محكمة الضمير

محكمة الضمير
الدكتور : أمين الجبر
الأحد25مايو2025_
المذهبُ والمعتقدُ شأناً ذاتياً، لا يُقاسُ إلّا بضمير الفرد وحده، فأنت سيدُ عقيدتك، وقيمةُ إيمانك لا تُختزلُ في انتماءٍ خارجيّ، بل في حريتك الجوهرية التي تختارُ بها موقعك من العالم. فالإنسانُ، في نهاية المطاف، وحيدٌ أمام خالقه، وحيدٌ في محكمة الضمير، وحيدٌ في مواجهةِ عواقبِ اختياراته.
لكنّ السؤالَ الجوهريَّ الذي يفرضُ نفسَه بإلحاح: أين تقفُ في المعادلة الأخلاقية للوجود؟ هل أنتَ جزءٌ من آلةِ الظلمِ، أم صوتٌ في صفِّ المقاومة؟ هنا ينهارُ كلُّ تزييفٍ للوعي، وتتجلّى الحقيقةُ العارية: لا قيمةَ لخطابٍ بلا فعل، ولا وزنَ لإيمانٍ بلا التزام. فما يهمُّ، في النهاية، ليس ما تؤمنُ به في الخفاء، بل ما تفعلُه في العلن.
في مأساةِ غزّةَ، حيثُ الدّمُ يُسفَكُ على مذبحِ القوةِ العمياء، والضميرُ العالميُّ يُخدّرُ بخطابٍ دبلوماسيٍّ زائفٍ، انكشفتْ هشاشةُ الأخلاقِ الانتهازية. فالبعضُ يقاتلُ بكلِّ ما يملكُ، والبعضُ الآخرُ يكتفي بـ”إدانةٍ” جوفاء، أو يلوذُ بالتطبيعِ الخجول. فأينَ الحقيقةُ هنا؟ الحقيقةُ في الساحةِ، لا في الخطابات. في الدمِ المراق، لا في الدموعِ المصطنعة.
لا يُسألُ الإنسانُ يومَ الحسابِ عن مذهبه، بل عن موقفه. لا عن صلواته، بل عن شجاعته. فهل وقفتَ حيثُ يجبُ أن تقف؟ أم اخترتَ الالتحاقَ بقطيعِ الصامتين؟.
فلن تكون الأخيرة ” ثباتا مع غزة ، سنصعد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع”..
اقرأ أيضا للكاتب:الوحدة اليمنية: حلم شعبي.. ونخب فاشلة
