الغابون على طريق النيجر للتخلص من الهيمنة الفرنسية
الغابون على طريق النيجر للتخلص من الهيمنة الفرنسية
الاربعاء30 أغسطس2023 قال رئيس الحرس الجمهوري في الغابون، الجنرال برايس أوليغي نغويما، وهو مرشح لقيادة البلاد، إنّ الجنرالات سيجتمعون اليوم لتحديد من سيقود الفترة الانتقالية بعد الإنقلاب.
وجاء تصريحه في مقابلة أجرتها معه صحيفة “لوموند” الفرنسية، بشأن الانقلاب الذي نفّذه عسكريون، اليوم الأربعاء، في الغابون.
وكانوا قد أعلنوا بعد الانقلاب، إلغاء نتائج الانتخابات، التي فاز بموجبها علي بونغو برئاسة ثالثة، وحلّ الدستور والسيطرة على السلطة، ووضع رئيس البلاد في الإقامة الجبرية.
كذلك، قال نغويما في تصريحه لـ “لو موند”، إنّ “هناك استياء كبير في الغابون، ولا أحد يتحمل المسؤولية، ولم يكن لبونغو الحق في الحصول على ولاية ثالثة، وتم الاستهزاء بالدستور، ولم تكن طريقة الانتخاب نفسها جيدة، لذلك قرر الجيش أن يطوي الصفحة، ليتحمل المسؤولية”.
وعند سؤاله عن مصير علي بونغو، قال نغويما: “إنّه متقاعد، يتمتع بجميع حقوقه. إنه مواطن غابوني عادي، مثل أي شخص آخر”.
وأعيد انتخاب علي بونغو، الذي يحكم الغابون منذ 14 عاماً، رئيساً للبلاد لولاية ثالثة بحصوله على نسبة 64.27% من الأصوات، بحسب الهيئة الوطنية المكلفة الانتخابات. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 56065%.
ورأى العسكريون الذين نفّذوا الانقلاب، أنّ “الانتخابات الأخيرة لم تكن ذات مصداقية”. وقالوا متحدثين باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات”، إنهم “بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية، ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى، قرروا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم”.
وفي الأثناء، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيت بورن، إنّ بلادها تتابع الموقف في الغابون عن كثب.
هذا وتمتلك “الغابون” الواقعة على الشواطئ الغربية لوسط أفريقيا ثروات نفطية ومعدنية كبيرة، في حين ترزح كما غيرها من شعوب أفريقيا تحت الفقر، فلم يتغير شيء في واقع المستعمرات الفرنسية السابقة منذ استقلالها قبل عقود، فقد بقيت ثرواتها تصب في خزائن المحتلين السابقين، وبقيت فرنسا هي المتحكم في اقتصاد وقرار البلاد حسب تقرير المسيرة.
ثلاث حكومات مولية لفرنسا في 63 عاما
حصلت الغابون عام 1960 على استقلال شكلي وكانت المصالح الفرنسية العنصر الحاسم في تحديد رئيس البلاد ونظام الحكم، ففي عام 1961 انتخب أول رئيس للغابون ليون إمبا بعد تدخل قوي من باريس وتدفق الأموال الفرنسية لدعم انتخابه.
وصف عهد إمبا بالدكتاتوري و”المصالح الفرنسية”، فقد غير الدستور ليتماشى مع مصالح المستعمر السابق، وحظر الأحزاب وفرض حكم الحزب الواحد، وحل البرلمان حتى مع قيام ثورة شعبية دعمها الجيش عام 1964 في محاولة لاستعادة البرلمان والديموقراطية فقد تدخل الجيش الفرنسي لإعادته إلى السلطة، وبقيت القوات الفرنسية قرب العاصمة ليبرفيل.
وعندما توفي إمبا عام 1967 حلَّ مكانه نائبة عمر بونغو أونديمبا مكانه واستمر في منصب رئيس الدولة 41 عاما حتى وفاته عام 2009 ليخلفه ابنه علي بونغو البلاد منذ 14 عاما.
ثروات الغابون الضائعة
تُعَد الغابون واحدة من بين أكبر 5 منتجين للنفط في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، بحسب البيانات، التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة، ويوجد لدى الدولة البالغة مساحتها 268 ألف كيلومتر مربع- نحو 2 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، سواء في البر أو البحر.
وعلى الرغم من ارتفاع عائدات النفط الذي تستخرجه الشركات الفرنسية وقلة عدد السكان البلغ عددهم 2.3 مليون نسمة فإن أكثر من ثلث السكان يرزح تحت خط الفقر.
هذا بالإضافة إلى امتلاك البلاد ثروات معدنية كبيرة أهما الذهب واليورانيوم والماغنسيوم والفوسفات والأخشاب والحديد.
الحراك غرب أفريقيا
يبدوا أن الحراك الشعبي الذي ضاق ذرعا بالسياسات الفرنسية في دول المنطقة وكذلك الإطاحة بثمان حكومات تابعة لباريس خلال ثلاث سنوات غرب إفريقيا أبرزها تشاد ومالي وبوركينا فاسو، كان حافزا إضافيا للغابون للتحرر من قيود الاستعمال التي استباحت الدول والشعوب وثروتها، وهذا ما يفسر خروج مسيرات اليوم الأربعاء 30 أغسطس 2023 في البلاد فرحا بالإطاحة بحكم رعته فرنسا طيلة ستة عقود ونيف.
على الضفة الأخرى، لم ترق هذه التطورات على الساحة الأفريقية للقارة العجوز، معبرة عن قلقها على لسان مسؤول خارجيتها جوزيب بوريل حين قال “إن ما يحدث ما يحدث في غرب أفريقيا مشكلة كبيرة لأوروبا”، لكن هذا القلق يبدو انه سيزداد في القادم القريب وستتساقط الحكومات الإفريقية التي مهمتها تمرير مصالح الأوروبيين كأحجار الدومينو، لصالح صوت الشعوب الرافضة للاستعمار الخارجي وإن كان مرتديا زي حكومات محلية.
اقرأ أيضا:السفير الفرنسي بالنيجر يرفض المغادرة والسلطة الانتقالية تحذره