كتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن التداول السلمي للسلطة

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن التداول السلمي للسلطة

 يوميات البحث عن الحرية .. فضيلة التداول السلمي للسلطة !

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين21أبريل2025_

حين تحاول البحث بصدق عن حلٍّ جذريٍّ حقيقيٍّ لمشكلةٍ أو قضيةٍ ما لابد أن تجد من يتطوع لقمع جهودك في مهدها مادياً أو معنوياً، ليثبط من عزيمتك ويكبح جماحَ عقلك أو يئد محاولتك في مهدها ،أقلها بأن يصف رأيك بالمثالي أو بأنك تنتمي إلى جمهورية أفلاطون ويدعي أنه من أنصار الواقعية السياسية!.

ولا تدري هل هذا المتطوع بريء أم مدان مأجور مرابط في معسكر الجبهة المعادية للسلام والحرية وضد العقل السليم الباحث عن الحل الجذري الحقيقي وأقصد به الحل الجوهري للمشكلة الكبرى التي توقد الحروب وتغذيها وهو الصراع على السلطة تارة باسم الوطنية وأخرى باسم وهذا هو الأخطر!.

هذا الحل المسكوت عنه أو الذي نلوكه بألسنتنا وننأى عنه بقلوبنا وأفئدتنا وسلوكنا هو التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة من كل تزوير مادي أو معنوي!.

وهو ما وصلت إليه أوربا والغرب والدول التي راجعت نفسها ودرست تجاربها بعد أنهار من الدماء والمعاناة ليصبح ملك كل من يسمع ويعقل ويرى لا نقول مجانا فهذه الدول ومنها نحن في عمق المأساة ودماؤنا تسيل ، ولكن عبثاً كما هو واضح لأننا لا نستوعب ما نعانيه ونحاصر أنفسنا في موقع المستوردين الغائبين والمغيبين !.

والفرق واضح بين من يتصارعون ويصنعون الصراع بإرادتهم الكاملة ويصدرونه وبين المستسلمين لكارثة البقاء في خانة المستوردين لكل شيء بما في ذلك مناهج الصراع لا يملكون أدنى مقدرة على إيقافه والتحكم فيه!.

ومع كل ما نفعل أو يُفعل بأوطاننا وبنا فإننا لا نكف عن الحديث عن كوننا منبع الحكمة والإيمان ومكارم الأخلاق والأديان وصناع المبادئ.

مبدأ التداول السلمي للسلطة أياً كان مصدره أصبح ملك الإنسانية أو بالأصح ملك من يمتلك الإرادة في استخدام عقله والاستفادة منه لأن الأفكار والمبادئ المجردة لا تخضع لأي من قيود الملكية والضرائب والجمارك أو تسربها إلى العقول اليقظة بخلاف الملكية الفكرية التي تتحول إلى إنتاج فكري برز في عمل فيه معنى الابتكار المفصل المنتج على أي شكل أو صورة !.

الأفكار المجردة مثل حرية العقيدة ومبدأ التداول السلمي للسلطة والديمقراطية والانتخابات ملكية مشاعة لمن يطبقها.

إنها ملك كل العقول الحرة التي تقرأ تأريخ الصراع على السلطة وتدرس التجارب الإنسانية الناجحة وتستفيد منها بما يتلاءم مع ظروفها الموضوعية، والتلاؤم معها لا يعني البقاء في ظل العبودية للواقع وللتأريخ المليء بالأمراض والعقد!.

نعم الصراع على السلطة مرض خبيث يتوجب استئصاله وليس واقع يجب عبادته والبقاء تحت رحمته، ألا يكفينا أحقاد وضغائن وغزوات وحروب ومعاناة بكل الألوان والأشكال؟!!.

والهروب من البحث عن توافق سياسي وطني تحت مظلة القبول بالتداول السلمي للسلطة يؤكد إصرار المستفيدين من استمرار البقاء تحت سلطان هذا المرض!.

يجب أن يطمئن الجوار بأن اليمنيين ليسوا عدوانيين ولا ينوون تصدير نظامهم السياسي ولا مبادئ ثورتهم، لأن هذه المبادئ ومقتضيات الإيمان والحكمة اليمنية أن تكون علاقتهم بالجوار والعالم علاقة الحرص على احترام مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة!.

كلما أوشك اليمن مثلاً على الوصول إلى بر الأمان قالت له أيادي التدخل غير الواعي ونزعات التسلط المجنونة هذا مبتدأ، ولنتأمل في أقرب وأهم محطة من تأريخ اليمن السياسي وكيف تحول أجمل مكسب من مكاسب اليمنيين إلى هباء ومناقشة ومراجعة ذلك بصدق وشجاعة ومسؤولية!.

والمدخل لهذه المراجعة والقبول بنتائجها يقتضي الاعتراف:

 أولاً: بأن مبدأ الوحدة ينبغي التسليم بملكيته للشعب اليمني وأن أبناء الجنوب كان لهم دور مميز في هذا الاتجاه وهذا لا يعني أن من حق من بادر بالإقدام على الوحدة الاندماجية بحكم موقعه في السلطة أن يجر الجنوب أو الشمال لأن يكون حقل تجارب!.

ثانياً: مراجعة الأخطاء التي وقع فيها السياسيون الذين تم تحقيق الوحدة في ظل قيادتهم أو بالأصح في ظل ولايتهم ليتم تصحيح مسار الوحدة وتحميل من أخطأ منهم تبعات أخطائه لأن السلطة والوحدة ملك الشعب والحكام إنما هم خُدام الشعب كما يرددون في شعاراتهم !.

على كل القوى السياسية بمستوياتها المختلفة وفي كل منطقة جغرافية من اليمن الكف عن سرقة مجد وحدة 1990 السياسية التي باتت في خطر محقق بفعل ممارساتهم الخاطئة التي يجب أن تخضع للمساءلة!.

بعض الزعماء أو من يزعمون الزعامة وأزلامهم يستخدمون كل الوسائل في التعبئة الشعبوية لتغذية رغبتهم في الاستحواذ على أمجاد شمس أوشكت على الغروب قبل أن يستمتع صاحب الحق بأشعتها.

قامت وحدة 1990 على أساس مبدأ التداول السلمي للسلطة فهل تحقق على أرض الواقع كي نستمر في التغني بها؟!.

التداول السلمي للسلطة فضيلة بالمعنى القانوني والديني والأخلاقي والسياسي ووفق كل القيم لأنه الطريق إلى السلام، وادعاء الحق الإلهي في السلطة رذيلة وفق كل المبادئ والقيم لأنه طريق لاستمرار الصراع الدموي على السلطة..

  أيا وطناً فقدت بساحة وطني

ويا حلماً تشظَّى في حَشى حُلُمي

اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب عن المهندس/ محمد حسين جغمان – الشاهدٌ والمشهود لهُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى