كتابات فكرية

الحركة القضائية الشاملة

الحركة القضائية الشاملة

 الحركة القضائية الشاملة تحسين للقضاء ووجوبية معالجة والحد من سلبياتها

  • بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

 الخميس3يوليو2025_

في غير الأحوال الاستثنائية التي يقرها مجلس القضاء الأعلى .. لا يجوز نقل القاضي من محكمة إلى أخرى إلا بعد مرور ثلاث سنوات على مباشرته للعمل في هذه المحكمة و  لا يجوز أن يبقى أحد القضاة في محكمة واحدة بغير نقل لأكثر من خمس سنوات.

ما ورد أعلاه هو نص المادة (65) الفقرتين (د,هـ) من قانون السلطة القضائية الذي أوجب عدم بقاء أي قاضي في نفس المحكمة أو النيابة أو الهيئة القضائية لمدة أكثر من خمس سنوات وجوازيه نقل القاضي بعد مرور ثلاث سنوات .

وهذا النص القانوني هام جداً لتفعيل القضاء وضمان حيادتيه واستقلاله لأن بقاء القاضي سواء كان قاضي محكمة أو عضو نيابة في نفس المحكمة أو النيابة أو الهيئة القضائية  لأكثر من ثلاث سنوات يؤثر على حيادية واستقلاله عن أطراف الخصومة ومع تكرار القضايا المنظورة لديه قد تكون هناك علاقة ارتياح للبعض من المواطنين وعلاقة صدام وغيض من البعض قد تكون بسبب تصرفات إيجابية من الأول وتصرفات سلبية من الثاني والقاضي إنسان وله مشاعر وأحاسيس تتأثر بما يواجهه من تصرفات الأطراف وينحرف استقلال القضاء عن مساره بسبب ذلك هذا بشكل عام كما أن البعض قد تكون لهم علاقات ومصالح شخصية ونؤكد أن القاضي إنسان وليس رجل آلي روبرت لذلك نص قانون السلطة القضائية على جوازيه نقل جميع القضاة خلال ثلاث سنوات من مباشرة القاضي أو عضو النيابة العمل ووجوبيه نقله بعد مرور خمس سنوات وعدم قيام مجلس القضاء الأعلى بتنفيذ حركة قضائية كل ثلاث سنوات لجميع القضاة وأعضاء النيابة من أعلى مستوى ممثل في مجلس القضاء الأعلى والنائب العام وحتى أصغر قاضي وعوض نيابة في محكمة ابتدائية يسحب مشروعية وصلاحية القضاة وأعضاء النيابة في الإجراءات المتخذة منهم بسبب عدم تنفيذ هذا النص القانوني الهام والملزم ويفقد بذلك القضاة وأعضاء النيابة مشروعيتهم في العمل وتكون إجراءاتهم عرضة للبطلان والانعدام بسبب ذلك وخصوصا إذا استمر القاضي أو عضو النيابة لأكثر من خمس سنوات في نفس العمل دون حركة ولا تغيير .

فكل شيء راكد وباقي في محله دون تحريك ولا تغيير يتعفن ويتعطل حتى الماء الزلال بقاؤه لفترة طويلة في نفس المكان دون تحريك يتسبب في تعفنه ونمو الطحالب وتلوثه بالجراثيم والمكروبات و تحوله إلى مادة سامة و كذلك القضاة وأعضاء النيابة .

ورغم تأكيدنا على إيجابية هذا الإجراء وصوابيته لتفعيل السلطة القضائية وضمان حياديتها واستقلالها وعدم احتكارها من البعض ولكن هناك سلبيات تسبب فيها الحركة القضائية على المواطنين وإذ نؤكد تمسكنا على وجوبية تحريك جميع القضاة وأعضاء النيابة بعد مرور ثلاث سنوات  من المحاكم والنيابات التي يعملون فيها وعدم استثناء أي شخص من هذا الإجراء ولكن يستلزم أيضا معالجة إشكاليات الحركة القضائية لتحقق الثمرة المرجو منها وأهم تلك الإشكاليات ومقترحات معالجتها نوجزها في النقاط التالية :

1-. عدم شمولية الحركة القضائية لجميع القضاة وأعضاء النيابة العامة في جميع النيابات والمحاكم ومؤسسات وهيئات القضاء :

حيث يلاحظ بقاء قضاة وأعضاء نيابة في أعمالهم سواء في المحاكم والنيابات او في هيئات ومؤسسات القضاء لأكثر من ثلاث سنوات دون تحريك وهذا إجراء خاطئ ويجعل الحركة القضائية محصورة في القضاة وأعضاء النيابة الذين ليست لهم وجاهه وعلاقات قوية مع قيادات القضاء ومن لهم علاقات قوية مع القيادة يتم استثناؤهم ويستمرون أعوان وعقود في المحاكم والنيابات او هيئات القضاء الأخرى مثل التفتيش القضائي والمكتب الفني وغيرها من مؤسسات القضاء

ولمعالجة ذلك نقترح :

تنفيذ حركة قضائية شاملة لجميع القضاة وأعضاء النيابة العامة كل ثلاث سنوات من  أعلى رأس القضاء ممثله في مجلس القضاء الأعلى والنائب العام وحتى اصغر قاضي في محكمة أو نيابة ابتدائية الجميع يستلزم تحريكهم بعد مرور ثلاث سنوات لأنهم جميعا قضاة ويسري على الجميع هذا النص القانوني باعتباره مبدأ وقاعدة قانونية يخضع الجميع لها دون استثناء ولا تمييز .

2-. مشكلة تباطؤ تسليم واستلام ملفات القضايا بين القاضي السلف والخلف

عدم ترتيب إجراءات الحركة القضائية وخصوصا ملفات القضايا المنظورة لدى القضاة قبل تنفيذ الحركة القضائية يتسبب في ضياع وفقدان ملفات قضايا واستمرار دور الاستلام والتسليم بين القاضي السلف والقاضي الخلق شهور وسنوات وتتعطل قضايا المواطنين دون مبرر .

ولمعالجة ذلك نقترح :

وجوبية ضبط ملفات القضايا في جميع المحاكم والنيابات وهيئات ومؤسسات القضاء بحيث تكون إجراءات قيدها واضحة وشفافة ومربوطة بنظام الكتروني يتم رفع معلومات القضايا فور ورودها للمحكمة والنيابة او الهيئة القضائية وموضح فيها اسم القاضي أو عضو النيابة المسلمة له بحيث يكون لدى التفتيش القضائي قاعدة بيانات واضحة لجميع القضايا لدى كل قاضي وعضو النيابة وموضح فيها آخر إجراء فيها حيث انه فور صدور الحركة القضائية يتم تكليف القاضي الخلف بتسليم كافة الملفات التي لديه وفق قاعدة بيانات التفتيش القضائي للقاضي الخلف خلال أسبوع فقط من تاريخ صدور قرار الحركة القضائية دون أي تأخير أو تباطؤ وإحالة أي تأخير أو ضياع أو فقدان ملفات قضايا إحالة أي قاضي متسبب في ذلك إلى مجلس التأديب واتخاذ إجراءات صارمة ضده .

3-. مشكلة التعامل الخاطئ مع القضايا بعد الحركة القضائية

يلاحظ أنه بعد تنفيذ الحركة القضائية وتولي القاضي الجديد للقضايا السابقة لدى القاضي الخلف يقوم القاضي بإجراء خاطئ يستلزم معالجته وهو تخيير أطراف الخصومة القضائية باستمرار إجراءات التقاضي من آخر اجراء وصل له القاضي السلف أو إعادة القضية الى نقطة الصفر وغالبا معظم أطراف الخصومة القضائية يطالبون بالعودة للصفر في تلك القضايا ونظر القضايا من جديد وهذا خطأ يطول إجراءات التقاضي وينهك القضاء بإجراءات متكررة.

ولمعالجة ذلك نقترح :

وجوبية عدم إعادة القضايا الى نقطة الصفر واستكمال إجراءات نظرها من آخر نقطة وصل اليها القاضي السلف مع تمكين أطراف الخصومة من تقديم عرائض توضيحية مع حوافظ مستندات على إجراءات التقاضي السابقة لاستيعاب القاضي الخلف للقضية من الطرفين ومن ملف القضية واستكمال الإجراءات على ضوء ذلك وعدم إلغاء الإجراءات السابقة.

4-. مشكلة القضايا المحجوزة للحكم من القاضي السلف

يلاحظ وجود إشكاليات بعد الحركة القضائية فيما يخص القضايا المحجوزة للحكم من القاضي السلف والذي اوجب القانون أن يتم النطق بها من القاضي الخلف وفقا لمسودة الحكم المعدة من القاضي الخلف وتحصل بسبب هذه إشكاليات متعددة ومنها تباطؤ القاضي السلف في تسليم مسودة الأحكام في القضايا المحجوزة للحكم وتباطؤ القاضي الخلف في النطق بالأحكام في القضايا المحجوزة للحكم من القاضي السلف ووفقا لمسودة الحكم المعدة من السلف وانشغال القاضي الخلف بالقضايا الجديدة والمنظورة وعدم الاهتمام بمتابعة  القضايا المحجوزة للحكم من القاضي السلف واستلام مسودات الأحكام فيها للنطق بها.

ولمعالجة ذلك نقترح :

يستوجب إلزام القاضي الذي شملته الحركة القضائية على تسليم جميع ملفات القضايا التي لديه خلال أسبوع من تاريخ قرار الحركة والنقل وبخصوص القضايا المحجوزة للحكم يستلزم على القاضي تسليم مسودات الحكم للقاضي الخلف مع ملفاتها أيضا خلال أسبوع مع نسخة من تلك المسودات تسلم للتفتيش القضائي للتأكد من عدم تغيير الأحكام وأي قاضي يتأخر عن تسليم مسودات الأحكام للقضايا المحجوزة للحكم خلال أسبوع من تاريخ صدور قرار الحركة القضائية يتم إحالته لمجلس التأديب.

5- . عدم شمولية الحركة القضائية للموظفين الإداريين في القضاء

يلاحظ أن الحركة القضائية مقصورة على القضاة وأعضاء النيابة فقط ولا يشمل ذلك الموظفين الإداريين بالسلطة القضائية لتستمر نفس المعظلة والمشكلة في استمرار البقاء في نفس العمل لأكثر من ثلاث سنوات والعلاقات والمصالح مع أطراف الخصومة القضائية مع موظفي القضاء وسيطرتهم على إجراءات التقاضي كونهم لديهم معرفة وإلمام بالقضايا وإجراءاتها السابقة أفضل من القاضي الجديد وهذا خطأ يستلزم تصحيحه.

ولمعالجة ذلك نقترح :

وجوبية شمولية الحركة القضائية للموظفين الإداريين بالقضاء بحيث يتم تحريك وتدوير القاضي وأمين السر وجميع الكوادر العاملين مع القاضي  وجميع الكوادر العاملة في المحكمة أو النيابة أو الهيئة بعد مرور ثلاث سنوات للعمل فيها ابتداءً من رئيس ومدير  المحكمة وحتى اصغر موظف وهنا لا نقصد تحريك الجميع إلى محكمة أو نيابة أخرى أو هيئة أخرى وإنما تحريك الجميع في محاكم ونيابات مختلفة لضمان استقلال وحيادية للقضاء وعدم تأثير أطراف الخصومة عليهم بسبب استمرارهم للعمل لأكثر من ثلاث سنوات في نفس العمل .

6- تأخر بدأ القضاة السلف في  نظر القضايا

يلاحظ أنه بعد الحركة القضائية تباطؤ القضاة في استلام وتسليم القضايا وتباطؤ إجراءات نظر القضايا لأسابيع وشهور مما يعمق ذلك من مشكلة تباطؤ إجراءات التقاضي والتي تعتبر تلك من أخطر المشاكل التي يعاني منها القضاء .

ولمعالجة ذلك نقترح :

إلزام القضاة بالعمل في العمل الجديد وعقد الجلسات خلال أسبوع من تاريخ صدور قرار  الحركة القضائية وعدم التأخير وإنزال حملات تفتيش قضائي عليهم للتأكد من الالتزام بذلك دون تأخير أو تباطؤ.

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية تنفيذ حركة قضائية شاملة كل ثلاث سنوات تشمل تحريك جميع القضاة وأعضاء النيابة وموظفي القضاء تشمل الجميع في جميع المحاكم والنيابات وجميع هيئات ومؤسسات القضاء من أعلى منصب ممثله في مجلس القضاء الأعلى والنائب العام  وحتى أصغر محكمة ونيابة دون تمييز ولا استثناء .

كمما يستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة وإيجابية للحد من الآثار السلبية للحركة القضائية وأهمها تأخير دور الاستلام والتسليم بين القاضي السلف والقاضي الخلف والقضايا المحجوزة للحكم وغيرها من المشاكل ومقترحات المعالجة الذي أوضحناها في دراستنا الموجزة هذه والذي يعتبر التفتيش القضائي هو الجهة المختصة بتنفيذ تلك الإجراءات لضمان عدم تأثر القضايا بالحركة القضائية ووجوبيه المتابعة وإحالة كل من يخالف للتحقيق العاجل والتأديب ويما يعزز من تحقيق هدف الحركة القضائية في ضمان تعزيز استقلال القضاء وحياديته ونؤكد أن الحركة القضائية الشاملة تحسين للقضاء ووجوبية معالجة والحد من سلبياتها.

  • عبدالرحمن علي علي الزبيب

صحفي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:لماذا لا يتم تسليم الأحكام القضائية فور صدورها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى