الكلكتابات فكرية

(دردشة دستورية – الحلقة 20)

الأستاذ أحمد: فلنبدأ بدرس اليوم الذي نبدأه باسم الله.

     إن على كل داعي أو داعية إلى الخير والعمل الصالح والنهج إلى الخير أن تكون دعوتهم لله وليس لغيرة فغن الله يحاسبهم بالأجر العظيم قال الله سبحانه وتعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)). إن هذه الآية تدل على أنه لا فرق بين عمل الذكر والأنثى فهما متساويان في قاعدة العمل والجزاء، لأن صلتهما بالله كانت هي الأسمى والدعوة لله لأن العمل الصالح لهما هي القاعدة الأصيلة لأنها قاعدة الإيمان والعمل لله والبناء وفق عقيدة الإسلام والنهج الرباني في العقيد والحكم، إن الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير، انها العقيدة الإسلامية التي ضحى من أجلها الأنبياء والرسل، إن الإنسان عندما يصل إلى هذه المرتبة العالية سوف يكون سعيداً في الدنيا والاخرة، لأن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤهما حياة طيبة في هذه الأرض، ولا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال، فقد تكون به وقد لا يكون معها.

    إن في الحياة أشياء كثيرة غير المال تطيب بها الحياة في حدود الكفاية، فمنها الاتصال بالله والثقة به، والاطمئنان إلى رعايته، وستره ورضاه، ومنها الصحة والهدوء والرضى والبركة، وسكن البيوت ومودة القلوب، وفيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة. وليس المال إلا عنصراً واحداً يكفي منه القليل حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله، إن عمل المؤمنون العاملون في الدنيا جزائه عند ربهم الحياة الطيبة وما يحصل لهم في الآخرة ووعدهم الله أن يجزيهم أحسن الجزاء على أعمالهم. إن الإنسان عندما يعرف أن رزقه إنما حصل بتدبير الله تعالى ويعرف أنه تعالى محسن كريم لا يفعل إلا الصواب، كان راضيا بكل ما قضاه وقّدره، وأيقن أن مصلحته في ذلك.

     إن المؤمن الداعي الى الله لابد أن يعرف في عقله ووجدانه أنه سيواجه كل المحن ويُـقدّر وقوعها وعلى تقدير وقوعها يرضى بها، لأن الرضا بقضاء الله تعالى فيه الخير وعليه أن يتحمل كل شيء لأنه يدعو إلى الخير والعدل والسلام والعودة إلى الحكم الرباني ويأخذ جزاءه من عند الذي خلقه وسواه وعدّله وشرح قلبه الى نور معرفة الله تعالى، والقلب إذا كان مملوء بهذه المعارف لا يتسع للأحزان الواقعة بسبب أحوال الدنيا، إن المؤمن يعرف بأن خيرات الحياة في الدنيا خسيسة، فلا يعظّم فرحه بوجودها وغمّه بفقدانها لأن الله عنده خير كثير له.

     إن الداعية والمربي سوف تقابل كلمته بالاعتراض عن نهجة، أو بسوء الأدب، فلا ييأس، وعليه أن يبادر بالحسنة لأنه في المقام الرفيع، وغيره يتقدم بالسيئة فإنه في المكان الأدنى، وكذلك عليه الصبر والتسامح، وضبط النفس وعدم مقابلة الشر بالشر، والهدوء والثقة، لأنه على الحق ويواجه الباطل فهو لا يقبل إلا الحق، إن الدعاة يجب أن يعرفوا بأن الله وعدهم بأحسن وعد لقوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31))، إن الله وعدهم بالجنة، وياله من وعد، ثم صورها بأنها الجنة التي يوعدون وكأنه تصوير الصديق لصديقه فيما يعلم أنه يسره علمه ورؤيته من حظه المرتقب ويزيد لهم جمالاً وكرامة لقوله تعالى (نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32)) إن ذلك  من عند الله أنزلكم إياها بمغفرته ورحمته.

     إن الدعوة إلى الله وظيفةٌ من أشرف الوظائف، ومهمةٌ من أعظم المهمات، إنها وظيفة الأنبياء والرسل ومهمة كل من أراد الله به خيراً ورفعةً وسعادةً في الدنيا والآخرة، ولا أعظم وصفاً ولا أصدق قولاً من قول ربنا جل وعلى حيث يقول (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)).

 

الأستاذ أحمد: اليوم استكمل الدرس ونفتح باب النقاش.

شائف: أستاذ أحمد اليوم كان درسك ممتع لأن فيه تقدير للدعاة وهذ التقدير من الله وعلينا ان نعمل مع كل الدعاة الذين يقومون بتوعية الأمة عن الدين الإسلامي حتى تكون الامة واعية لمعتقداتها وفاهمة لنظام الحكم الإسلامي وفق المنهج الرباني فشكراً لك.

 

shababunity@gmail.com

 

بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى