كتابات فكرية

منه تعلمنا .. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل

منه تعلمنا .. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل

  • محمد النزيلي

على أيده أتعلمنا السياسة

حين “استلقفنا” ونحن في فترة مراهقتنا السياسية المبكرة.

وفي فترة الحساسية الأمنية الشديدة من كل ما هو سياسي.

وفي ذروة فترة تحريم الحزبية، وربطها بالتأثر، فالعمالة، فالخيانة، فالدمار.

حين كان الانتماء إلى أي تنظيم سياسي جريمة كبرى قد يفقد “المتورط فيها” حياته أو حريته أو وظيفته أو دراسته أو موطنه.

واستطاع بأسلوبه المدهش وجرأته النادرة، أن يجذبنا إلى مادته الشيقة جدًا، والتي فتحت أمامنا آفاقًا سياسية متعددة ومتنوعة ومثيرة.

تلك المادة التي تغامزنا كثيرًا على تسميته لها بـ”التنمية السياسية”.

ونحن من كنا نعتقد أن كلمة التنمية مرتبطة ارتباطًا كليًا ومصيريًا بالمشاريع والمنجزات الملموسة: شوارع، طرق، مدارس، مشافٍ، سدود، شتلات، أسواقٍ.

ولا دخل لها بما هو سياسي.

كان كما أظن الأستاذ اليمني الوحيد  في قسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة صنعاء.

كنا نشعر براحة منقطعة النظير عندما نسمع محاضراته السياسية بلكنة قريبة منا ومريحة لنا هي أقرب إلى لهجة صنعاء.

 ومن رجل كان وزيرًا في فترة التصحيح المالي والإداري الذي كان السمة البارزة لفترة الرئيس الحمدي رحمة الله تغشاه.

وكان في نظرنا كل من عمل في منصب كبير في فترة الشهيد الحمدي، فهو ملاك قادم من السماء

جاء ليعلمنا كيف نخترق الآفاق، ونحلق عاليًا لتحقيق الأماني والأهداف السامية.

كان من طرحه يظهر كأنه غاص في أعماق السياسة اليمنية إلى منتهاها، وصار عالمًا وخبيرًا بتموجاتها ومدها وجزرها وسنيها العجاف والسمان.

هو من علمنا كيف تدار الدول في العالم الثالث “الدول النامية والأقل نموًا”.

علمنا بالمرتكزات المتخلفة للسياسة في الدول الأشد تخلفًا، وبالمفاهيم المتخلفة في الحكم، مثل:

– الارتكاز على العصبية.

– خدمة الأولاد.

– الإفساد من أجل السيطرة.

– المحافظة على الحكم عن طريق القوة.

– الديمقراطية الشكلية.

– التنمية الشكلية.

– الزيف الإعلامي لحماية السلطة.

– الارتكاز على القوى الخارجية.

– افتعال الأزمات الخارجية والبحث عن كبش فداء.

ومنه عرفنا كيف نشأ صراع القوى بين المعسكر  الغربي والمعسكر الشرقي.

وهو من أخبرنا عن:

– تجربة ماو في الصين.

– تجربة غاندي في الهند.

وعن بناء الدول الحديثة في العالم.

وهو من شرح لنا النماذج العسكرية في الحكم، ومساوئ هذا الخيار.

ومنه تعلمنا كيف يتم بناء الأمة والدولة والوطن وفق أسس علمية صحيحة وسليمة.

ونماذج الحكم المتخلفة: ديمقراطي -محافظ -شيوعي.

كانت التنمية السياسية عبارة عن ملزمة كتبها بخط يده، رحمة الله تغشاه.

ومع ذلك، كان يصعقنا بمصطلحات قوية حين يتكلم عن تجاوزات نظام الحكم في اليمن حينها، والإصرار على ذلك النهج، ليختتم قوله بالمثل “ذيل الكلب عمره ما ينعدل”.

وعندما يتكلم عن التزييف الإعلامي للحقائق، وخداعه للناس، وتزيين وجه الحاكم في اليمن يومها، يختتم طرحه بالقول: “ومن يريد التأكد فعليه بمتابعة التلفزيون اليمني”. هكذا بكل جرأة.

رحم الله أ.د. محمد عبدالملك المتوكل.

اقرأ أيضا:الدكتور المتوكل دائما ما يضع يده على الجرح الذي يؤلم .. وهكذا هو الطبيب

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى