الفقه الإسلامي : تسامح الرواد ..وجناية التشدد
تكمن عظمة أئمة فقهاء الإسلام الاوائل كأبي حنيفة النعمان ومالك و زيد بن علي وجعفر الصادق والشافعي وإبن حنبل وغيرهم في أنهم قدموا اجتهاداتهم في فهم النص الديني سواء أكان قرآنا أو حديثا نبويا، وحرصوا في استنتاج الأحكام على استقراء الأدلة ما أمكنهم ذلك، ولم يغفلوا التأكيد على أن ما توصلوا إليه ليس إلا اجتهاد محض، بناء على الأدلة المتوفرة لديهم، وصرح غير واحد منهم بأن ما صح من الحديث فهو مذهبه، كإجراء احتياطي يحتمل ظهور أدلة جديدة أو أقوى من تلك التي اعتمدوا عليها ، وهكذا كان كل واحد يقدم فهمه للنص دون ان يحدد أي عقوبه لمن لايعمل بقوله، بل تركوا الحرية للأمة الاسلاميه لاختيار مايناسبها من اختيارات الفقهاء.
لكن للاسف منذ سيطر الفقه النقلي المحتكر للحقيقة في رأي واحد الذي يمثله ابن تيميه ومن بعده تلميذه إبن القيم ثم جاء بعدهما محمدبن عبدالوهاب وسيد قطب وغيرهم من فقهاء السلفية بذهنية الفرقة الناجيه وقدموا ارائهم على انها الدين الصحيح ووضعوا عقوبات لمن يخالف ارائهم ، دخلنا في نفق مظلم تمثل في ان كل واحد يحدثك بثقافة الفرقة الناجيه، التي يحصر امتلاكها على نفسه وأتباع فرقته ومذهبه، فهو ومن معه يمثلون الفرقة الناجيه ومن يخالفهم يعد من ضمن الفرق الواحد والسبعين غير الناجيه الامر الذي ازدادت معه مساحة التشدد والتكفير وإباحة دماء المخالفين .