الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن قيمة الحرية من المهد الى اللحد!

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن قيمة الحرية من المهد الى اللحد!
يوميات البحث عن الحرية .. قيمة الحرية من المهد الى اللحد!
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين 13 أكتوبر 2025-
لعل أبرز علامات الشعوب والمجتمعات الحرة تبدو واضحة من خلال مستوى احترامها للحرية وتقدير قيمتها وأثر ها في التراكم العلمي والمعرفي على مستوى حياة الفرد والمجتمع، وفتح ابوابها وافاقها او اغلاقها كهدف اساس من أهداف تأدية الانسان رسالته في الحياة نحو نفسه والآخرين.
وللسلطة دور معروف واساس في السعي لتحقيق هذا الهدف الذي دفع الانسان الحر من أجل تحقيقه أثمان باهظة من التضحيات نتيجة نضاله ضد المستبدين والطغاة المحليين والعالمين عبر التأريخ!
الشعوب والمجتمعات تصنع سلطات مجانسة لها في تقدم الافكار او تخلفها سواء من خلال المقاومة الحقيقية لكل من يسلبها أو يحاول سلبها حقوقها الطبيعية الشرعية او التي يفترض انها شرعية.
وفي مقدمة الحقوق الشرعية للشعوب حقها في صياغة وبناء نظامها السياسي كي يصبح عقداً اجتماعياً مضمونه العدل والمساواة وليس بالتسليم بكون ذلك قدَراً محتوما قابلا للتوريث باسم الحق الإلهي أو أي حق يدعيه الحكام، أي حقه المدني في أن تكون السلطة التي يوصلها بإرادته إلى مواقعها سلطة مدنية قابلة للتغيير والمحاسبة بإرادته كما يفعل الأحرار في العالم!
وهذا جوهر الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ونقول مدني كي يفهم من يريد تحويل الدين الى أداة لسلب حرية الناس خدمة لمصالح فرد او حزب او جماعة دينية أو مذهبية او سياسية بان محاولته هذه غير مشروعة وأن طموحه في الحكم بالقوة أو بالاحتيال باطلٌ ورجعي مهما لبس الحكام من لُبُوس!
هذا الجوهر يفترض انه خطوة انسانية جامعة يقبل بها أي دين أو مبدأ يدعي أصحابه أي علاقة لهم أو لدينهم بالحرية.
مبادئ حقوق الانسان إجمالاً لا تقبل المعايير المزدوجة وترفض كل اشكال العنصريات أو ادعاء الاصطفاء الإلهي!
التنازل أو الاجتزاء أو المساومة أو حق الانسان في حكم نفسه بنفسه لم يعد مجرد نظرية واجهها ويواجهها المستبدون بوصفها بالخيالية والمثالية، لكنها صارت أهم تجسيد للحق في الحكم كأساس للعدالة والحرية القابلة للقسمة على العالم، اي على البشر الذين لا مجال في نفوسهم لأي نزعة من نزعات الاستعباد والبغي والميول الشريرة نحو الابادة الجماعية القائمة على العنصرية.
ولا يمكن للموت والقتل والابادة الجماعية وشهوة التسلط والطغيان الا ان تكون قائمة على عنصرية مقيتة وبغيضة!.
هذا الحق لدى الانسان الحر أساس للعدالة والحرية شأنه شأن منظومة الاعلان العالمي لحقوق الانسان قابل للقسمة على العالم ، اقصد بني البشر الذين لا مجال في نفوسهم لنزعات الابادة الجماعية التي شهدنا ونشهد اقبح وجوهها ممثلة في هذا الكائن الذي يسعى اليوم للحصول على جائزة نوبل للسلام الملطخة سمعتها بالدماء والمثيرة في معظم خياراتها واختياراتها للجدل بل وللشفقة!.
يتضح ذلك من خلال تأمل بعض الشخصيات الحاصلين عليها وبالذات من رؤساء هذه الدولة التي تقف في كل قراراتها أو فلنقل معظمها ضد الحق والسلام في العالم!.
ومن علامات ذلك ان هذه الدولة (الولايات المتحدة الأمريكية) قد عطلت منذ 1945 حوالي خمسين مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي متعلقة بحقوق الفلسطينيين مقابل قرارين للدول دائمة العضوية استخدمتهما من أجل السلام.
كان وما زال بإمكان الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها ضد كل الجرائم التي تملأ العالم لتعطي صورة أفضل لأداء هذا المجلس ليكون عالميا له معنى يطابق اسمه!
بل ومن زعماء اسرائيل التي تأسست على القتل والمجازر وما تزال تتسع اعتمادا على منهج الابادة الجماعية وارتكاب كل جرائم الحرب دون استثناء!
وأحدث الامثلة جرائم الابادة الجماعية الجارية اليوم في غزة بهدم بيوتها ومبانيها على رؤوس ساكنيها ومحوها من الوجود على مرأى ومسمع العالم الذي رأينا بعض النماذج من المحسوبين بشرا يصفقون للمعتوه ترامب الذي يرأس أكبر وافخم وأعظم دولة أو إمبراطورية في هذا العالم المدان من كل من لديه قدر من الإحساس عدى قلة من الأحرار الذين ليسوا بحاجة لإشادة من أحد، أو بتلطيخ سمعتهم بمنحهم جائزة نوبل أو أمثالها.
كل من يشاهد ببرود ما جرى ويجر في غزة لابد ان يمسه ولو بعض ما يمس الانسان او المتهم بالإنسانية ومنهم من يرى أن إسرائيل هذا الكيان المتوحش المدعوم من أقوى دول العالم بحاجة إلى مبرر من بعض المتلاعبين بالعاطفة الدينية والأخلاقية والإنسانية!
نعم بناء البلدان الديمقراطية الحرة المحبة للسلام انما يكون من الداخل ومن خلال اختيار الحر لسلطة سياسية وظيفتها الاولى تحويل العقد الاجتماعي المطلوب وابرز مكوناته الدستور إلى هدف معاش في حياة الناس، واول علامات هذا الاختيار او الخيار حرص السلطات على تحقيق ذلك.
والذي يبرز من خلال حرصها الكامل على تغذية كل ما يساعد في تنمية قدرة وتمسك الانسان بحرياته وعدم القبول بقمعها سواء بصورة مباشرة من خلال الممارسات القمعية او غير المباشرة من خلال السياسات الهادفة الى تدجين الناس واجبارهم المادي والنفسي والمعنوي على الطاعة وتجميد روح النقد والمبادرة في عقولهم وعدم الاهتمام بالإبداع وأحيانا قتله في نفوس الاطفال والشباب ذكورا واناث أو تبدأ عمليه القمع من الطفولة التي تتميز بدهشة الطفل من عالمه الجديد خارج رحمه امه.
وبين الام والطفل لغة بها يفهم كل منهما الاخر حيث يعبر الطفل عن دهشته بالنظر، وحين يكتسب بعض مفردات اللغة يبدا بالسؤال بكلمات تفهمها الام أكثر من غيرها يسألها عن ماهية الاشياء ومعاني الكلمات.
ونتيجة القمع المتوارث تكون الإجابة او الاجابة المقنعة للكثير من اسئلته غير معبرة عن فهمها الكامل بما يعنيه السؤال!
واحيانا تواجه اسئلته الحساسة ذات العلاقة بالدين او الاجتماع بالزجر والقمع، لهذا تموت لديه القدرة على السؤال والابداع أو بناء الايمان على أسس منطقية خالية من منطق التسلط والامر والنهي.
فمن يستقبل الطفل غارق في هاوية سحيقة من تراكم المفاهيم الخاطئة عن الدين
وعن الحياة بكامل تفاصيلها لهذا نجد بعض الجماعات الحاكمة تتسابق على افتراس عقول الأطفال خاصة في الاعمار الفاصلة بين الطفولة والشباب لتوجيهها باتجاه الطاعة العمياء توجيهات ضالة مظلة تحت شعارات الهدي.
تعلٍم كيف تجعل الشمس في يمينك
والقمر في يسارك
كي لا تركع لغير الله
أو تفرط في حريتك.
اقرأ أيضا: الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل.. أهذه غزة أم الدمار العالمي الجديد؟!
