إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (14)

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (14)

سلبيات هذا القرن …!

بقلم :عزيز بن طارش سعدان

إن الذي يكوّن الأمة الإسلامية هو «العقيدة» طالما كانت عملية وليست عوائقها من

النوع المحبط للحضارة…!

«العقيدة» ليست ناتجة عن مجرد مجموع أفكار مشتتة ولكنها مسيرة «الطاقات» بوحدتها حول فكرة مركزية لها من الشمول والمرونة ما يجعل الأفكار والمفاهيم المنبثقة عنها تدور حولها وبذلك تكون السهم الذي يعيّن للأمة طريقها في التاريخ.

إن الحركة «الثورية» في العالم العربي بأسره نجحت في مغازلة حلم التبديل والتحويل العربي وفشلت في تحويل الحلم إلى تطبيقات اجتماعية موفقة، وبنيان سياسي حر متحرك يتصف بالوعي والشمول، وبنية اقتصادية قوية وسليمة تحت مظلة فكرية عامة تصدر عنها حضارة الأمة..

إن «الجيل المعاصر» قد ولد في منعطف تاريخي أفضى به إلى مراحل جديدة ولكن بدون ميزان» يقوم به أين كان؟؟ وأين يجب أن يكون…؟؟ لقد لفه الضباب، ضباب الشعارات التي أطلقها الذين أرادوا تحقيق شهواتهم ومآربهم دون أن يروا على حقيقتهم، لقد ركزوا على «الإثارة» العاطفية وتمكين «غيبوبة العقل والوعي عن واقع السير في الضباب الكثيف !!».. ذلك الضباب الذي لا يكاد هذا الجيل المعاصر يتبين فيه مواقع أقدامه..

وفي هذا الجو الانتهازي الهابط نحو الدرك الحيواني تستيقظ الغرائز والشهوات وفي مقدمتها شهوة الحكم … و «التسلّط» … و «شهوة جمع المال».. والاستيلاء عليه.

في مثل هذه الأجواء يكون قانون المجتمع هو قانون الغاب، حيث السبيل إلى الحكم هو:القوة.. والإرهاب المهول.. وخنق الإرادة الحرة في الإنسان…!! والسبيل إلى المال هو:المصادرة.. أو النهب.. أو الرشوة.. أو استغلال مراكز النفوذ، والوسيلة هي:الشعارات البراقة من مثل: «حكم الشعب».. و «ملك الشعب».. في الخط الثوري، أو تصرف أولي الأمر في الخط التقليدي حيث لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.. وذلك ما لا يصلح إلا لله وحده، حيث يتصف بالعدل المطلق.

وصول الجهلاء إلى سدة الحكم.. السبيل إليه: «الغلبة».. و «القوة» اللصوص المغتصبون في إدارة الأموال العامة.. السبيل إلى ذلك: «قتل أي مراقبة للأمة».(انتهى)

إن العقيدة الإسلامية هي الأهم في حياتنا، حيث نحن في صراع بين الدين والعلمانية. وقد تشتعل حالة من الفوضى بسرية قد تسقط في أي لحظة. أما الإسلام فهو عقيدة ثابتة منذ ألف وأربعمائة عام ونيف، ولا يمكن أن تزلزلها الأيادي البشرية التي تعمل ليلًا ونهارًا لمحوها والتخلص منها بكل الوسائل القذرة.

إن فهم العقيدة أولًا والتعامل بها وفق منهجيتها فيه نور لنا في هذه الحياة، التي هي دار الاختبار، والدار الحقيقية في الآخرة، وهذه العقيِدة فيها نور لنا عند الممات وبعد الممات، ونور في ذلك اليوم الذي سيكون طويلًا وكبيرًا.

إننا اليوم في العالم العربي والإسلامي يجب ألا نغفل عن الأمر الذي ينبثق منه عدم العدل.

 إن الدويلات العربية لم تسقط لأنها عادلة، بل السقوط يأتي عن عدم العدل الذي هو أساس الحياة وأساس الاطمئنان، ولكننا اليوم نسعى إلى نهج تكون لنا فيه الغلبة.

إن الصحوة الإسلامية لابد أن تنفض الغبار الذي خيم عليها في القرن الخامس عشر، ولا بد ألا يكون فيها وهن من الصراعات التي تدور حولها، محاولة ألا تكون في مراحل السقوط. ولكن نور الله لا يمكن أن ينطفئ لقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. هذا وعد من خالق الكون بأن الله سوف يتم نوره وسوف يكون لنا ظل في الدنيا وفي الآخرة.

إننا سوف ندخل تحت ظل هذا النور لأن فيه النجاة، لكن علينا أن نطبق كل مناهج الحياة التي تكون المعاملات فيها أكثر من العبادات، لأنه لا دين دون تعاملات. فالإسلام يحتوي على أكثر من خمس وتسعين نوعًا من المعاملات، والباقي عبادات. إن الصحوة الإسلامية مفتاح الخير للوحدة الإسلامية التي تعيد بناء عالم متجانس يعيش تحت ظل العدالة التي أمرنا بها الله -سبحانه وتعالى- {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}

ولعل مفكرنا كان أحد دعاة الصحوة الإسلامية، وله اليد الطولى في سبيل نجاحها. نحن اليوم نواجه غزوًا فكريًا يتحرك في أوساطنا، وعن طريق التحضر والحرية المطلقة للمتحررين والمتحررات.

إن الاهتمام بكل شرائح المجتمع من قبل المنظمات الدولية العاملة في المناطق العربية وباقي الدول الإسلامية التي تسكت عنها الدولة وتسمح لكل المنظمات الدولية التي تعشش في رؤوسهم إفساد الأمة العربية والإسلامية، من أجل غرس أناس في جسد الأمة ومن أبنائها الذين يثقون بهم، وذلك لكي يتثقفوا بثقافة الغرب. وتجري معهم المقابلات وتقام الورش والدورات لكسب الخبرة، وفي الحقيقة هي من أجل نشر ثقافتهم بين أبناء الأمة، ومن أجل تعظيم الغرب وأهله وتقديمهم بصفتهم قدوات ومثلا أعلى.

والملاحظ أن هؤلاء العلمانيين لا يعظمون المظاهر الحسنة التي امتاز بها الغرب من الاختراعات، والعلوم الطبية والتقنية، وغيرها، إنما يركزون أحاديثهم وجميع إنتاجهم على ما يريدونه من إفساد الأمة. فهم يقدمون ثقافة الذباب التي ما تقع على الزهور والورود، بل على أقبح ما لدى الغرب، ويستمرؤون التفحش بتعويد الناس على إظهار صور من الانحلال الجنسي في وسائل الإعلام، بصور تبدو كأنها عفوية بحجة الرشاقة وتمارين لتخفيف الوزن، أو باسم التمارين الرياضية، وينشرون بكل الأساليب الخادعة لزرع التفسخ والفاحشة في المجتمع العربي والإسلامي.

إن تخصيص العلمانيين الصفحات الكاملة للحديث عن مشاكل المرأة الجنسية في المخادع الزوجية وبالتفصيل المثير للغرائز، أو الحديث المطول عن الفضائح الجنسية والجرائم المتعلقة بالاغتصاب، وهم بهذه الطريقة ينيرون عقول الناس بزعمهم لمحاكاة ذلك القصص – المسلسلات مثالًا – ولإقناع الناس بتدهور المجتمع وأن هذه الجرائم من الأمور المستشرية التي لا يخلو منها بيت. وتحسين العلاقات المحرمة حتى يصلوا إلى تسويغها في النفوس، فراحوا يبعدون الشباب عن الزواج، وينادون بإلحاح على تأخير زواج الفتاة بالذات، ويبررون ذلك بأن في زواجها ظلمًا للأولاد الصغار. وقد عرفوا أن للدين أثرًا على الناس، فقد حرصوا على أن يركبوا موجته ويقولوا حقًا ليصلوا به إلى باطل، فتراهم ينهجون منهج العرض الديني في أطروحاتهم لإفساد المجتمع. وهذا المنهج منهج قديم كشفه الله –سبحانه وتعالى – في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}وقال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}. فيستخدم هؤلاء المصطلحات الدينية للاحتيال والتلبيس. ومن أمثلة ذلك الاستدلال بالأقوال الشاذة. فغالبًا ما يزعم هؤلاء أنهم هم الذين يفهمون عمق الإسلام وروحه وسماحته، ويهاجمون التفسيرات الصحيحة لأحكام الإسلام، ويتهمون غيرهم بالجمود والنصية والتشدد في فهم الدين. ولا يفوت القوم أن يختموا أطروحاتهم حول تحرير المرأة، وهذا هو الداء، ومن الضروري إيجاد الدواء وفق المنهج القرآني في ظل عقيدتنا الإسلامية، برجاء إيجاد حل في القريب العاجل من قبل الجهات المختصة قبل فوات الأوان.

يتابع في الحلقة القادمة

اقرأ أيضا للكاتب:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (13)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى