كتابات فكرية

حين لا يُذكَر الغائب ولا الحاضر: أثر الإهمال الرقمي على النفس

حين لا يُذكَر الغائب ولا الحاضر: أثر الإهمال الرقمي على النفس

بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف

الأحد 19 أكتوبر 2025-

في عصر يتسم بسرعة المعلومة وتدفق الآراء عبر المنصات الرقمية، يصبح “الحضور” اليومي ضرورة لثبات الوجود، لا لزيادة القيمة. كتبتُ، وكنتُ شاهدًا على ما يجري في ساحاتنا المحلية والعربية والعالمية، بصوت موضوعي، ورؤية أكاديمية، ومنهج علمي مدروس. قدّمت جهدي للناس، بلا مقابل ولا انتظار لمكافأة، فقط لإيماني بأن الكلمة مسؤولية، وأن التوثيق شرف.

لكنني حين غبت – لأيام – انقطعت منشوراتي عن الفضاء، كما انقطع اسمي من ذاكرة المتابعين. لم يُسأل عني، لم يُذكر غيابي. كأن الوجود، في هذا العالم الافتراضي، مرتبط فقط بمقدار الضجيج الذي تصنعه، لا بالقيمة التي تقدمه.

هذا التجاهل لم يكن عابرًا. بل كان صادمًا. 

الانكشاف النفسي حين تدرك أن حضورك كان مشروطًا بوجودك اللحظي فقط، لا بإرثك الكتابي ولا بصمتك التحليلية، يخلق شعورًا بالإحباط، وربما الشك بالذات. أليس الإنسان بحاجة لمن يُدرك غيابه؟ لمن يقول “أين كنت؟”

أثر ذلك؟ 

– عزلة فكرية مؤقتة 

– فتور تجاه الاستمرار في الكتابة 

– تساؤلات مريرة حول القيمة الحقيقية لما نقدمه 

– وشعور غير معلن بالخذلان، لا من أحد بعينه، بل من منظومة “النسيان الرقمي”.

لكنني عدت. 

لأن من يكتب بدافع المسؤولية لا يكتب لأجل التقدير. من يوثق لأجل الوعي، لا يهمّه التصفيق. 

عدت لأستعيد الدور، لا الاعتراف.

خلاصة:

الحضور الرقمي لا يجب أن يكون مرآة لقيمة الإنسان أو فكره. فلنعد تشكيل علاقتنا مع هذا العالم: نكتب لأن الكتابة فعل وعي، لا وسيلة تذكّر. ومن يكتب للحق، لا يُنتظر أن يُذكَر. لأن التاريخ – وحده – لا ينسى.

اقرأ أيضا للكاتب : اليمن بعد وقف إطلاق النار في غزة: من رصيد المقاومة إلى معادلة الدبلوماسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى