عبد الرحمن الزبيب يقدم دراسة لتطوير مهنة المحاماة
عبد الرحمن الزبيب يقدم دراسة لتطوير مهنة المحاماة
المحامي تحت التمرين .. غياب القانون عن الحقوق والتخصص يضعف مهنة المحاماة
- بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
أن يكون متفرغا لمزاولة مهنة المحاماة.
ما ورد أعلاه هو نص المادة 26 الفقرة د من القانون رقم (31) لسنة 1999م بشأن تنظيم مهنة المحاماة اليمني والذي يشترط لقبول قيد خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون في سجلات نقابة المحامين الراغبين في العمل في مهنة المحاماة بأن يكون متفرغا للعمل للمحاماة وان لا ينشغل بأي عمل آخر في القطاع العام أو الخاص وغياب أي نص قانوني في قانون المحاماة ينص على حقوق المحامي تحت التمرين بالإضافة إلى غياب التخصص في مهنة المحاماة وهذا ما اضعف مهنة المحاماة وشتت الجهود في أول مراحل مهنة المحاماة وهي مرحلة المحامي تحت التمرين .
ونعتبر هذه الدراسة الموجزة مقترح لنقابة المحامين مساهمة في العمل لتطوير مهنة المحاماة باعتبار المحامي وفقا لقانون السلطة القضائية من أعوان القضاء والذي يمارس المهام التالية :
1-. يعاون القضاء في القيام بمهامه في تحقيق العدالة الناجزة في القضايا الموكل بها.
2- رقيب على القضاة ومؤسسات القضاء في احترامها للقانون والالتزام به وأي مخالفة يستلزم السعي لتصحيحها ومتابعتها فإذا ارتكب القاضي مخالفة في قضية منظورة لديه أو تباطؤ في إجراءاتها دون مبرر يستلزم أن يتقدم بعرائض ودفوع لتصحيحها وإذا لم يتم تصحيح مسار القضية والعودة للقانون لتحقيق عدالة ناجزة يستلزم تقديم شكاوى للتفتيش القضائي.
3- حامي وحارس للدستور فـ إذا كان هناك نص قانوني يخالف الدستور وروح الدستور يستلزم على المحامي تقديم دعاوى عدم دستورية تلك النصوص القانونية لمخالفتها الدستور والمطالبة بإلغائها .
4- فارس ونبيل يعين الفقراء والمستضعفين ويحسن إليهم فإذا كان احد أطراف القضايا فقير غير قادر على دفع تكاليف المحاماة أوجب قانون المحاماة تقديم العون القضائي المجاني لهم باعتبار ذلك من أهداف مهنة المحاماة النبيلة والسامية.
5- إعداد الدراسات والبحوث القانونية لتطوير المنظومة القانونية والقضائية والمساهمة في تشخيص المشاكل واقتراح الحلول ورفعها للجهات المختصة من المحامين مباشرة أو عبر نقابة المحامين وعضوية اللجان المعنية بإعداد مشاريع وتعديلات القوانين.
وهذه المهام الهامة الملقاة على عاتق المحامين يجعل منهم عنصر هام لتصحيح مسار القضاء وإصلاح أي اختلالات تعيق تحقيق العدالة الناجزة وتمكين كل ذي حق من حقه.
فالمحامي هو حامي الحقوق والحريات وهو ملجأ كل مظلوم لمتابعة إجراءات إنصافه لدى الجهات القضائية وغيرها حتى الإنصاف وهو سد منيع يحمي المستضعفين من تغول وانتهاك النافذين للحقوق ومخالفة القانون كون المحاماة رسالة نبيلة سامية وليست فقط مهنة للحصول على المال.
هذه المبادئ والمهام العظيمة والهامة الملقاة على عاتق المحامين يتم الإلمام بها وتشربها منذ أول خطوات العمل في مهنة المحاماة في مرحلة المحاماة تحت التمرين ويستلزم أن يتضمن قانون المحاماة حقوق المحامين تحت التمرين إلى جوار الواجبات الملقاة على عاتقهم لضمان تفرغهم لمهنة المحاماة وعدم انشغالهم بأعمال أخرى تشتت جهودهم حيث نظم قانون المحاماة عمل المحامي تحت التمرين بواجبات دون حقوق حيث اوجب القانون على خريجي الحقوق والشريعة والقانون الراغبين بالعمل في مهنة المحاماة شروط متعددة أهمها :
1- أن يتقدم الخريج بطلب إلى مكتب محامي للعمل معه تحت التمرين ليقوم المحامي بتحرير مذكرة لنقابة المحامين بموافقته على أن يكون الخريج محامي تحت التمرين لديه وان يقدم المؤهل الدراسي وإفادة رسمية بتفرغه وعدم انشغاله بالعمل في القطاع العام أو الخاص.
2- أن يستمر في العمل تحت التمرين لمدة ثلاث سنوات يكون منها الستة الأشهر الأولى عمل مكتبي والاطلاع على ملفات القضايا والدراسات وإعداد عرائض الدعاوى والردود والدفوع وبعدها يعمل ويتابع ويحضر جلسات المحاكمة والتحقيقات في مكتب المحامي الذي يعمل لديه وباسمه ويكون فقط مناب عنه ويمنع عليه قبول أي قضايا والترافع فيها باسمه مباشرة ويمنع عليه فتح مكتب محاماة خاص به حتى يستكمل فترة التمرين الثلاث السنوات وبعد الحصول على بطاقة وترخيص محاماة ابتدائية.
وبمطالعة جميع نصوص ومواد قانون المحاماة المائة والتسعة عشر مادة لم نجد أي نص أو مادة تنص على حقوق المحامين تحت التمرين وإلزام مكتب المحامي الذي يعمل لديه تحت التمرين بدفع راتب شهري له أو مستحقات مالية ويعود ذلك للمحامي لدفع ما يراه أو عدم دفع ريال واحد والعمل مجانا لمدة ثلاث سنوات .
عدم وجود نص قانوني في قانون المحاماة ينص على إلزام مكتب المحامي بدفع راتب شهري أو مستحقات للمحامين تحت التمرين لديه يعطل مهنة المحاماة في أول مراحلها ويتسبب في عدم تفرغ المحامين تحت التمرين للمحاماة وينشغلون بأعمال أخرى لتغطية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم وعائلاتهم الإنسانية وهذا يتسبب في عدم إتقان المحامي تحت التمرين لمهنة المحاماة لان مرحلة التمرين هامة جدا تهدف إلى إكساب المحامي تحت التمرين المعارف والمهارات اللازمة لاحتراف مهنة المحاماة والتعلم من أستاذه المحامي الذي يعمل في مكتبه ونقل خبراته القانونية إليه حتى ما تنتهي الثلاث سنوات تحت التمرين وحصوله على بطاقة محاماة ابتدائية وهو قادر على فتح مكتب مستقل او المشاركة في المكتب الذي تمرن لديه واستلام قضايا باسمه مباشرة ومتابعتها وحضور جلساتها دون ضرورة الحصول على إنابة من محامي آخر .
والى جانب غياب الحقوق المالية للمحامي تحت التمرين في قانون المحاماة أيضا غياب التخصص فنجد جميع المحامين تخصص عام تجده يقبل جميع القضايا المدنية والتجارية والشخصية والجنائية والإدارية والعمالية وغيرها وكان يستلزم ان يكون هناك تخصص للمحامي للعمل في تخصص محدد والتعلم والتشبع بالمعلومات والمعارف القانونية اللازمة في تخصص محدد لإجادة العمل فيها لان التخصص في عمل محدد أفضل من العمومية مثل الأطباء عندما يكون الطبيب متخصص في القلب أو المخ والأعصاب أو العظام وغيرها من التخصصات يكون أفضل من الطبيب العام الذي يعمل في جميع التخصصات .
وهنا نؤكد على ضرورة وأهمية التخصص في مهنة المحاماة أو على الأقل أن يكون متخصص في قسم قانوني محدد ولا يمنع ذلك من قبول قضايا في أقسام أخرى لكن القضايا الأكثر تكون في القسم المتخصص فيها .
وفي واقع مهنة المحاماة نلاحظ آن هناك تجربتين واقعيه هي :
التجربة الأولى :
نماذج إيجابية لمكاتب ومؤسسات محاماة رائدة في اليمن وهي الأكثر حضوراً في الساحة اليمنية والتي تحرر عقود عمل مع المحامين تحت التمرين لديها مقابل راتب شهري أو مستحقات مالية محددة ونسبة محددة من ارتعاب القضايا التي يتابعون إجراءاتها تضمن الحياة الكريمة للمحامي تحت التمرين خلال فترة التمرين وتضمن تفرغه لمهنة المحاماة وإجادتها وتبذل تلك المكاتب والمؤسسات جهودها لإكساب المحامي تحت التمرين المعارف والمهارات اللازمة لإجادة مهنة المحاماة بحيث لا تنتهي فترة المحاماة تحت التمرين إلا وقد جاد المحامي تحت التمرين مهنة المحاماة وتقوم تلك المكاتب والمؤسسات بتحرير عقود شراكة معه للعمل لديها كشريك وليس موظف لديها فقط بل أن بعض المكاتب والمؤسسات الرائدة تقوم بدعم المحامي تحت التمرين لديها لفتح مكتب مستقل خاص به مع إمكانية التعاون الإيجابي بينهم.
التجربة الثانية :
نماذج سلبية لمكاتب محاماة لا تدفع ريال واحد للمحامي تحت التمرين لديها ويستمرون في العمل مجانا لمدة ثلاث سنوات دون أي حقوق أو مستحقات وكذلك عدم تمكين المحامي تحت التمرين من المعارف والمهارات القانونية اللازمة لمهنة المحاماة وعند المطالبة بأي حقوق قد يقوم مكتب المحاماة بتحرير مذكرة إلى نقابة المحامين بإلغاء قيده والاستغناء عنه وهذا ما يعطل ويوقف فترة التدريب ويمنع المحامي تحت التمرين من الحصول على بطاقة وترخيص للعمل في مهنة المحاماة ليبحث مرة أخرى عن مكتب آخر لقبوله للتدريب لديهم ويحرروا مذكرة لنقابة المحامين لقبوله للتدريب لديهم ويكون غالبا الحصول على ذلك بصعوبة بالغة للابتعاد عن التحسس بين مكاتب المحاماة وقبول محامين تم رفضهم من مكاتب محامين زملاء آخرين لهم وعدم وجود نص قانوني في قانون المحاماة يوجب قبول المحامين تحت التمرين أو منح صلاحيات لنقابة المحامين لإحالة المحامين تحت التمرين للعمل في مكاتب محاماة وإلزامهم بقبولهم أو تقييد حق مكتب المحامي في توقيف وإلغاء قبول قيد المحامين تحت التمرين لديهم وقيدها بشروط ومحددات واضحة وان كان هناك تعنت لا مبرر له يستلزم أن يمنح المحامي تحت التمرين الحق في الانتقال لمواصلة فترة التمرين في مكتب محاماة آخر أو التسجيل في دورات أسبوعية في نقابة المحامين لاستكمال فترة التمرين وتمكينهم من الحصول على بطاقة وترخيص المحاماة الابتدائية دون ضرورة قبول مكتب محاماة لهم وإمكانية إدراجهم في مشاريع عون قضائي مدفوعة الأجر تابعة للنقابة.
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية مهنة المحاماة ليست فقط كمصدر دخل فقط بل كرسالة نبيلة وسامية تحمي الحقوق والحريات وتعين القضاء لتحقيق عدالة ناجزة ورقيبه على القضاة ومؤسسات القضاء لضبط وتصحيح أي مخالفة للقانون بالدعاوى والدفوع والطعون والشكاوى للتفتيش القضائي باي مخالفات مرتكبة في مؤسسات القضاء ورقيب أيضا على القوانين لضبط والمطالبة بتعديل أي نصوص قانونية تتعارض مع الدستور بتقديم طعون بعدم دستوريتها.
وأخطر وأهم مراحل مهنة المحاماة هي مرحلة المحامي تحت التمرين باعتبارها الخطوة الأولى للولوج إلى مهنة المحاماة السامية والذي يستلزم ان يكون لنقابة المحاماة دور وصلاحيات قانونية تضمن حقوق المحامي تحت التمرين من حقوق مالية وغيرها وتمنع استغلاله وعدم تشغيله مجانا طوال الثلاث السنوات فترة التمرين حتى لا ينشغل بأعمال أخرى ويكون مستواه ضعيف في المعارف والمهارات القانونية للمحامين وهذا يؤثر بشكل كبير على مهنة المحاماة ويضعف دورها الهام .
كما آن غياب التخصص في المحاماة وانتشار مصطلح محامي عام دون تخصص اضعف مهنة المحاماة الذي يستلزم التخصص في مجال محدد ( تجاري – مدني – جنائي – شخصي – إداري – عمالي .. وغيرها ) لإشباع ملكتهم وخبراتهم القانونية في تخصص محدد وقوانين محدده مع عدم الممانعة في الإلمام بمعلومات عامة في الأقسام الأخرى وقبول قضايا في أي قسم آخر لكن القضايا الأكثر يستلزم أن تكون في قسم محدد لتجويد العمل فيها وإجادة القوانين ذات العلاقة بذلك التخصص وعدم تشتت الجهود في جميع القوانين .
ونأمل من نقابة المحامين استدراك كل ذلك وتقديم مقترح ومشروع قانون محاماة يتضمن كل ذلك من حقوق مالية للمحامين تحت التمرين والتخصص لتطوير مهنة المحاماة وبالإمكان الاستفادة من تجارب إيجابية لدول أخرى فالحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أولى بها.
ونؤكد بأن المحامين تحت التمرين .. غياب القانون عن الحقوق والتخصص يضعف مهنة المحاماة
عبدالرحمن علي علي الزبيب _ إعلامي مستقل ومستشار قانوني _
law711177723@yahoo.com
اقرأ أيضا:العون القضائي للفقراء لتحقيق العدالة الناجزة وتصحيح مسار القضاء