اخبار محليةكتابات فكرية

الأستاذ عبدالعزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن شيطنة منظمات المجتمع المدني

الأستاذ عبدالعزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن شيطنة منظمات المجتمع المدني

يوميات البحث عن الحرية .. شيطنة منظمات المجتمع المدني خطأ وظيفي أم جريمة؟!

الاثنين 6يناير2025_

  • عبد العزيز البغدادي

التعدد والتنوع من أهم إن لم يكن أهم أسرار جمال الكون والطبيعة والانسان الممتلك لروح الإنسانية.

هذه الحقيقة التي صارت بديهية هي العنوان الرئيس لنظرية وحدة الوجود للفيلسوف الألماني اسبونوزا.

وهي نظرية مؤداها أن عظمة الوحدة ترتبط بجمال التعدد.

أعلم أن لدى البعض من التحيز والتعصب ما يجعله عاجز عن البحث عن الحكمة ليلتقطها أنا وجدها، لأن التعصب الديني والمذهبي يقتل الانسان بداخله!.

يا أيها الإخوة: إن الجمال يحضر في البلدان الأكثر تقدما وتطوراً مادياً ومعنوياً بقدرما يغيب في البلدان الأكثر تخلفاً.

والبلدان المتخلفة تحارب التعدد لأنها لاترى جماله، وإذا رأته فإنما تنظر إليه بعين الاشمئزاز والاستنكار، وأحياناً بعين التجريم وبالذات التعددية السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي.

هذا النوع من التعددية بات اليوم في المجتمعات المدنية من أبرز مظاهر ممارسة حق المجتمع في السلطة وتنمية الثروة وتوزيعها عن طريق هذه المؤسسات إلى جانب حقوق وحريات الأفراد المدنية والسياسية ومنها ترسيخ النظام الاقتصادي القائم على المنافسة الشريفة بعيداً عن الاحتكار وشرعنة الإفساد المنظم والفساد بكل صوره وأشكاله الذي وصفه أحدهم بأنه ملح التنمية !.

التعددية الحزبية والسياسية وحق تأسيسها وتأسيس الاتحادات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني عامة تعد اليوم أساس بناء المجتمعات التي تقدر وتحترم الفعل الحضاري وتحرص على تطويره كما تعد أداة من أبرز أدوات التنمية بكل تفاصيلها، ووسيلة من مهمة لممارسة فعل التنافس المشروع والخلاق على كل الأصعدة وفي مختلف المجالات.

ومن أبرز الوظائف المفترضة لأي سلطة تقدر وتشعر بمسؤولياتها تجاه المجتمع صاحب الحق في السلطة والثروة رعاية هذا التنافس والدفع به نحو إبراز دوره كشريك مباشر في عملية التنمية.

نعم منظمات المجتمع المدني في البلدان الحرة التي تمارس الديمقراطية الحقيقية أهم قنوات ووسائل المشاركة في صنع القرار، وهذا جوهر ما تسعى إليه وتمارسه البلدان الديمقراطية الحية بوعي تجنباً لمخاطر وآثار الصراعاتالمسلحة المنطلقة من انتماآت مذهبية أوعرقية أو طائفية أو أي انتماء.

صندوق الانتخابات إنما هو إحدى نتائج العمل الديمقراطي الذي يشمل تفاصيل الحياة العامة بل والخاصة غالباً!.

فإذا كان لمنظمات المجتمع المدني ومؤسساته هذه المكانة في ممارسة مسؤولية البناء والتنمية فماذا عن السلطات التي لا تقوم بواجبها في مد يد العون والشراكة مع هذه المنظمات، بل وبعض البلدان تتجرأ سلطاتها إلى اتهامها اتهامات غير مبنية على أدلة قانونية واضحة ؟!.

ما من شك أن هناك بعض المنظمات لها أنشطة مشبوهة أحياناً ولكن الاشتباه ظن وبعض الظن إثم، والأحكام العادلة والتي تتوخى العدل لا تُبنى على الظن وإنما على اليقين!.

وبناء الأحكام على الظن دليل على العجز أو على الظلم المتعمد، وشيطنة منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية ناتج عن إحدى الحالتين ، وينتج عن  ذلك تعطيل أهم وسيلة من وسائل المجتمع في المشاركة في صنع القرار وفي تصحيح مسار عمل مؤسسات السلطات الرسمية التي يُفترض فيها أداء وظيفة عامة هي ملك المجتمع، وصاحب الملك هو صاحب الحق الأصلي في مراقبة أدائها لواجباتها وفي محاسبتها وفي إيقاف نشاطها وذلك عن طريق الوسائل الدستورية والقانونية.

كما أن شيطنة هذه المنظمات يعد مدنياً ودينياً يُعد كذلك وقوف ضد فعل الخير على كل المستويات الوطنية والدولية ففي العالم من هم أكثر وعياً وأحياناً أكثر إنسانية في تلمس سبل الخير وأوجه البر.

مبدأ الادراك اليقيني بأن السلطة ليست ملك فرد ولا اسرة ولا حزب ولا جماعة بذاتها هو أهم مبدأ يتأسس عليه الاستقرار والسلام الدائم في أي دولة.

ولم يعد هذا المبدأ من المبادئ المثالية الافلاطونية لدى البلدان التي تحترم نفسها بل صار حقيقة تمارسها الدول والأفراد والجماعات بنسب تختلف باختلاف مستوى الوعي في هذه البلدان.

فالدول الأكثر احتراماً لشعبها تعي جيداً أن عليها واجب رسمي مؤكد تجاه دعم منظمات المجتمع المدني لتؤدي واجبها الأصيل والمساند للنشاط العام والخاص.

أما ملاحقتها وشيطنتها والتشكيك المطلق في ولائها الوطني وكيل الاتهامات ضدها بالحق وبالباطل فهو ليس مجرد خطأ في أداء الوظيفة العامة، بل جريمة بقدر ما يمس ركنها المادي بهذه المنظمات وبالمنتسبين إليها فإنه كذلك يمس بالدستور والقانون وبالوطن بكل تأكيد!..

(والذي نفسه بغير جمالٍ * لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً) – إيليا أبو ماضي.

اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ البغدادي يكتب لـ “صوت الشورى” عن الوسطية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى