الطابور الفاسد
يطرح البعض في سياق تبرير ضبط الكتابات التي تخدم العدوان سؤالا مفاده: ماذا لو أن كاتبا في الرياض أو الدوحة أو دبي أو حتى عدن أو مأرب تناول في سلسلة مقالات صحفية ومنشورات فيسبوكية بعض ما يفضح جرائم التحالف العدواني على المدنيين في اليمن، وبعض ما يكشف حقيقة أهداف النفوذ الاستعماري للقوى العالمية في سواحل اليمن وموانئه وجزره، ولم يخف تأييده لمشروعية دفاع اليمنيين عن بلادهم، وإعجابه بما يسطرون من بطولات، كيف ستتعاطى معه سلطات هذه الدول والمناطق؟
لا شك أن الإجابة معروفة، فهذه الأنظمة دأبت على قمع الرأي المختلف في قضايا رأي لا تمس الذوات الملكية والأميرية الحاكمة في الظروف الطبيعية، فما بالك بمصير هكذا كاتب في هذا الظرف الاستثنائي .
وبغض النظر عن طبيعة السؤال والإجابة فإنني على قناعة بأن الكتابات المتماهية مع المعتدين لا يمكن أن تؤثر على مواقف اليمنيين الذين اختاروا مناهضة العدوان من الوهلة الأولى للاعتداء على اليمن، فهؤلاء بعد أكثر من عامين لم يزدادوا إلا يقينا بهمجية العدوان ووحشيته، وتجرده عن كل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، لا سيما وهذا التحالف الأجرب ما يزال يغرق كل يوم في جرائمه أكثر وأكثر، فضلا عن أن ثورة الاتصالات، قد استطاعت أن تكسر حواجز المنع، والحجب، فثمة ألف طريقة وطريقة لإيصال الرسالة إلتي يريد المرسل أن يوصلها إلى المتلقي هنا أو هناك.
.
إن الخطر الحقيقي الذي يواجهه اليوم المواطن اليمني الرافض للعدوان ليس قادما من أدوات العدوان فحسب، ولكنه قادم أيضا وربما بشكل أكبر من طابور الفاسدين، بتشكيلاتهم المختلفة:
فالمسئول الذي يسيء استخدام نفوذه في موقعه، بما يؤدي إلى الاستقواء على الآخرين وقهرهم وإذلالهم، أو يحقق لنفسه الثروة الشخصية والمصلحة الذاتية هو من أخطر أشكال العدوان على المواطن ولقمة عيشه، حتى لو كان يهتف صباح مساء ضد العدوان.
والتعيينات والترقيات التي يمنحها بعض النافذين لاعتبارات القرابة أو الحزبية أو المناطقية أو غيرها خارج القانون وبعيدا عن معايير الكفاءة والمساواة ، هي أخطاء فعلية تترك آثارا نفسية سلبية عند المواطنين الذين يناهضون العدوان ويقدمون أبناءهم في مواجهته.
وهؤلاء الذين تتصدر المواقع الإليكترونية أخبار صراعاتهم العنترية على الإدارات والمواقع الوظيفية في بعض الوزارات ، وما يتبع هذا الصراع من نشر الغسيل وتبادل الاتهامات بين فريقي مناهضة العدوان من المؤتمر والأنصار يترك انطباعا سلبيا عند المواطن المتابع لصراعاتهم.
وحكومة الإنقاذ التي يفترض أن يتسابق وزراؤها على من يقدم أداء أفضل في إدارة الشأن العام، والتخفيف من معاناة المواطنين، وصرف مرتباتهم أو جزء منها، بما يؤدي إلى تعزيز الجبهات يتصارعون على من يفرض المحسوبين عليه في المواقع الوظيفية.
هذه وغيرها من القضايا التي يجب التعاطي معها بمسؤولية بما يفضي إلى تخفيف معاناة الناس وتعزيز صمودهم.
ظلال شعرية
ومضى الفَوَارِسُ
والرياح تَقصُّ رؤياها وأخبار السلاح.
إني رأيتُ الفارسَ العربيَّ
لا يدريْ بِما يجري
يُكَفْكِفُ حُزْنَ رَاحِلَتَيْهِ مَكْسُورَ الجَنَاحْ.
(ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ
وَبَقِيْتُ مِثْلَ السَّيْفِ فَرْدَا)
ورأيتُ (تَلَّ أَبِيْب) تقتادُ البشيرَ
فَتُعْلِنُ (الخرطومُ) في (صنعاءَ) غَضْبَتِهَا
وتسكتُ شهرزادُ عن الحكايةِ والكلامِ الكُسْتِنَائِيِّ المُبَاحْ
ورأيتُ (قاهرةَ المُعِزِّ)
تُنِيْخُ للْأَعْرَابِ في الصَّحراء صهوتَها؛
ليركبَها شيوخُ النَّفطِ
فــ(السِيْسِيُّ) أفْتى لا جُنَاحَ عليكِ
إنَّ البَنْكَنُوتَ يُبِيْحُ هَزَّ الوَسْطِ لِلْمُضْطَرِ أَحْيَاناً
وَأَحْياناً يُسَامحُ في الموَاطَأَةِ السِّفَاحْ.