الحصار على مطار صنعاء..معاناة مستمرة للمدنيين
* علي الديلمي
( ورقة عمل قُدمت في ندوة لوزارة الخارجية )
يعيش اليمن منذ ثلاث سنوات حربا وحصارا تعرض خلالهما لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي من قبل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية واستهداف للمدنيين واستهدف البنية التحتية والمستشفيات والمدارس ورغم تقارير المنظمات الدولية والعربية والمحلية التي كشفت فضائح الحرب على اليمن وفداحته الحصار، إلا أن ذلك لم يوقف تلك الانتهاكات التي يجرمها القانون الدولي والمعاهدات الدولية بل تم استهداف تجمعات بشرية وأسواق وصالات أعراس للنساء والرجال في انتهاك صارخ لم يشهد له التاريخ مثيلا وكانت معاناة المدنيين هي الأشد فتكا ،وأسلحة محرمة دوليا تم استخدامها في العاصمة صنعاء وصعده ونهم ومعظم المدن اليمنية ولم يحيد المناطق المدنية من الاستهداف المتواصل على مدار الثلاث السنوات ولم يعمل المجتمع الدولي سوى المناشدة لإحلال السلام وكأنه غير قادر على القيام بواجباته التي من أجلها تم إنشاء الأمم المتحدة بعد حربين عالمتين.
كما أن سلبية المجتمع الدولي وتواطئه أحيانا كثيرة ساهم بدور خطير في استمرار معاناة المدنيين وجعل التحالف السعودي الذي هو بموجب نظام روما ارتكب حربا عدوان وحرب إبادة للمدنيين وقامت بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا بإبرام اتفاقيات شراء الأسلحة الأمر الذي جعل دول التحالف التي تقوم باستهداف الاقتصاد اليمني والتي تمس حياة الناس بشكل مباشر ومؤذ.
ومنذ بداية الحصار الذي بدأ بمنع الرحلات لكافة الطيران الخارجي والاستكفاء بالرحلات اليمنية فقط وبواقع رحلة واحدة تصل إلى الأردن والقاهرة ليضاعف معاناة المسافرين وخاصة أن التكلفة المالية تصل إلى الألف دولار فقط للفرد الواحد للوصول إلى القاهرة أو الأردن غير التكلفة للوصول إلى الدول المراد الوصول إليها وعبر التفتيش المهين في مطار بيشة.
ولم يكتف بتلك الإجراءات التعسفية والمخالفة للقانون الدولي ولم يعر للإنسانية أي اهتمام وقام بإغلاق مطار صنعاء لتتضاعف المعاناة للمرضى والمسافرين ،إذ يحتاجون للسفر عبر مطار سيئون أو عبر مطار عدن ليستغرق الوصول للمطار ثلاثة أيام عبر البر ويتعرض بعض المرضى للوفاة أثناء السفر وعدم قدرة البعض على السفر بسبب صعوبة تحمل السفر برا لمدة ثلاثة أيام واعتقال بعض المسافرين رغم أنهم شخصيات أكاديمية مثل الدكتور مصطفى المتوكل الذي لا يزال مخفيا قسرا إلى الآن والذي سافر لحضور مؤتمر علمي وأكاديمي وغيره مثل البهائيين الذين اعتقلوا وتعرضوا للتحقيق والمعاملة القاسية.
إن هذه المعاناة التي ضربت بالإنسانية عرض الحائط تتم في ظل سكوت المجتمع الدولي.
إجراءات الحصار ضد المدنيين
إن تلك الإجراءات التعسفية والمنتهكة لحقوق الإنسان تتم ودون أي قرار دولي
من الأمم المتحدة وإنما وفق رغبه المملكة العربية السعودية بل وتعد مخالفه صريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحلفائها وهو قرار انفرادي مناف لمبادئ القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما أن مبدأ المساواة في السيادة بين الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما أن مبدأ الحصار الذي يتجاوز مداه الحدودي وهو ذو طابع قسري يتعارض مع المبادئ الأساسية للنظام التجاري المتعدد الأطراف والتي تسبب أضرارا اقتصادية تجارية ومالية جسيمة يتكبدها الشعب اليمني بسبب هذا الحصار وآثاره السلبية على حياته وعلى ظروفه المعيشية وتتفاقم هذه العواقب سلبيا عليه.
الأضرار المترتبة التي لحقت بالمدنيين جراء الحصار وفي أشد القطاعات تأثيرا في الحياة الاجتماعية
1- الأضرار المترتبة في مجال الصحة :
تقدر الأضرار التي لحقت بقطاع الصحة بأكثر من 20 مليون دولار تقريبا بسبب بعد الأسواق وارتفاع الأسعار التي يتم استهلاكها للأغراض الطبية والأدوية وقطع الغيار والمعدات الطبية.
كما انتشرت الإمراض الفتاكة والخطيرة بسبب الحرب والحصار مثل الكوليرا حيث يذكر الصليب الأحمر الدولي انه تم تسجيل 300000 حالة إصابة وأكثر من 1600حالة وفاة وقد صنف وباء الكوليرا في اليمن أنه الأول عالميا.
كما أن افتقار مركز القلب والأوعية الدموية والنداء العاجل الذي أعلنه عن القلق من توقفه وكذلك بنك الدم من تعطل أجهزته وحاجتها للصيانة وهذه الحالات في معظم المدن والتي أطلقت نداء عاجلا لإنقاذ حياة المرضى وضرورة سرعة إمدادهم بالأجهزة الطبية الضرورية وصيانته الموجودة وتوفير الدواء مثل المصابين بالفشل الكلوي وغيرها من الحالات الحرجة التي تستدعي تحركا إنسانيا وعاجلا. كما أن 45%من المستشفيات تعمل وفق إمكانيات ضعيفة.
كما أن المرضى بالأمراض الخطيرة عاجزون عن السفر مثل مرضى السرطان والكبد الوبائي.
2-الأضرار المترتبة في مجال الغذاء:
وصلت لمستو خطير في ظل الحرب والحصار وانتشار البطالة وحالات التسول
وانتشار لحالات الفقر حيث أشارت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود أن أعداد الذين يموتون بسبب الحصار في تزايد كبير، كما أن ظهور حالات المجاعة في محافظات كمحافظة الحديدة هي مثال صارخ للإنسانية لإيقاف الحصار والحرب وتقول الأمم المتحدة إن 21 مليون شخص 80% من اليمنيين يحتاجون إلى مساعدات وفي تقرير لليونيسيف الذي حذر من خطورة الأوضاع في اليمن و إن 10 ملايين من الأطفال الذي يشكل نصف عدد السكان بحاجة للمساعدة الإنسانية وكذلك النساء الموجودات في مناطق أكثر تضرر وهن عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل وهذه فقط أمثلة وإلا فأن الواقع هو أكثر خطورة من هذا بكثير ولأن ورقتي تركز على جانب الحصار لمطار صنعاء فقط فقد اقتصرت على هذا الجانب فقط وأيضا ليس كل جوانب الحصار الذي أصابت آثاره معظم حياته المدنيين جراء هذا الحصار وجراء تلك الإجراءات الفردية التي اتخذتها السعودية منفردة غير آبه بأحد.
3 – أثار إغلاق المطار :
– منع الآلاف من المرضى والجرحى من السفر للعلاج
– تضرر القطاع الصحي
– تضرر القطاع الصناعي والتجاري
– أكثر من 3 ملايين عاطل عن العمل بسبب الحرب والحصار.
وهذه فقط بعض الآثار التي انعكست على المجتمع اليمني وعلى أوضاعهم المعيشية والحياتية وتسببت في موتهم والعبث بحياتهم واقتصادهم وعدم قدرة الكثير على توفير الدواء والعلاج له أو لأقاربه وجعلت حياتهم في خطر يفتك بهم المرض من جهة والطيران الحربي السعودي من جهة أخرى وصعوبته توفير لقمة عيش وماء نظيف وحياة آمنة لا بد من ارتفاع الأصوات الإنسانية لإنقاذ اليمن والشعب اليمني وإيقاف معاناتهم المستمرة بفعل الحصار ،كما أن التكتم الإعلامي الدولي والعربي وتفرج المجتمع الدولي و الدور السلبي للأمم المتحدة و حصار ميناء الحديدة وحصاره ومنع دخول المشتقات البترولية يشجع دول العدوان في ظل السكوت والتواطؤ على الاستمرار وعدم احترام القوانين الدولية والقانون الإنساني الدولي الذي أصبح حبرا على ورق وجعل من دول التحالف ودول العدوان تتمادي أكثر وتمارس الكثير من الانتهاكات والتي يجب أن يضع لها حدا فهي حياة شعب بأكمله تعبث بها تلك الدول ،وإذ نعتبر أن قرار مجلس حقوق الإنسان الأخير الذي اعتمد بتشكيل مجموعه من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين لمراقبة وتوثيق الانتهاكات والجرائم في اليمن وكان بتاريخ 29ستنمبر2017 في جلسته السادسة والثلاثين هي خطوة جيدة تحتاج أن يعقبها قرار واضح بإصدار قرار دولي ملزم بإنشاء لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن والتحقيق في كافة الانتهاكات ضد المدنيين.
كما أن على المجتمع الدولي القيام بدوره وواجبه وتحمل مسؤولياته تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني وعدم التلاعب بالمواثيق الدولية والنظام الأساسي للأمم المتحدة ومجلس الأمن وعدم إخضاع الوضع الإنساني في اليمن للمساومات والصفقات وتغاضي الطرف عن الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها ،بالإضافة إلى ضرورة تسليط الضوء على الوضع الإنساني باليمن من قبل الإعلام في عالمنا العربي والإقليمي وتحرك للمنظمات العربية والوطنية والتركيز على حجم الكارثة التي تعيشها اليمن بسبب الحرب والحصار والاستفادة من برامج التواصل الاجتماعي .
توصيات
لا بد من العمل والضغط على المجتمع الدولي من قبل المنظمات والإعلام وكافة الفعاليات الاجتماعية والإنسانية من أجل:
1- فك الحصار على اليمن وفي مقدمته فتح مطار صنعاء وعودة الرحلات التجارية.
2- قيام الأمم المتحدة بدورها في صون وحماية الأمن والسلم الدوليين عبر إيقاف الانتهاكات لحقوق الإنسان وضرورة إنشاء لجنة دولية للتحقيق.
3- سرعة وصول المساعدات الإنسانية وعلى رأسها الدواء والغذاء والمعدات الطبية.
4- العمل على إحلال السلام وعودة الحوار بين كافة الأطراف في اليمن.
4- تعويض اليمن جراء ما لحقه من أضرار جراء الحرب والحصار.
*رئيس منظمة يمن للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية
dailamiali@gmail.com