كتابات فكرية

نزاعات الورثة في قضايا القسمة .. المشكلة والمعالجات

نزاعات الورثة في قضايا القسمة .. المشكلة والمعالجات

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

الخميس27فبراير2025_

يحرم الكثير من الورثة في اليمن من حقوقهم الشرعية في تركة مورثهم  ودخول الورثة في قضايا قسمة طويلة لانهاية لها، بسبب تقاعس الجهات الرسمية في القيام بدورها القانوني في تجميد أرصدة وممتلكات المتوفي عقب وفاته مباشرة ،كون ممتلكات المتوفي بعد وفاته أصبحت ملك ورثته وانتقلت مباشرة لهم ولكن على الشيوع ،بمعنى لا يحق لأحد من الورثة التصرف في ممتلكات المورث إلا بموافقة جميع الورثة وبعد استصدار الوثائق التي تثبت من ورثة المتوفي ليتم تحديد من لهم الصلاحية في التصرف ولا يجوز أي تصرف في التركة إلا بعد قسمتها وتمكين كل وراث من حقه الشرعي والقانون ليتم تمكينه بالتصرف فيها بالتأجير أو البيع أو أي تصرف في المنفعة أو الناقل للملكية، مما يتسبب ذلك التقاعس في حدوث نزاعات بين الورثة وإثقال كاهل المحاكم بقضايا متعددة مدنية وجنائية وشخصية نتيجة استحواذ احد الورثة على التركة والتصرف فيها دون بقية الورثة، وقد يكون المستولي على التركة شخص اخرر ليس وارث ولكن بحوزته وثائق التركة ليتصرف فيها ويحرم ورثة المالك لها.

من المعيب تجاهل مؤسسات الدولة في بلادنا لوقائع وفاة مواطنيها وعدم الاهتمام بإجراءات توثيق واثبات واقعة الوفاة وساعتها وتاريخها ومكانها في السجل المدني في مصلحة الأحوال المدنية واثبات ذلك في النظام الالكتروني للمصلحة وتعميم ذلك لجميع الفروع  وتجميد كافة ممتلكات المتوفي عقب وفاته والتحقيق في أي تصرفات من أي جهة أو طرف في ممتلكات المتوفي عقب وفاته وتشديد العقوبة ضد مرتكبي تلك التصرفات حيث ما يحصل في اليمن من عشوائية و دفن المتوفي عقب وفاته مباشرة دون إصدار شهادة وفاة ودون استكمال إجراءات بياناته وحصر ممتلكاته ومنع التصرف فيها وحصر ورثته وهذا التجاهل يتسبب في تعطيل التركات وممتلكات المتوفي أو ضياعها آو استيلاء بعض الورثة عليها وحرمان البقية منها وحصول نزاعات طويلة ومتعددة قد تصل الى مستوى القتل فالأخ يقتل أخوه بسبب التصارع والنزاع على التركة وما كان ذلك ليحصل لو قامت مؤسسات الدولة بدورها القانوني ومسؤوليتها وواجباتها الذي تهدف إلى منع النزاعات ووقاية المجتمع من التنازع والصراع بإجراءات سريعة وعاجلة دون تراخي ولا مماطلة.

في معظم دول العالم عقب وفاة المورث يتم اصدرا شهادة وفاة محدد فيها كافة بيانات المتوفي وورثته وتاريخ وساعة الوفاة وربطها بالرقم الوطني للمتوفي وفور صدور الشهادة يتم إصدار تعميم الكتروني مباشر الى جميع البنوك والوزارات والجهات الرسمية وفي مقدمتها السجل العقاري وقطاع التوثيق بوزارة العدل والمحاكم ووزارة التجارة والغرفة التجارية وجميع الجهات ذات العلاقة يتم بموجب التعميم تجميد كافة التصرفات في ممتلكات المتوفي حتى صدور حكم قضائي بقسمة التركة وتحديد نصيب كل وارث فيها فيتم تجميد أرصدة المتوفي في جميع البنوك وشركات الصرافة ومنع أي تصرف في عقارات وممتلكات المتوفي المنقولة من وسائل نقل وغيرها و الشركات والمؤسسات والمحلات وغيرها المملوكة للمتوفي.

المختص بإصدار شهادة الوفاة في اليمن هي مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية والذي يفترض أن يكون لها نطاق عمل في أنظمة جميع المستشفيات والجهات الرسمية لتسجيل وقيد حالات الوفاة فور تحقق الوفاة بساعتها وحينه ووجوبية انتقال قسم الشرطة القريب من محل إقامة المتوفي انتقاله إلى منزل المتوفي مع عاقل الحارة أو شيخ القرية ويتم مباشرة حصر التركة وضبط جميع المنقولات والممتلكات الخاصة بالمتوفي وتحريزها ومنع أي شخص من التصرف فيها وتعطيل وتوقيف بطائق الصرف الآلي في البنوك الخاصة بالمتوفي فور الوفاة وعمل محضر رسمي بكل ذلك بتوقيع عاقل وشيخ القرية وقسم الشرطة وتسليم جميع الممتلكات من عقارات ومنقولات ووثائق ملكيتها إلى المحكمة المختصة مكانيا وإيداعها خزينة المحكمة حتى يحضر جميع الورثة لمتابعة إجراءات رفع الحجز والتجميد بقسمة رضائية بين جميع الورثة ورفعها للمحكمة للتأكد من صحتها واعتمادها ثم إصدار قرار برفع الحجز وتحديد صلاحية كل وارث في التصرف في التركة فالأرصدة المالية في البنوك يتم تحديد نصيب كل وراث وفتح حسابات لكل وارث وتوزيع نصيب كل واحد في رصيده مباشرة دون تباطؤ ولا مماطلة.

وفي العقارات يتم مباشرة توزيع منفعة العقارات للورثة كل واحد حسب نصيبه الشرعي وبشكل مؤقت وإذا توافق جميع الورثة على بيع العقارات يتم توقيع محضر بذلك وعرض العقار للبيع لفترة سنة على الأقل بعد تثمين العقار بحسب سعر الزمان والمكان له وتوقيع وثيقة من جميع الورثة بالموافقة على البيع بالثمن المحدد وإذا اختلف الورثة في سعره ينتدب كل وارث عدل لتثمين العقار والمحكمة تقرر وترجح السعر المناسب ليتم عرض العقار للبيع بسعر محدد وإذا حضر مشتري يتم البيع له عبر المحكمة وتسليم كل وارث نصيبه حسب الفرائض الشرعية والمنقولات كذلك ووسائل النقل وغيرها .

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية قيام الجهات الرسمية في اليمن وفي مقدمتها وزارة الداخلية والمؤسسات التابعة لها ومنها مصلحة الأحوال المدنية بقيد وتسجيل واثبات وفاة المتوفي في سجلات المصلحة الالكترونية وإصدار شهادة وفاة مستوفية بيانات المتوفي وساعة وتاريخ ومكان الوفاة وربطها بالرقم الوطني للمتوفي والأرقام الوطنية للورثة جميعا وإبلاغهم بواقعه الوفاة مباشرة عقب الوفاة ودون الانتظار حتى وصول بلاغ من احد أقاربه الذي قد يتواطأ البعض في عدم الإبلاغ ليتمكن من التصرف في ممتلكات المتوفي قبل صدور شهادة الوفاة كما يستلزم تعميم شهادة الوفاة لجميع الجهات الرسمية ذات العلاقة وتجميد ومنع التصرف في ممتلكات المتوفي حتى صدور قسمة شرعية بين الورثة.

ما يحصل من نزاعات بين الورثة في قضايا قسمة التركات يعود سببها إلى تقاعس الجهات الرسمية بالقيام بدورها القانوني في وقائع الوفاة وتراخيها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة الذي أذا قامت بها ستحد من النزاعات وستحافظ على التركة من الضياع وتنصف المستضعفين من الورثة الذي يحاول الأقوياء منها الاستيلاء على تركة مورثهم وحرمان بقية الورثة والمماطلة والتطويل في إجراءات التقاضي لمنع حصول القسمة واختفاء وثائق ومعلومات ممتلكات المورث للاستحواذ عليها وحرمان الآخرين منها.

في جميع دول العالم تقوم مؤسسات الدولة باتخاذ إجراءات وقائية لمنع النزاعات والحد منها ولكن ؟

في اليمن هناك ضعف وتجاهل يتسبب ذلك في إقحام المجتمع في نزاعات ما كانت لتحصل لو تم ضبط الإجراءات فيها بشفافية وسرعة .

معظم الأسر في اليمن تجدهم يعانون ومنشغلين بقضايا قسمة تركات مورثهم الذي تطول بسبب استحواذ البعض عليها وعدم تجميد ممتلكات المورث فور وفاته فيكون من مصلحة  المستفيد تعطيل ومماطلة القسمة ليستمر في الاستفادة من تلك الممتلكات وتتمزق العلاقات الأسرية وتتوتر وتصل الى حد ارتكاب الجرائم في بعضهم بسبب الميراث .

ولمعالجة كل ذلك نؤكد على دور وزارة الداخلية في تجميد أرصدة وممتلكات المتوفي للحفاظ على التركة وتمكين الورثة .

عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:الاستثمار  الطريق الامثل للتنمية والاستقرار الاقتصادي والسلام المستدام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى