عارف الدش .. لا تستهينوا بتصريحات ترامب

عارف الدش .. لا تستهينوا بتصريحات ترامب
لا تستهينوا بتصريحات ترامب ما يجري استكمال تفكيك خرائط دول المنطقة
- عارف الدوش
الخميس 13 فبراير 2025م
هناك من يتحدث ويكتب بعبارات مثل ” لا تصدقوا تصريحات وتهديدات الرئيس ترامب ولا يخيفكم هي فقاعات ومبالغات نفسية مثل تلك التي يطلقها منظموا مباريات حلبات المصارعة ..إنها مجرد استفزازات مصارع لتثبيط نفسيات الخصوم ” .. هذا أسلوب يراه آخرين بأنه لتخفيف وقع تلك التصريحات والتهديدات وعدم أخذها بجدية ووضع الخطط والتحسبات لإفشالها في حالة تحولها إلى مراحل التنفيذ ليس إلا …
فتصريحات الرئيس الأمريكي ترامب وتهديداته بفتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط ليست للاستهلاك ولا هي تمنيات وأحلام يقظة أو فقاعات منظم حفلات مصارعة لممارسة حرب نفسية ضد الخصوم كما يقول البعض .. أبداً يا سادة يا كرام .. الأمر جدي ومخطط له وجوهره هو التمهيد لاستكمال تفكيك الخرائط الجغرافية للمنطقة كلها .. للوصول إلى ما تسميه أمريكا وأوروبا ( الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ) الذي من ضمنه إيران وتركيا … فهذا المشروع مخطط له منذ حرب الخليج الثانية وغزو العراق وبدأ تنفيذه بتفكيك الخرائط الجغرافية وتكسير الدول وتهشيمها في كل من العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن .. ولم يتبقى سوى مصر ودول الخليج وإيران وتركيا …
ففي هذا المشروع ( الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ) التيكانت حرب غزو العراق البداية العملية لتنفيذه سيتم به تغيير خرائط المنطقة وإعادة تركيب وصناعة خرائط جديدة .. ولهذا تلاحقت الحروب في المنطقة بأشكال مختلفة بحسب ظروف كل دولة والتركيب الاجتماعي فوق خريطتها .. فقد مرت بنا في المنطقة حروب عديدة مستمرة ومتواصلة بطرق مختلفة ومتعددة من العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى ليبيا إلى السودان الى غزة وها هي الحرب تكل بقرونها الشيطانية ضد مصر والأردن والسعودية وإيران وبقية دول الخليج . أما تركيا فالبداية هي توريطها في سوريا وها هي أستعذبت اللعبة فكانت تطريحات أوغلو حول غزة ودعوته بحكم ذاتي واستفتاء وانضمام لتركيا..
وسوف تسمعون وترون في قادم الأيام والشهور والسنوات القليلة القادمة ما يجعل ما نذهب إليه ليس تحليلاً وكلاماً وتوقعات وإنما خطوات أمريكية وأوربية تنفيذية لما يصرحون به ويقولوه .. وكل طرف في التحالف الأمريكي الغربي بما في ذلك العرب والأتراك سيطرح الأمر بمل يلبي مصالحه هو .. وما تصريحات أوغلوا بخصوص غزة إلا مثالاً لما أذهب إليه … فلا تستهينوا بتصريحات ترامب ولا تصفوه بمهرج في حلبة مصارعة .. فتصريحاته يرافقها تصريحات مماثلة وإن كانت أقل حدة من دوائر صنع القرار الأمريكي وسوف تسمعون تصريحات مشابهة من حلفاء أمريكا والغرب في المنطقة قد تبدوا بعضها ممانعة ولكن ستصل في ممانعتها إلى المناطق الرخوة في الممانعة مثل ” مصلحة البلاد … تجنباً للدخول غي حرب … الوضع الاقتصادي وميزان القوى العسكري لا يسمح بالدخول بمغامرة الحرب … ومن هذا القبيل …
ليس الأمر هنا لتثبيط الهمم .. ولكنه للانتباه والاستعداد والجهوزية وليس لدفن الرؤوس كالنعامة في التراب والتقليل والسخرية من تصريحات ترامب أو غيره .. وإنما أخذ الأمور بجدية من قبل دول المنطقة واستخدام مكامن القوة لدى كل دولة وجمعها في صوت واحد وفعل واحد ضد استكمال تفكيك خرائط المنطقة .. لاستكمال تنفيذ مشروع ( الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ) .. ولا تركنوا إلى تبادل الأدوار بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي فهما ينفذان مخططات أمريكا بما بخدم مصالحها بطريقتين مختلفتين لكنهما يؤديان إلى نفس النتائج .. الديمقراطي ينفذ بنعومة وميوعة ومراوغة والجمهوري ينفذ بخشونة وتهديد ووعيد ويختتم ذلك بحرب تنفيذ .. وهذا الأمر واضح بشكل جلي منذ حرب غزو العراق وما بعد ذلك حتى حرب غزة .. حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.. فقد تساوى الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الخشونة والعنف في حرب غزة .. حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين .. بعبارة أخرى تساوى الحزبين في تنفيذ مخططات أمريكا وإسرائيل فتماهت الدولتين معاً وأصبحتا دول واحدة .. وتحولت دويلة إسرائيل المصطنعة في المنطقة إلى ولاية أمريكية .. والتفاصيل تعرفونها وأبر ها كيف بدأ المجرم نتياهو في الكونجرس الأمريكي كأنه حاكم أمريكا ..
وحاليا يتخادم ترامب ونتنياهو بشكل واضح وكلاهما يتحدثان بلسان ومضمون واحد جوهرة ( تغيير خرائط المنطقة .. تغيير خرا ط الشرق الأوسط ) وانضمت للأسف لهما تركيا بسلوكها في سوريا وتصريحات أوغلو حول غزة وما خفي كان أعظم … باختصار .. لا تستهينوا بتصريحات ترامب ولا بتهديداته فالأمر مخططات مرسومة لدى صناع القرار الأمريكي فقط يختلف قادته من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في طريقة إخراج وتنفيذ تلك المخططات …
وأخيراً : الأمر يتعلق باستكمال تفكيك خرائط المنطقة كلها من البحرين الأحمر والعربي حتى إيران وتركيا وما بعدهما .. للوصول إلى منطقة أقرب لروسيا .. إلى مجالها الأمني الإستراتيجي لحصارها وكذلك للحد من نفوذ التنيين الصيني العدو الأول لأمريكا كما تصنفه هي …أمريكا والغرب يخططون للسيطرة على ما يسمى قوس الأزمة قلب الشرق الأوسط للتأثير وبدء انكشاف ما يسموه منطقة أوراسيا لإحكام السيطرة على المنطقة الممتدة من البحرين الأحمر والعربي إلى ما وراء إيران وتركيا أو ما تسميه أمريكا والغرب منطقة أوراسيا .. هذه المنطقة بتعبير خبراء الجغرافيا السياسية هي منطقة ( قلب العالم ) ومن يسيطر على قلب العالم يسيطر على العالم …
اقرأ أيضا للكاتب:عارف الدوش يكتب عن خطاب الكراهية
