ليميز الله الخبيث من الطيب
الإمارات تلتحق بقائمة العار والتطبيع مع الكيان الصهيوني، خبر غير مفاجئ، وإن كان صادما، فطالما كان ” أولاد زايد ” أدوات رخيصة للمشروع الصهيوأمريكي في الخفاء والعلن، وطالما كانت “أبو ظبي” وتوأمها ” دبي ” قبلتين لقادة الكيان الصهيوني ولسماسرة التطبيع ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية تحت ستار المناشط التجارية والسياحية.. وما الإعلان الرسمي عن الخيانة الإماراتية للأمة ومن داخل واشنطن، إلا دليل مضاف على مدى خضوع حكام أبو ظبي لأسيادهم الأمريكان والصهاينة، وتهافتهم نحو إرضاء تل أبيب على حساب القضية العربية والكرامة الوطنية.
انكشف المستور كما يقال، وحسنا فعل أولاد زايد، فقد بتنا بحق في زمن كشف الحقائق، الذي لا تجدي معه الرتوش والمساحيق، وإلا ما معنى أن يتكالب من يدعون الانتماء للعروبة زورا إلى حرب اليمن والعدوان على شعبها وسيادتها، لولا أنهم يخدمون المشروع الصهيوأمريكي وما معنى أن يأتي الترحيب بالخطوة الإماراتية من رموز الشر في تحالف عاصمة الحزم، ومن أدواتهم ومرتزقتهم داخل اليمن وخارجه؟
على أن مسلسل التطبيع الوقح مع العدو التاريخي للأمة لا يبدو أنه سيتوقف عند هذا الحد، فثمة دول عربية أخرى تنتظر المجاهرة بالمعصية دون خوف من الله أو الناس، وهو ما يعني ترسيخ الانقسام العربي الرسمي على محوري الانبطاح والممانعة، ليميز الله الخبيث من الطيب، ويعرف من لا يزال يشك في أمره، أين يجب أن يتموضع، وإلى من يجب أن ينحاز؟
أما الذين رحبوا وباركوا الخيانة الإماراتية من أشباه الساسة والمثقفين في أمتنا العربية الإسلامية، فقد سبقتهم قلوبهم المريضة وفلتات ألسنتهم، وهم ينشدون السلام ويعزفون سيمفونية التعايش والتسامح بين الأديان في تزوير متعمِّد للحقائق، مع أنهم يعرفون أن جذر القضية الفلسطينية يقوم على اغتصاب الأراضي العربية وتشريد أهلها والتنكيل بمن يقاومون الاحتلال وجلاوزته، ما جعل الأحرار في العالم يصطفون إلى جانب الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المغتصبة من منطلق إنساني بحت، وبموجب الاتفاقات والقرارات الدولية التي لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب استخدام الأمريكان لحق الاعتراض ” الفيتو ” عشرات المرات، وبسبب تراجع الأنظمة العربية عن دعم الحقوق الفلسطينية، وانسحابها من مسرح الصراع مع العدو الصهيوني إثر اتفاقية كامب- ديفيد سيئة الصيت.
وحتى حين انخدعت القيادة الفلسطينية وانخرطت في اتفاقيات مذِّلة مع العدو الصهيوني تحت وهم ” الأرض مقابل السلام”، فقد أثبتت الأيام والسنين أن إسرائيل هي الرابح الوحيد، أما الفلسطينيون فلم يتحصلوا على السلام والأمن ولم يستعيدوا الأرض ولم يغادروا حياة الشتات في الخارج، ولولا الانتفاضة والمقاومة التي يسطرها أبطال ” حماس ” و ” الجهاد ” وغيرهما، ومن ورائهم محور المقاومة والممانعة، لتمادت إسرائيل أكثر وأكثر حتى تحقيق مشروع إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
بيد أن عالم اليوم، وفي ظل ثورة الاتصالات وطفرة التكنولوجيا الرقمية، يسمح بتخطي الحدود والحواجز الجغرافية، ويساعد العدو على احتلال العقول وتفجير الدول من الداخل دون حاجة إلى قضم الأراضي واستيطانها، وهو ما يراهن عليه الكيان الصهيوني حاضرا ومستقبلا، بينما العالم العربي يغط في انحطاط عميق.