كتابات فكرية

هل لازال العرب عربا؟

هل لازال العرب عربا؟

كتب -عبدالغني العزي

         لم يحدث في تاريخ الصراع مع الكيان المحتل أن خيم الصمت علي  غالبية العرب شعوبا وأنظمة كما خيم الصمت المخزي اليوم  على المجازر الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني ومن بعده الشعب اللبناني وكذلك الشعب السوري.

 في الماضي القريب كنا نسمع أصواتا عربية لازالت  ترتفع هنا وهناك  فرادى وجماعات وعبر المنظمات العالمية والعربية ولو من باب  المجاملة الخالية من الصدق والجدية.

 كنا نسمع  شجب وتنديد وإدانة  وتهديد  في بعض الأحيان للكيان ومن يقف خلفه

 اليوم نلاحظ للأسف أن العرب لم يعودوا عربا، لم يعودوا حماة الديار مواقفهم مخزية من كافة القضايا العربية المصيرية  ولم نعد نسمع  نخوتهم وشهامتهم ونجدتهم بل ما نسمعه هو ذلهم وهوانهم و صمتهم على  الجرائم الغير مسبوقة في التاريخ التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في جسم العروبة المثخن بالجراح قتلا وتنكيلا بالنساء والأطفال والشيوخ واغتيالا للقادة والرموز  وتدمير  المباني والمدارس والمستشفيات  في فلسطين ولبنان وسوريا.

لقد أصيب العرب في أخلاقهم  وإنسانيتهم وانسلخوا فعلا من عروبتهم وقيمهم وجذورهم وتنكروا  لماضيهم العروبي الذي كانت الشجاعة ونجدة المظلوم وإغاثة الملهوف  ابرز سماته، حيث كان  التنافس في الفضائل في أوجه وهم في جاهلية جهلا وما حلف الفضول إلا تعبيرا بسيطا عما كانوا عليه  أما بعد إسلامهم فقد  ازدادوا  شجاعة إلى شجاعتهم  في قول الحق ومواجهة الباطل فعلى شأنهم وتوثقت عرى  إخوتهم وتلاحمهم وأصبحوا كالبنيان  يشد بعضه بعضا .

 اليوم العرب غير العرب صاروا   يسبحون في  بحور من الفرقة والشتات  ويعشعش في أوساطهم التناحر والخذلان لبعضهم البعض فحصدوا  بعد عزهم  الهوان وجنوا  على واقعهم  الخزي وتحولت  شجاعتهم إلى جبن وأصبح  حالهم اليوم حال المتردية والنطيحة حال  لم يكن يتوقع وصولهم إليه احد من العالمين.

 الانتماء للعروبة  والعرب كان فخرا وعزا  وكانت للعروبة دورها وكان للعرب قولهم   وكنا نسمع عنها قيمهم ومثلهم العليا وأنهم  معقل المضطهدين  وسياج المستضعفين  والمنيع العذب للملهوفين كنا نعتز بذكر عروبة العرب  في الجاهلية والإسلام   واليوم هاهي العروبة تتصدع قيمها و تتبخر مبادئها و تنحدر إلى كرامتها إلى  أدنى  مستواها.. صارت الأمم تنهش لحم العرب  وتحتل أرضهم  وأصبح العربي  يشاهد  أخ العروبة  يذبح من الوريد إلى الوريد  كما حال أبناء فلسطين ولبنان والعرب  صامتين والبعض منهم  مباركين ..

يا للهول يا للفاجعة ..

لقد أصيبت الأمة بالداء الأكبر في أخلاقها وعروبتها ودينها.

فأقم عليها مأتما وعويلا

 انحراف الأمة خطير جدا اكسبها  الخزي والعار والذل والهوان  الغير مسبوق ..

والسؤال الجدير بالإجابة عليه هو  لماذا حل بأمتنا ما حل بها؟

لماذا أصبحت امتنا  اليوم  مطمع لباقي الأمم وهدفا لسهامهم ..

والجواب أن ما حل بالأمة هو  نتيجة طبيعية لبعدها عن دينها الذي ارتضاه الله لها والذي أدى إلى تفكك عرى الأخوة بين العرب واتسع  لتتغلغل مفاهيم الصهيونية في أقطارهم لغرض تفرقهم  وبثت سموم الشتات بينهم و في أوساط مجتمعاتهم  والتي كانت   نتائجها كارثية  واضحة للأصم والبصير تناحر وطائفية وعصبية جهوية وعرقية  ولن يكون آخرها عمالة وتطبيع .

لقد جندوا الأعداء لنا جنود من داخل صفوفنا يؤدون مهام الصهيونية الوظيفية ينفذون رغباتها يسعون جاهدين لتحقيق  أهدافها في امتنا فغيروا علينا  المفاهيم ولخبطوا بيننا الأوراق فأصبح القريب بعيد والعدو صديق وما ذلك إلا نتيجة جنود الصهيونية ودعاتها الذين ينادون  باسم ديننا  وترتفع  أصواتهم  من علي منابر أسلامنا لضرب عرى امتنا   وتعميق تناحر أبنائها وتبرير سفك الدماء المحرمة بل لقد صنعوا لنا أرباب من الطغاة وسلاطين الاستبداد الذين لم يبخلوا بان مهدوا  الطريق إلى أحضان للصهيونية وجعلوا من الانقياد لهم حنكة سياسية وبراعة إقليمية كل ذلك باسم الدين ومن علي  منابر الإسلام  .

 لقد  استطاع الصهاينة اختراقنا في أقدس مقدساتنا  ديننا و عروبتنا فصبحنا عرب بلا دين ولا عروبة وصار   باسنا بيننا شديد رحماء على الأعداء   خدام وموالين و مطيعين لهم

  المقاوم عند الكثير منا  خيانة   والجهاد في سبيل تحرير الأوطان والدفاع عن  النفس ومال إرهاب والتذلل والخنوع والاستسلام   سياسة  حكيمة  لقد صارت  هذه المصطلحات وهذه المفاهيم المنحرفة وجبة  الإعلام العربي المتصهين بهدف تحقيق  الانهزام النفسي لأمة العروبة والإسلام  وتدجينها  لصالح الكيان المحتل وهذا ما هدفت له  الصهيونية العالمية علي المدى البعيد  ومن اجله  رصدت الأموال وجندت الرجال والوسائل المختلفة وعلي منواله سارت  سفن التطبيع العربي إلى مرافئ الصهيونية لولا  أن قيض الله برجال عظماء منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر  اعلي أيديهم تفجر طوفان الأقصى ومنه وبه ضربت الإستراتيجية الصهيونية وتبعثرت أهدافها حتى صارت  منعدمة التحقيق وعسى بالطوفان الهادر  تصحو أجيال  العروبة وتستعيد المجد الغابر والكرامة المغدورة  والعروبة المفقودة و يتغير حال الأمة وتعود العروبة إلى  عرب اليوم  كما كانت…

اقرأ أيضا للكاتب :لن يثنينا قصف أمريكا

الصورة تعبيرية للدمار الذي لحق بغزة وما يزال من قبل العدو الصهيوني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى