جمال بن عمر يتهم الأمم المتحدة بالفشل ويدعو لإلغاء قرار 2216 بشأن اليمن
كتب المبعوث الأممي إلى اليمن الأسبق إلى اليمن (جمال بن عمر) مقالاً يلخص الحرب في اليمن وإلى أين وصلت تحت عنوان (عودة الدبلوماسية) إلى اليمن.. ماذا بعد؟ ولماذا وصلنا إلى هنا؟
وفي صحيفة رأي اليوم قال (بن عمر) إن الحرب على اليمن أدت إلى مقتل نحو ربع مليون يمني، وتهجير أكثر من ثلاثة ملايين آخرين أو اضطرارهم للنزوح بعد تفشي جرائم الحرب على نطاق واسع.
وقال بن عمر: إن من البدهي أن يكون إعلان الرئيس الأمريكي (جو بايدن) عن عودة الدبلوماسية إلى اليمن، موضع ترحيب، إلا أن وقعه في صنعاء وعدن سيكون حتماً مختلفاً عن صداه في واشنطن عندما نتذكر أن عدداً من كبار مستشاري السياسية الخارجية للرئيس (بايدن) شغلوا– قبل ست سنوات– مناصب مماثلة في إدارة الرئيس (باراك أوباما)، وقدموا الدعم للحرب التي تقودها السعودية.
وأضاف: بصفتي مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلي اليمن، كنت في ذلك الوقت في صنعاء مُكِبـا على تيسير مفاوضات معقدة تهدف إلى صياغة اتفاق لتقاسم السلطة، ويمنع نشوب حرب أهلية لا تُبقي ولا تذر، وبعد عشرة أسابيع عصيبة، تم التوصل إلى حل وسط يعكس توافق الأطراف على شكل السلطتين التنفيذية والتشريعية، والترتيبات الأمنية، والجدول الزمني للعملية الانتقالية، و كان الاتفاق مطروحاً على الطاولة، وقد أَطلعتُ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تفاصيله، بل وكنت أُجري مناقشات مع كبار المسؤولين السعوديين حول المكان الذي يفترض أن يحتضن حفل التوقيع.
واسترسل قائلا : إن بعد يومين على عودتي من الرياض، وبدون سابق إنذار، بدأت الغارات الجوية، ومن نافذة الفندق حيث كان يقيم فريق الأمم المتحدة، تابعت بمرارة حجم التدمير الذي كانت تتعرض له إحدى أقدم المدن في العالم (صنعاء القديمة).
وتابع: للأسف، وفّر قرار مجلس الأمن عبر القرار 2216 غطاء للفظاعات التي تلت بعد ذلك، قرار صاغه السعوديون، وحملته بسرعة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مجلس يفترض أنه معني بضمان الأمن والسلم الدوليين، لقد كان حليفهم الخليجي في حاجة إلى ترضية بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران في غفلة منه لا بد أنها بدت مقايضةً ديبلوماسية عادلة لهم. غير أن الطرف الغربي في المقايضة كان يعرف كذلك أن مطالبة أنصار الله (الحوثيين)، المسيطرين على الأرض والمتقدمين ميدانياً، بالاستسلام لحكومة تعيش في منفى فندقي أنيق في الرياض لم يكن أمراً واقعياً أو مقبولاً، لكن ذلك لم يكن ذا أهمية كبيرة بالنسبة لهم لأنهم كانوا موقنين بأن الروس سيعرقلون القرار.
وأردف: لكنهم أخطؤوا التقدير! موسكو التي شعرت بوجود فرصة لها كذلك للإفادة من الصفقات التجارية مع المملكة السعودية، امتنعت عن التصويت مزيحة العقبة الوحيدة أمام تبني القرار، وللسخرية، فإن هذا القرار غير العملي ما يزال يشكل إلى اليوم إطاراً لجميع عمليات الوساطة التي تشرف عليها الأمم المتحدة، وساطة فاشلة بشهادة السنوات الست من عمر هذه الحرب.
ودعا بن عمر واشنطن لأن تسعى اليوم نحو الترويج لقرار جديد في مجلس الأمن، يوفر إطاراً مختلفا لعملية تفاوضية واسعة وشاملة تضمن مقعدا لكل الأطراف اليمنية، بما فيها الفعاليات المدنية التي نأت بنفسها عن الاقتتال، ويجب أن يشمل هذا الإطار (أنصار الله) ، أنهم أقوياء، رغم المليارات من مبيعات الأسلحة لدول التحالف الذي تقوده السعودية، إلا أنهم ما زالوا يسيطرون على نصف البلاد ويواصلون التقدم بين الفينة والأخرى.
وواصل بن عمر مقاله داعيا الدول الغربية إلى تشجيع أولئك الذين تصفهم بالأصدقاء على العودة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في اليمن، فالجلوس على طاولة المفاوضات لا يمكن أن يتم عن بُعد أو عبر الهاتف من منفى مريح، بل يتطلب التواجد على الأرض.
لقد أصبح الحقل السياسي في اليمن أكثر تشظياً وتنوعاً من أي وقت مضى. فإلى جانب الأحزاب التقليدية والفصائل المسلحة، هنالك أيضا مجموعات شبابية ونسائية ديموقراطية ومدنية. ولهؤلاء جميعاً كل الحق في مقعد على طاولة المفاوضات الجديدة.
ونوه بن عمر انه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتبنى مقاربة قائمة على الإملاءات، قد يكون من الطبيعة البشرية محاولة تصحيح الغلط لكن لا ينبغي لواشنطن بأي شكل من الأشكال أن تقود العملية، بل عليها أن تلعب دور الراعي الميسر وأن تحاول جلب جميع الأطراف إلى الطاولة، وستجد حينها أن الجالسين للتفاوض لن يعدموا الخيارات في إيجاد شخصيات يمنية مرموقة تربطها علاقات مع كل الأطراف، شخصيات يمكنها مساعدة جميع الفرقاء على الالتقاء والبحث عن حلول وسط كما فعل اليمنيون دوماً منذ آلاف السنين.
واختتم حديثه قائلا: لقد شددت في آخر تقرير قدمته لمجلس الأمن في أبريل 2015 على أنه يجب منح اليمنيين الفرصة لتقرير مستقبلهم بحرية ودون تدخل أو إكراه من قوى خارجية. وهذا الأمر ما يزال صحيحاً اليوم، لا أحد يستطيع أن ينكر أن قرار الولايات المتحدة إنهاء دعمها العسكري للحرب التي تقودها السعودية في اليمن هو خبر جيد، ونأمل أن تحذو كل من بريطانيا وفرنسا حذوها. لكن هذا لن يوقف القتال في اليمن أو يجلب السلام لشعبه.