذها في اليمن.
لكن لم يرق للسعودية والإمارات، هذا الاستقرار الذي تعيشه المهرة، وما مثّله ميناؤها البري والبحري، من متنفس لليمنيين الذي أضحى نافذتهم الوحيدة للولوج إلى دول الجوار، وكذا مختلف دول العالم، بعد الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات على موانئ اليمن، ومطاراته؛ لأسباب أقل ما توصف بأنها “لإذلال اليمنيين وإهانة كرامتهم”، الأمر الذي دعاهم للحشد العسكري في هذا المحافظة، تحت مبررات حماية المنافذ اليمنية من التدخلات الإيرانية. وبدأت الحشود العسكرية للسعودية في المهرة، مع نهاية العام المنصرم، وتحديدا في نوفمبر 2017، وذلك بعد أن قامت بالسيطرة على مطار المحافظة وميناء نشطون وسيحوت وغيرها من المرافق الهامة، تحت تلك المبررات الواهية، لتزداد هذه الحشود بالتزامن مع الحشود العسكرية الأخرى التي تقوم الإمارات في محافظة أرخبيل سقطرى.
احتلال غير معلن
ومع استشعار أبناء محافظة المهرة، أن محافظتهم باتت تحت احتلال سعودي غير مُعلن، تداعى أبناء المحافظة لتنفيذ اعتصام مفتوح في مايو الماضي، للمطالبة بإخراج القوات السعودية من المهرة، ومع استمرار زخم هذه المظاهرات الشعبية، رضخت السعودية لتوقيع اتفاق مع المعتصمين، وتشكيل لجنة للإشراف على النقاط المتفق عليها، وعلى رأسها إخراج القوات السعودية، من المحافظة. ومثّل ذلك الاتفاق بمثابة هزيمة للسعودية، الأمر الذي دعاها للالتفاف على مطالب المعتصمين، ومحاولة التوغل العسكري مرة أخرى، من خلال استحداث مواقع عسكرية في المحافظة وصلت وفقا لمصادر محلية إلى نحو 16 موقعا عسكريا، وهو الأمر الذي دفع عدد من أبناء المهرة، إلى التهديد باستخدام خيار الكفاح المسلح، في حال استمرت السعودية، في حشودها العسكرية بالمحافظة.
المهرة المستقلة
المهرة المستقلة ..!، هكذا وصف الصحفي اليمني “يحيى السواري” بوابة اليمن الشرقية، محافظة المهرة. مشيرا إلى أن “حوالي 3 مليارات ريال عوائد جمارك منفذ شحن البري (شهريا)، وحوالي 2 مليار ريال قيمة صادرات الأسماك في النصف الأول من العام 2018م، ناهيك عن إحصائيات الأسواق المحلية الأخرى”. وأرجع السواري، أسباب السباق السعودي على محافظة المهرة، ومحاولة سيطرتهم عليها، إلى الاستقرار الذي تعيشه، وكذلك الإيرادات التي تتحصل عليها، والذي جعلها تواصل صرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين، كمحافظة وحيدة تقوم بذلك، فضلا عن كونها المحافظة الوحيدة التي عارضت الهيمنة السعودية عليها. وأشار يحي السواري إلى أن المسؤولين المهريين هم لوحدهم من تعامل مع الضباط السعوديين بنديّة، وهذا ما يزعج النظام السعودي”. وأكد أن السعودية لا تريد هذا التعامل الندي معها من قبل أي محافظة يمنية، لأنهم يريدون محافظات ضعيفة في حاجة إليهم، لكي يفرضوا هيمنتهم ووصايتهم عليها، كما يفعلون في كثير من المحافظات المحررة. وأشار إلى أن السعودية تستخدم المشاريع الإغاثية في المحافظة، كوسيلة لتنفيذ مخططات أخرى، جميعها تعمل على نشر الفرقة والفتنة في المحافظة، وتقوم بتجنيد مليشيا من خارج المحافظة، وصرف المرتبات الشهرية لهم، ليكونوا أدواتها في المهرة. وأكد أن “السعودية تنفذ مخطط مهين لليمن واليمنيين في المهرة”، مشيرا إلى أنها “وضعت حجر أساس لمشاريع تنموية، واليوم التالي بدأت بإنشاء معسكرات، والى جوار القوات السعودية، استقدمت قوات من محافظات أخرى وتحديدا من (الضالع ولحج وأبين)”. وأضاف الصحفي السواري، أن السعودية، “وجهت محافظ المهرة، بتسيير رواتب شهرية للمجاميع التي تم استقدامها من الخارج من ميزانية المحافظة”. مستغربا من هذا التصرف الذي لا يهدف لخدمة المحافظة إطلاقا. وأشار إلى أن السعودية: “لو كانت تهدف لتأمين المحافظة؛ فهناك قوات عسكرية في المهرة، وكانت تستطيع التجنيد من أبناء المهرة، بدلا من تجنيد أفراد من خارج المحافظة، لكنها تعلم أن المهري لا يتملق من أجل راتب شهري وهي تبحث عن أدوات طيعة لتنفيذ مخططاتها”.
باكريت يفضح الرياض
وكان محافظ المهرة راجح باكريت، قد فضح مزاعم الرياض، عندما نفى شائعات التهريب عبر المحافظة، التي تروج لها وسائل إعلام عربية ومحلية موالية للسعودية والإمارات. وبين “باكريت” في تصريحات أدلى بها لبرنامج “اليمن في أسبوع” والذي يبث على قناة أبوظبي، أن المهرة تتعرض لتشويه سمعتها، ودورها. واتهم باكريت وسائل إعلامية وجهات، تحاول إظهار أن المهرة مجرد ممر للتهريب مشيرا إلى ان تلك الإدعاءات مجرد أوهام ولا يستطيع أصحابها إعلانها صراحة. ومنذُ أن تدخل تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات اليمن، في 26 مارس 2015م، سعت وسائل إعلام سعودية لتصوير المهرة بأنها المحافظة التي يهرب عن طريقها السلاح للحوثيين. كما نفى باكريت خلال المقابلة ضبط أي شحنة تهريب في منافذ المحافظة الحدودية مع سلطنة عمان. ويقول مراقبون إن تصريحات “باكريت” وهو أحد الشخصيات التي تبرر التواجد العسكري السعودي في المحافظة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرياض تقف خلف شائعات التهريب في المحافظة. وتابع باكريت خلال حواره مع قناة “أبو ظبي”، أن محافظة المهرة هي الوحيدة من بين محافظات اليمن، المستقرة والآمنة الشاملة التي تجمع كل أبناء الجمهورية اليمنية فيها بدون مشاكل أو حساسيات، مؤكدا أن الميزات السابقة لا تنطبق على محافظة يمكن ان توصف بالتهريب. ومنذ نهاية العام الماضي ومطلع العام الحاليّ، دفعت السعودية بقوات وتعزيزات عسكرية إلى المهرة تحت شعار محاربة التهريب، إذ منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون على مضيق هرمز، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه، لكن اليقظة الشعبية لدى أبناء المهرة أثبتت أن وجود السعوديين في المهرة لم يكن منعًا للتهريب فقط كما اعتقد البعض بداية الأمر، خاصة بعد ما كشفته بعض الممارسات الميدانية للرياض عن نوايا غير طيبة تتنافى تمامًا مع ما أُعلن رسميًا، ما تسبب في تأجيج مشاعر الاحتقان والغضب لدى سكان المحافظة، ومن هنا كانت الاعتصامات والاحتجاجات التي عمت مختلف المناطق.
مخطط تحت ستار مكافحة التهريب
ولفت المراقبون إلى أن المخطط السعودي، للتواجد العسكري في المحافظة قديم، وذريعة مكافحة التهريب ستارا تتشكل من خلفه الهيمنة العسكرية على بوابة اليمن الشرقية. مواقف شجاعة وكان الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، قد وجّه عبارات الثناء والتقدير لأبناء محافظة المهرة، على مواقفهم الشجاعة في وجه المحاولات السعودية والإماراتية للتوغل العسكري داخل المحافظة، التي تعد بوابة اليمن الشرقية. وقال التميمي، في مقابلة مع قناة الجزيرة، في برنامج “الاتجاه المعاكس”،الثلاثاء الماضي، “أتوجه بالتحية والتقدير والاعتزاز، لأبناء محافظة المهرة، هؤلاء الذين أثبتوا أن الروح اليمنية لم تمت بعد، وأن الحرص على التراب اليمني تجسد في تضحياتهم ونضالاتهم التي عبروا عنها”. وأكد أن تضحيات أبناء المهرة جاءت “في لحظة انكشف ظهرهم من كل دعم ومساعدة ومساندة”. وقال: ومع كل ذلك “هؤلاء صمدوا وثبّتوا، في سفر التاريخ، أن التراب اليمني لا يمكن أن يتجزأ تحت أي مبرر كان”. ونفى مزاعم السعودية والإمارات، التي تزعمان أن حربهما في اليمن لاستعادة الشرعية”. مؤكدا في هذا الصدد، أن “السعودية لم تأتِ لتعيد الشرعية، وإنما لتأخذها وتجرفها”. متسائلا: أين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضائها وكذا الوزارات السيادية للبلد؟. وأوضح “أن العاصمة المؤقتة عدن، ليست عاصمة سياسية”. مؤكدا أن الإمارات التي تسيطر عليها “جرفت كل الإجراءات الممكنة التي كانت ستعمل على إبقائها كعاصمة سياسية لكل اليمنيين”. إذ أبقتها “كمسرح للفوضى والقتل والتصفيات والجرائم السياسية”. وقال: “هذه هي المهمة الحقيقية للتحالف في اليمن”.