كتابات فكرية

نداء من أعماق الجرح: أفرجوا عن الأسرى .. لوقف انهيار ما تبقى من غزة

 نداء من أعماق الجرح: أفرجوا عن الأسرى .. لوقف انهيار ما تبقى من غزة      

  • بقلم: حسن الدولة

الثلاثاء22 يوليو 2025_

إهداء

إلى كل عربي حر :

يقيس النصر بعقل النتائج لا بعاطفة الشعارات،

ويعرف أن المجد لا يُبنى على الرماد،

ولا تُقاس الهزيمة بأوهام “النصر” غير المحقق فعلا.

بل بما يُحقَّق لشعوبنا من كرامة، وأمن، وحق في الحياة.

هذا المقال أكتبه لأجلكم، ومن أجلكم.

منذ الثامن من مايو 2025، يوم أصدرت عائلات الأسرى الإسرائيليين بيانها المنشور على منصة “إكس”، والذي أكدت فيه أن عدد المختطفين الأحياء الذين ما زالوا في قبضة حركة حماس يبلغ 24 أسيرًا فقط، ومأساة غزة تتسارع بشكل مأساوي حتى تكاد تتحول إلى كارثة مكتملة الأركان.

فمنذ ذلك التاريخ وحتى لحظة كتابة هذا المقال، تُسجل المجازر في القطاع أرقامًا مفجعة، تفوق في بعض الأيام أربعين شهيدًا في اليوم الواحد، بل وتجاوز عدد المنتظرين للمساعدات الذين سقطوا شهداء برصاص القناصة أو في طوابير الانتظار الألف شهيد. هذا دون الحديث عن وتيرة الهدم المنهجي التي تطال كل بيت وكل شارع، وتستهدف كل أمل بقي في حياة أهالي غزة.

ورغم هذا الواقع المأساوي، ما تزال حركة حماس تصرّ على التمسك بالأسرى الأربعة والعشرين، وكأنهم باتوا آخر ورقة في يدها، مع أن هذه الورقة تحوّلت إلى ذريعة ذهبية تستثمرها آلة القتل الإسرائيلية لتبرير جريمتها، وتسويق سياساتها الإباديّة أمام العالم على أنها “دفاع عن النفس”.

على ماذا تراهن حماس اليوم؟

السؤال الذي يفرض نفسه على كل ضمير حي: ما الذي تراهن عليه حماس؟

هل يستحق 24 أسيرًا — مهما كانت قيمتهم الرمزية أو السياسية — أن يُضحّى من أجلهم بمليونين من أبناء غزة؟

هل ما زال في الميدان ما يمكن التفاوض عليه بينما تُستنزف غزة بشريًا، وتُمسح جغرافيًا من الوجود؟

أليس من الأجدر أن تعلن حماس، في هذه اللحظة التاريخية المفصلية، أنها مستعدة لإطلاق سراح الأسرى من منطلق إنساني، وكبادرة لإنقاذ من تبقى من الأطفال والنساء والبيوت والمستشفيات؟

إن نداء الدكتور أحمد قايد الصايدي والمناضل عبدالباري طاهر الموجه إلى العالم لإجبار العدو الإسرائيلي على وقف المجازر، هو موقف مشرّف، لكنه ناقص ما لم يصاحبه نداء مماثل إلى قيادة حماس.

لقد قلتُها لهم، وأقولها الآن على رؤوس الأشهاد:

“أليس من الواجب إصدار نداء موازٍ لحماس بالإفراج عن الأسرى، في ظل مجازر يومية تُنفذ تحت عنوان: استعادة الجنود؟”

لأن الأقدس من كل نصر عسكري أو سياسي هو وقف النزيف والدمار. لأن البطولة ليست في استمرار المعاناة، بل في معرفة اللحظة التي يجب فيها إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

هل كانت 7 أكتوبر انتصارًا… أم فخًّا محكمًا؟

إن استرجاع أحداث 7 أكتوبر وما أعقبها يجعلنا نفكر بمرارة. لقد كانت إسرائيل تبحث عن “اللحظة الذهبية” التي تعيد فيها تشكيل قواعد الاشتباك في المنطقة. فوجدت في العملية العسكرية لحماس، وما تلاها من أسر مدنيين، الفرصة المثالية لتحشد تعاطفًا دوليًا، وتعيد رسم حدود العنف وفق ما يخدم روايتها.

ليس سرًا أن العدو الإسرائيلي نجح في اختراق حماس قبل غيرها، وقد نشرت القناة 12 الإسرائيلية استجوابات صادمة في الكنيست، أشارت إلى تسجيلات بين نتنياهو وقيادات داخل حماس، وحديث مباشر عن خطة أمريكية–إسرائيلية محكمة للقضاء على محور المقاومة.

ما بعد 7 أكتوبر ليس كما قبلها. لقد تم قصف سوريا، وتصفية قادة إيرانيين، وضرب المفاعلات النووية، وإخماد حزب الله سياسيًا. كل ذلك باسم “الرد على 7 أكتوبر”، وكأن العملية منحت إسرائيل شرعية وجود كانت تتآكل قبل ذلك اليوم.

بل قالها المجرم نتنياهو صراحة:

 “على الإسرائيليين أن يعلموا أن إسرائيل كانت مهددة وجوديًا قبل 7 أكتوبر…”

هل كان هذا مجرد تصريح؟ أم تلخيصًا لحقيقة مرّة مفادها أن العملية كانت الهدية التي أنقذت إسرائيل؟

من السجن إلى الساحة… تساؤلات مشروعة

ليس كل من سُجن هو بالضرورة مقاوم طاهر اليد. فقد روى أحد قادة المقاومة المحررين من سجون الاحتلال أن السيد حسن نصر الله رفض عودته إلى صفوف الحزب رغم بقائه أربع سنوات فقط في السجن، وذلك لوجود شبهة، حفاظًا على الحزب.

في ضوء ذلك، من حقنا أن نتساءل:

هل مصلحة غزة تُدار بروح من ضحوا، أم بمن يمكن أن يكونوا — عن وعي أو عن غير وعي — جزءًا من لعبة أكبر؟

النداء الأخير: أنقذوا غزة… بالإفراج عن الأسرى

يا قيادة حماس،

لا تنتظروا الضوء الأخضر من أحد.

لا تراهنوا على سلاح أو حليف أثبتت الأيام أنه لا يملك القرار.

لا تختبروا صبر من بقي حيًا تحت الأنقاض.

أنتم اليوم في مفترق حاسم:

إما أن تُخلدوا أنفسكم في وجدان الناس بأنكم أنقذتم غزة،

أو أن تُذكروا بتاريخكم كمن تمسكوا ب24 أسيرًا وخسروا كل شيء.

الحرية للمظلومين، والرحمة للشهداء، والحياة لمن تبقى من غزة.

اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب عن الجمهورية والملكية بين المظهر والجوهر!


نجدد التأكيد أن المقالات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبر نهائيا عن توجه اتحاد القوى الشعبية أو موقع صوت الشورى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى