أمريكا وألمانيا ودورهما في حرب اليمن..
انهارت محادثات السلام في جنيف حول اليمن قبل أن تبدأ، وعاد العنف إلى المربع الأول وتجدد السؤال حول إمكانية وضع حد لحرب دائرة منذ أربع سنوات تقريبا. فما الدور الحقيقي للغرب في دفع السلام أو الضغط على حلفائه لإنهاء الحرب؟
رغم الآمال الكبيرة، التي عُلِّقت على محادثات السلام حول اليمن في جنيف، إلا أن هذه المحادثات فشلت قبل أن تبدأ، وهو ما أظهر بوضوح غياب آفاق أي انفراج في المشهد اليمني، بعد حوالي أربع سنوات من الصراع الدامي بين الحوثيين من جهة، والتحالف العربي، المدعوم من الولايات المتحدة، وتقوده السعودية، من جهة أخرى.
فشل المحادثات جدد أيضاً الأسئلة حول جدوى الحل العسكري، وحقيقة المزاعم الغربية في الضغط على السعودية؛ لتجنب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في الملف اليمني.
على ماذا يعول أطراف الأزمة؟
من الواضح أن طرفي الأزمة اليمنية مصران على مواصلة المأساة في الأشهر القادمة على الأقل. فما الذي يدفعهما إلى المزيد من استنزاف ملايين اليمنيين، الذين حوَّل الصراع المسلح حياتهم إلى جحيم؟
في حوار له مع DW عربية اعتبر الألماني غيدو شتاينبرغ، الخبير لدى مركز الدراسات الأمنية والسياسية القريب من الحكومة الألمانية في برلين، أن الحل السياسي للأزمة اليمنية عاد إلى موقعه المتعثر وأصبح بعيد المنال من جديد. وأشار الخبير في شؤون الشرق الأوسط إلى أن طرفي الصراع عاجزان عن حل الأزمة عسكرياً “لكن الحوثيين يعتقدون أنهم قادرون على متابعة تحديهم للتحالف، كما أن السعودية والإمارات تعتقدان أن بإمكانهما السيطرة على ميناء الحديدة لإخضاع الحوثيين”، حسب تعبيره.
وقد أضحت الحديدة، المدينة البحرية ومنفذ الحوثيين على البحر الأحمر، رمزا لهذا التعثر، فهي المدينة، التي يراوح الصراع مكانه عندها سياسياً وعسكرياً منذ شهور.
أزمة واشنطن في اليمن!
المحادثات، التي كانت مقررة في جنيف السبت الماضي، سبقها بنحو عشرة أيام إصدار تقرير من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، جاء فيه أن كل أطراف النزاع في اليمن يحتمل أن يكونوا ارتكبوا “جرائم حرب”. واتهم كامل الجندوبي، رئيس مجموعة الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، في بيان صحفي أطراف النزاع بعدم محاولة تقليل الخسائر بين المدنيين.
التحالف بقيادة السعودية، يحصل على دعم سياسي ولوجستي مباشر من الغرب، وتحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية، رغم كل الانتقادات والتحذيرات من الانتهاكات المرتكبة فيها، فكيف يستقيم الأمر؟
يرى شتاينبرغ أن حل هذه المعضلة كامنٌ في فهم موقف واشنطن من الملف النووي الإيراني أيام الرئيس السابق أوباما، حيث أوضح “دعمت إدارة أوباما السعودية في حرب اليمن لأنها أرادت الحفاظ على تحالفها مع الرياض بالرغم من رفض السعوديين للاتفاق النووي الإيراني”. ويضيف الخبير بشؤون الشرق الأوسط “إدارة ترامب تابعت دعمها للرياض بدون قيد أو شرط لأنها ترى الحوثيين ذراعاً لإيران في المنطقة يجب قطعه”.
هل برلين بريئة من حرب اليمن؟
واشنطن ليست الطرف الغربي الوحيد المتداخل في حرب اليمن، وإن كانت الطرف المباشر والأكثر وضوحاً. وإذا كانت إدارة ترامب عازمة على مواصلة دعم السعوديين في اليمن، فماذا عن باقي اللاعبين الغربيين؟
الحكومة الألمانية مثلاً، وبالرغم من الأصوات المعارضة لتصدير الأسلحة إلى مناطق النزاعات، وافقت على تسليم ثماني غواصات حربية للسعودية. كما أظهر رد للحكومة الألمانية على استجواب لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني أن السعودية كانت في الربع الأول من عام 2018 المستورد الأول للأسلحة الألمانية في العالم.
وأصدرت برلين تصاريح تصدير فردية للملكة العربية السعودية بقيمة 161.8 مليون يورو خلال الربع الأول من العام الجاري- أي ما يزيد بمقدار ثلاثة أضعاف عن القيمة التي تم رصدها في الربع الأول من العام الماضي.
ويبدو هذا الرقم متعارضاً مع ما جاء في عقد الائتلاف الحكومي، الذي اتفق عليه الاشتراكيون والمحافظون المسيحيون في مطلع هذا العام والذي نص أحد بنوده على وقف أو تقليص تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات، مثل المملكة العربية السعودية.
ويفسر غيدو شتاينبرغ هذا التعارض في أن عقد الائتلاف الحكومي تم التوقيع عليه في شباط/ فبراير 2018، في وقت كانت عقود الأسلحة آنفة الذكر قد وقعت ومرت على البرلمان ولم يبقَ سوى تسليمها. وتوقع شتاينبرغ أن تتراجع صادرات الأسلحة الألمانية إلى السعودية ابتداء من 2018.
وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد ذكرت في أواخر يوليو/ تموز الماضي أن الحكومة الألمانية الجديدة، التي تم تنصيبها في 14 آذار/ مارس، أوقفت صادرات الأسلحة للسعودية وتركيا بالكامل تقريبا خلال الأشهر الأولى من توليها المهام رسميا. وبحسب بيانات الوزارة وافقت الحكومة الجديدة على منح تصريح واحد بتصدير أسلحة للسعودية بقيمة 28563 يورو.
على الرغم من أن السعودية هي الزبون الأهم للأسلحة الألمانية، إلا أن ذلك يواجه معارضة برلمانية وخارج البرلمان في ألمانيا
هل من نهاية تلوح في الأفق؟
وبالعودة إلى آفاق وضع حد لهذه الحرب، بعد اقتراب إتمامها للعام الرابع، يرى غيدو شتاينبرغ أن الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة قد يكون قادرا على منع السعودية من مواصلة قصفها الموسع على جميع المواقع في المناطق التابعة للحوثيين وإجبارها على قصف المواقع العسكرية فقط ” بشرط أن تكون هذه النية موجودة لدى إدارة ترامب”.
لكن الخبير الألماني بشؤون الشرق الأوسط شكك في وجود هذه النية، ليس هذا فقط وإنما يرى أن “البيت الأبيض لا يرغب في وضع حد لحرب اليمن قبل أن يرى النهاية التامة للحوثيين.”