جريمة استهداف زملائي وموقف الاتحاد الدولي للصحفيين

جريمة استهداف زملائي وموقف الاتحاد الدولي للصحفيين
- عبدالرحمن مطهر
الأحد 14 سبتمبر 2025
لا شك أن الجريمة المتمثلة في الاستهداف المباشر لمقر صحيفة 26 سبتمبر وصحيفة اليمن في قلب العاصمة صنعاء، والتي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي، تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف إلى إسكات الصوت الإعلامي الحر المناهض للاحتلال وجرائمه في قطاع غزة.
كما تمثل هذه الجريمة رسالة تهديد مباشرة للصحفيين العرب والمؤسسات الصحفية العربية، مفادها أن هذا سيكون مصيرهم إن تناولوا مجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة.
وتأتي هذه الجريمة امتدادًا لسياسة ممنهجة ينتهجها العدو الإسرائيلي ضد كل صوت صحفي عربي، إذ استهدف بشكل مباشر أكثر من 245 صحفيًا وإعلاميًا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، دون أن يُحرّك العالم ساكنًا.
وقد شاهد العالم بأسره كيف أقدم جيش الاحتلال على تصفية الصحفية الفلسطينية الشجاعة شيرين أبو عاقلة بدمٍ بارد، وكان ذلك قبل السابع من أكتوبر 2023، مما يؤكد أن سياسة إسكات الإعلام الحر هي سياسة إسرائيلية بامتياز، ينفذها جيش الاحتلال مستغلًا الدعم الكبير والمباشر واللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لولا دعمها لما تجرأ على ارتكاب جريمة واحدة.
المؤسف أن جريمة استهداف الصحفيين اليمنيين وهم في مقر عملهم لم تُحرّك ضمير نقابة الصحفيين اليمنيين إلا بعد ثلاثة أيام من وقوعها، والأسوأ أن الاتحاد الدولي للصحفيين لم يصدر حتى الآن أي بيان إدانة لهذه الجريمة المروعة.
إن صمت الاتحاد الدولي تجاه هذه الجريمة لا يمكن تفسيره إلا على أنه انحياز واضح للعدوان على حساب الضحية.
وللأسف، نلاحظ أن الاتحاد الدولي للصحفيين يسارع إلى إصدار بيانات الإدانة عند حدوث أي مضايقات لأي صحفي من قبل السلطات في صنعاء، وهذا أمر مطلوب، لكنه في المقابل لم يرَ ولم يعلم أن هناك حوالي 30 صحفيًا قُتلوا بغارات عدوانية مباشرة على مقرات أعمالهم من قبل العدو الإسرائيلي.
وكان من المفترض أن تتواصل النقابة المبجلة مع الاتحاد الدولي وتحثه على إصدار بيان إدانة، لكنها للأسف لم تفعل ولن تفعل، رغم أن النقيب موجود في صنعاء وبالتأكيد يعلم بما حصل لزملائه.
إن هذه الجريمة المروعة لا تمثل فقط انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، بل تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، وتشكل سابقة خطيرة في استهداف الصحفيين من قبل العدو الإسرائيلي، حتى لو كانوا يبتعدون عنه بآلاف الكيلومترات، في محاولة واضحة ويائسة لإسكات الصوت الحر المناهض لجرائمه.
وباعتباري صحفيًا يمنيًا وعضوًا في نقابة الصحفيين اليمنيين والعرب والدوليين، أطالب الاتحاد الدولي للصحفيين باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه هذه الجريمة، وذلك من خلال:
إصدار بيان إدانة رسمي يُحمّل الكيان الإسرائيلي المسؤولية عن استهداف الصحفيين اليمنيين.
الدعوة إلى تحقيق دولي مستقل في هذه الجريمة، بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان.
إدراج هذه الحادثة ضمن تقارير الاتحاد السنوية حول الانتهاكات ضد الصحفيين.
دعم أسر الضحايا معنويًا ومهنيًا، والتضامن مع الصحافة اليمنية في مواجهة هذا العدوان، وضمان عدم تكراره.
اقرأ أيضا:العدوان الإسرائيلي على التحرير والتداول الإعلامي العربي لهذا الجريمة