الإمارات تتوسع في توظيف (المرتزقة) من الأستراليين والكولومبيين والفرنسيين والبريطانيين للاستيلاء على الحديدة
يضع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن نصب عينيه الاستيلاء الكامل على ميناء الحديدة، الذي يخضع لسيطرة الحوثيين وحلفائهم منذ أن أجبر هادي على الفرار من اليمن في عام 2014. وحذر الخبراء من جرائم الحرب التي يمكن أن يرتكبها التحالف السعودي الإماراتي أثناء معارك السيطرة على الميناء، وهو أمر ليس بجديد على كل حال. غير أن الانتشار الواسع النطاق للعسكريين الأجانب (المرتزقة) ضمن صفوف القوات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة ربما يفتح باباً لمطاردة قوات التحالف من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
واضافة إلى الحماية التي يتمتع بها التحالف السعودي الإماراتي من الملاحقة الدولية بفعل الدعم الأمريكي والبريطاني في مجلس الأمن، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية أيضاً لا تتمتع بالولاية القضائية على أي من الدول الأطراف في الصراع اليمني نظراً لأن أياً من اليمن، أو الدول الأعضاء في التحالف السعودي (باستثناء الأردن)، لم توقع على معاهدة الانضمام إلى المحكمة. وينص القانون أن المحكمة لا تتمتع بالولاية القضائية سوى في الصراعات التي تنخرط فيها قوة تابعة لإحدى الدول الموقعة على ميثاق المحكمة.
ويأتي الخطر الأكبر للمحاكمة من باب غير متوقع نسبياً، فعلى سبيل المثال فإن قائد الحرس الرئاسي الإماراتي، اللواء مايك هيندمارش، هو مواطن أسترالي. ولأن أستراليا صدقت على نظام روما الأساسي في عام 2002، فإن المحكمة الجنائية الدولية لها اختصاص بمحاكمة المواطنين الأستراليين، بما في ذلك هيندمارش، وهذا أمر مهم، لأنه على عكس الأردن فإن الإمارات تدير جزءاً كبيراً من العمليات البرية في اليمن.
إلا أن الأمر ما يزال يتطلب الكثير من التحقيقات من أجل الكشف عن تفاصيل عمليات الحرس الرئاسي الإماراتي في اليمن ودور هيندمارش. ولكن ما هو معروف هو أن الحرس الرئاسي يجمع عدة وحدات من القوات المسلحة الإماراتية التي تعمل عبر البر والجو والبحر، فضلا عن وحدة العمليات الخاصة الممولة تمويلا جيدا. وفي حين أن الحديدة هي الميناء الرئيسي الأخير في اليمن الذي لا يخضع لسيطرة دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن أي جهد للاستيلاء على الميناء يتطلب مشاركة قوية من القوات الإماراتية المتمركزة جنوب الحديدة تحت قيادة الاسترالي هيندمارش واجانب آخرون.
من وجهة نظر لاهاي، يمكن للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن أن يلعب لصالح الأهداف المؤسسية للمحكمة الجنائية الدولية. وفي حين أن مكتب المدعي العام لم يكن على استعداد تاريخيا للإساءة إلى مصالح القوى الغربية، فإن هذه الدينامية قد تتغير. ففي مواجهة الانسحاب الجماعي للدول الأفريقية من المحكمة، والاتهامات الموجهة إليها بأنها مناهضة لأفريقيا وموالية للدول الغربية، فإن الوقت مناسب لأن تنظر المحكمة الجنائية الدولية في حالة مثل اليمن.
ومع ذلك، فإن التحقيق مع الاسترالي هيندمارش، أو غيرهم من الرعايا الأجانب (المرتزقة) الذين تستخدمهم دولة الإمارات العربية المتحدة في حربها باليمن، يتطلب من مكتب المدعي العام أن يكسر أرضية جديدة.
ورغم هذه المعطيات، فإن التغلب على العقبات في اليمن ربما لا يكون مستحيلاً نظرا لأن الإمارات تتوسع بشكل كبير في توظيف العسكريين الأجانب (المرتزقة). بخلاف الاسترالي هيندمارش، هناك عشرات آخرين من الأستراليين الذين يعملون في الجيش الإماراتي في المناصب العليا. وبفضل المال الوفير الذي تدفعه، فإن الإمارات اجتذبت أيضا مئات من الكولومبيين إضافة إلى فرنسيين وبريطانيين مرتزقة، وجميع هذه الدول أعضاء في معاهدة روما.
ونقل “الميثاق نت” أنه في الوقت الذي يتجه السعوديون والإماراتيون إلى الاستيلاء على ميناء الحديدة، فإن الإمكانية الملموسة لإجراء تحقيقات في جرائم الحرب ضد العدد الكبير من الرعايا الأجانب (المرتزقة) المشاركين قد تكون أفضل حافز حتى الآن للداعمين الدوليين للتحالف لحثهم على ضبط النفس.
م.م