مجموعات الأزمات الدولية: ثلاثة مقترحات وثلاثة ديناميكيات متقاربة قد تفضي لوقف الحرب في الحديدة
رأت مجموعات الأزمات الدولية، أن معركة الحديدة وصلت نقطة “اللاعودة”، غير أنها أكدت على أن هذه اللحظة هي الأخيرة التي من الممكن فيها للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة أن تمنع القتال المدمر.
و قالت المجموعة الدولية التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها، في تقرير صدر عنها هذا الأسبوع، أن أنصار الله و التحالف السعودي و رغم أنهم يقولون إنهم يريدون تجنب معركة الميناء و مركز المدينة، لكن مواقفهم التفاوضية لا تزال متباعدة.
و أوضح التقرير أن الآمال تكمن الآن في المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، لإيجاد إيجاد أرضية مشتركة. مبينا أن “غريفيث” يتمتع بفرصة حقيقية، و إن كانت محدودة للنجاح، بسبب ثلاثة ديناميكيات متقاربة.
و أشارت أن تلك الثلاثية هي أولاً، انفتاح أنصار الله لأول مرة على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة لإدارته، و ثانيا تفضيل الإمارات، التي تقود القوات العسكرية نيابة عن التحالف السعودي تجنب القتال في المناطق الحضرية، و ثالثاً، القلق المتزايد بين أصحاب المصلحة الدوليين، من أن معركة ضارية للميناء و المدينة، يمكن أن تكون لها عواقب إنسانية مدمرة و طويلة الأجل.
و نوه تقرير الأزمات الدولية إلى أن العثور على حلٍ، يعني تجسير المواقف للأطراف المتنافسة. مشددا على وجوب أن يضغط الحلفاء الدوليون بقوة، على أنصار الله و التحالف لتقديم تنازلات و القبول بتسوية تفاوضية للميناء و المدينة باعتبارها الخيار الأفضل و الوحيد المسموح به، حيث الرهانات في انجاز ذلك تكاد تكون في أعلى مستوى لها.
و أكدت المجموعة الدولية في تقريرها على أن نجاح وساطة الأمم المتحدة في التوصل إلى حل مقبول للطرفين، سيحمي المصالح الحيوية لجميع الأطراف فيما يتعلق بالحديدة، كما أنه يمكن أن يكون أساساً التسوية ليس فقط للميناء، و لكن أيضاً للصراع الأوسع بين أنصار الله و التحالف.
و أشار التقرير إلى أنه يمكن للحديدة أن تبرهن على أنها بداية النهاية لحرب اليمن، غير أنها حذرت في الوقت نفسه من أن الفشل في إنجاز ذلك الاتفاق لن يؤدي إلى تقويض آفاق مثل هذه المحادثات فحسب، و لكنه قد يكون بداية لمرحلة جديدة أكثر تدميراً.
و نوه التقرير إلى أن معظم المحللين العسكريين الذين يتابعون الحملة يقولون إن أنصار الله لديهم فرصة ضئيلة للاحتفاظ بالميناء و المدينة إذا استمرت الحملة المدعومة من الإمارات، و أن أنصار الله أنفسهم يدركون هذا أيضاً.
و رجح التقرير أن يكون ذلك هو ما دفعهم لإبداء استعدادهم لتسليم السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة، و مناقشة انسحاب جزئي من المدينة، بعد أن رفضوا مثل هذه الأفكار منذ عام مضى.
و بحسب التقرير، على الرغم من أهمية ذلك الأمر، فأنه لم يرقَ إلى المستوى العام لقادة التحالف، الذين يريدون الاستفادة من زخمهم العسكري من أجل انسحاب كامل لـ”أنصار الله” و تسليم الميناء و المدينة إلى قوات ما تسمى بـ”المقاومة الوطنية”، مع توفير الممر الآمن لـ”أنصار الله” إلى صنعاء.
و نوه التقرير إلى أن ذلك الطلب قد يحمل شيئاً من المرونة، و ذلك بعد أن أبلغ دبلوماسيون و مسؤولون لدى التحالف في المفاوضات الجارية خلف الكواليس، أن زعماء التحالف ألمحوا إلى أنهم قد يقبلون تسوية من أجل تجنب صراع طويل الأمد للميناء و المدينة.
و شددت المجموعة الدولية على وجوب أن يقوم المبعوث الأممي، بخطوة فورية، من خلال الإعلان عن حقيقة أن كلا الطرفين قالا له إن الصفقة ممكنة و أظهرا مرونة جديدة، ما من شأنه أن يحد من خطر أن يدعي أي طرف الآخر غير راغب في تقديم تنازلات، و يستخدم ذلك ذريعة لمنع المفاوضات.
و لفت تقرير المجموعة إلى أن إنجاز هذه التسوية يبقى قائماً طالما لم يبدأ الهجوم على مدينة الحديدة. موضحا إن ما تحتاجه الآن، هو دعم دولي قوي لجهود “غريفيث” للتوصل إلى مثل هذا الحل الوسط، إلى جانب الضغط الدولي القوي على الجانبين لقبوله، من خلال التالي:
– يجب أن يصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً يؤيد بشدة التسوية التفاوضية بشأن الحديدة تحت رعاية الأمم المتحدة وفقاً لمقترحات غريفيث.
– يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في الدعوة إلى صفقة من شأنها أن تمنع معركة المدينة والميناء.
– على الدول التي تدعم أو لديها خطوط اتصال مفتوحة مع أنصار الله، أن تضمن أن المجموعة تخضع لضغوط مستمرة للموافقة على حل وسط والتقيد بالتزاماتها في حالة توقيع الاتفاق صفقة.
و اعتبرت المجموعة الدولية في تقريرها أن ما يحدث في الحديدة، يمكن أن يثبت صحة الشعار الذي دائماً ما يردده المجتمع الدولي أنه لا يوجد حل عسكري، و لكن فقط حل سياسي لحرب اليمن، حتى مع استمرار الحرب بلا هوادة.
و أكد التقرير أن الحديدة تمثل فرصة لمجلس الأمن الدولي لإثبات قدرته على متابعة الحلول التفاوضية للصراعات في وقت يتزايد فيه الشكوك حول فعاليته و فائدته، في حين إنها توفر للأطراف المتحاربة خروجاً مشرفاً، يحمي مصالحها الحيوية بعد سنوات من تعرضها للخطر بشكل متهور.