ضرورة إخراج الأسواق العشوائية من المدن وتنظيمها
ضرورة إخراج الأسواق العشوائية من المدن وتنظيمها
عبدالرحمن علي الزبيب
تكتظ المدن اليمنية في جميع المحافظات بأسواق عشوائية تخنق حركة المرور وتحدث تلوث بيئي بالإضافة إلى الإزعاج والازدحام الكبير بسبب توسع المحلات إلى الشوارع وقطع كثير من الشوارع وسط المدن وتحول تلك الشوارع إلى أسواق عشوائية بعيدة عن التنظيم .
انتشار الأسواق العشوائية في المدن مؤشر واضح لفشل الجهات المختصة في تنظيم الأسواق ، وبالتالي فشلها في عملها الإداري،كما أن الأسواق العشوائية تحصر العمل فيها للذكور فقط وامتناع النساء في العمل في تلك الأسواق كونها أسواق عشوائية مزدحمة لا تليق بعمل المرأة. ولكن تنظيم الأسواق أو إنشاء أسواق كبيرة ومنظمة خارج المدن سيتيح للمرأة اليمنية للعمل فيها وفتح المحلات الخاصة بها دون ازدحام ودون اكتظاظ يمنعها من ذلك .
فاستمرار الأسواق العشوائية داخل المدن لا يسبب انتهاك لحق المرأة اليمنية في العمل بل يتسبب في مشاكل كبيرة لجميع أفراد المجتمع من إزعاج وقطع الطرقات وكوارث بيئية بسبب صعوبة النظافة والازدحامات الخانقة .
هذا ما يحصل في الأسواق العشوائية بشكل عام في المدن كما أن أسواق ومحلات بيع القات تشكل أيضا أسواق عشوائية و ازدحامات لا مبرر لها في ظل صمت وتغافل الجهات الرسمية المختصة عن تنظيم تلك الأسواق وإزالة المعيقات التي تعيق السير في الشوارع العامة .
كما انه يلاحظ تركز الأسواق العامة داخل ووسط المدن التاريخية مما يتسبب في تآكل وانهيار مبانيها وتحويلها إلى مخازن للسلع والمواد وتدمير المنازل التاريخية لتتحول إلى دكاكين وأسواق تجارية وكل يوم تنهار منازل في المدن التاريخية بعمل ممنهج ومنظم ليتم إقامة منازل ودكاكين وأسواق تجارية وتبدأ عمل جرف المدن التاريخية بتحولها إلى أسواق تجارية .
ويفترض إخراج جميع الأسواق التجارية إلى خارج المدن بشكل عام سواء أسواق ومحلات بيع القات أو الأسواق التجارية داخل المدن بشكل عام وفي مقدمتها المدن التاريخية للمحافظة عليها من التخريب والجرف لتحقيق أغراض تجارية .
أصبح التسوق في أيام ما قبل الأعياد كابوس رهيب وعندما ترغب في التسوق تغرق في أسواق عشوائية عبثية تخنق الحركة المرورية ليس فقط مرور وسائل النقل بل أيضا حركة البشر داخلها بسبب الاكتظاظ والازدحام الكبير وما يسبب ذلك من إزعاج وأيضا انتشار لعصابات السرقة والنشل عندما تذهب للتسوق كأنك ذاهب إلى جبهة حرب مدمرة فتزدحم وسط أكوام من التجمعات البشرية ولا تجد ما تريد إلا بصعوبة بالغة وحتى بعد الشراء أذا رغبت في إرجاع الشيء لا تستطيع التعرف من أين اشتريت بسبب غياب التنظيم وعشوائية تلك الأسواق وإذا كان معك وسيلة نقل يجب أن توقفها بعيدا عن الأسواق وان تورطت ودخلت بها فستغرق وتستمر ساعات حتى تستطيع الخروج إذا لم يتسبب دخولك في حوادث وان أوقفتها بعيدا عن السوق فهذا يجعلها لقمة سائغة للصوص السيارات بسرقتها أو على الأقل سرقة وتشليح محتوياتها وتكون قد فقدت كرامتك بدخول السوق وأيضا فقدت نقودك ووسيلة نقلك.
في كل عام وقبل حلول الأعياد يتم إثارة ونقاش موضوع الأسواق العشوائية وترحيل معالجتها ونقلها خارج المدن الى ما بعد العيد بمبرر عدم قطع مصادر رزق العاملين في البسطات وفي الأسواق العشوائية وبعد انتهاء الأعياد تنشغل مكاتب الأشغال بمواضيع أخرى حتى يتقرب العيد الجديد فيتم نقاش وجوبية نقل تلك الأسواق وتنظيمها وترحيل العمل بها وتنفيذها إلى ما بعد العيد و هكذا تستمر مشكلة الأسواق العشوائية دون معالجة .
من المستغرب استمرار عشوائية الأسواق التجارية وأسواق القات وتموضعها في أوساط ومداخل المدن دون أي تنظيم لها والذي يقع مسؤولية تنظيمها على وزارة الأشغال ومكاتبها بالمحافظات والمديريات و يستلزم ان يكون هناك إرادة وطنية عليا لمعالجة مشكلة الأسواق لعشوائية وتحديد فترة زمنية لتنفيذها ونقل جميع الأسواق الى خارج المدن ونقترح ان يتم التخطيط لإنشاء أسواق خارج المدن خلال فترة ما بعد عيد الفطر المبارك وحتى عيد الأضحى المبارك وان يكون التنفيذ لتلك الخطط وبعد حجز الأراضي المخصصة لإنشاء الأسواق عليها الفترة الزمنية ما بعد عيد الأضحى المبارك وإنجاز إنشاء الأسواق خارج المدن قبل حلول شهر رمضان القادم بثلاثة أشهر على الأقل أي أن يستمر إنشاء الأسواق ستة أشهر فقط ويكون الشهر السابع لتوقيع العقود مع المستأجرين ويتم تسليم مفاتيح المحلات للمستأجرين قبل حلول شهر رمضان وفتحها والعمل فيها وإغلاق جميع الأسواق العشوائية قبل حلول شهر رمضان القادم بثلاثة أشهر وان تكون خطوات إنشاء الأسواق خارج المدن وفق المراحل والمحددات التالية :
1- تجهيز و حجز مساحات كبيرة في محيط كل مدينة على الأقل أربع مناطق في الشرق والغرب والشمال والجنوب وان تكون تلك المساحات أراضي دولة أو أوقاف وفارغة من أي مباني وحجز أراضي المواطنين في تلك المناطق والتعويض الفوري عن أراضيهم بأراضي أخرى من أراضي الدولة في مناطق أخرى وتسليمها لهم قبل الحجز لكي يتم إنشاء أسواق فيها وان يسبق ذلك حصر لجميع البسطات والمحلات في الأسواق التجارية وأسواق القات داخل المدن حاليا لكي يتم إنشاء محلات بنفس العدد المحصور في الأسواق المزمع إنشاؤها خارج المدن مع هامش زيادة 40% عن العدد المحصور لاستيعاب أي تطور أو توسع أو احتياج .
2- إعداد مخطط عام لتلك الأسواق تتضمن تنسيق وتوزيع لأنواع الأسواق فيكون جزء منه مخصص لبيع القات وجزء لبيع الملابس وجزء آخر للمواد المنزلية ومواد البناء وجزء للمأكولات وجزء لبيع اللحوم وجزء لبيع المجوهرات وجزء لبيع قطع غيار السيارات وجزء للديكورات وهكذا جميع التخصصات والأنواع تكون في مربعات محددة وان يشمل المخطط مساحات شاسعة كمواقف سيارات وأيضا طرق واسعة لضمان حركة سير منتظمة لوسائل النقل داخل السوق وللبشر دون ازدحام أو اكتظاظ وان تكون خارطة المخطط معروضة في بوابة السوق وان يكون مخطط الشوارع للوصول إلى أي جزء بشوارع عامه ثم يتفرع منها شوارع اصغر داخل كل جزء من أجزاء السوق وفواصل مساحات فارغة بين كل جزء من أجزاء السوق ومنع تداخل أنواع المحلات في كل جزء بحيث يكون كل نوع من أنواع المحلات في الجزء المخصص لذلك دون تداخل .
3- يتم بناء محلات تجارية في الأجزاء المخصصة للبناء فيها مع مرافق الحمامات والاستراحات والمساجد وبشكل منظم ومتساوي يخلق جمالية للسوق بعيدا عن العشوائية
4- إعداد عقود تأجير لتلك المحلات التجارية وأيضا مواقف السيارات والمرافق العامة و الحمامات العامة وتوفير وتوصيل كافة الخدمات العامة لها من كهرباء وماء واتصالات وانترنت وغيرها من الخدمات العامة.
5- منح أولوية لعقود التأجير للباعة الموجودين حاليا في داخل المدن لتشجيعهم للخروج غالى الأسواق خارج المدن وان يشمل العقد تعهد بعدم العمل في أسواق عشوائية داخل المدن أو يتم إلغاء العقد وسحب المحل وتحويله لمستأجر آخر وان تكون عقود الإيجار بمبالغ إيجار مناسبة ورمزية ولفترات طويلة لا تقل عن عشر سنوات يتم بعدها رفع الايجار بشكل تدريجي وبنسب مناسبة .
6- تكون ملكية وإنشاء وإدارة الأسواق حصراً للدولة وإيراداتها تورد للخزينة العامة للدولة ومنع دخول وسطاء لحجز الأسواق أو إنشائها وتأجيرها ويكون الإنشاء والتأجير مباشر من مكاتب الدولة المختصة بذلك دون وسطاء.
7- منع تأجير أكثر من محل لشخص واحد بحيث يكون لكل شخص محل واحد فقط او شراكة مجموعة في محل واحد ومنع التأجير من الباطن إطلاقا وإذا لم يستطيع المستأجر للمحل العمل فيه يجب تسليمه لإدارة السوق ليتم عرضها للتأجير على أشخاص آخرين.
8- اتخاذ إجراءات إيجابية لتوريد الإيجارات شهريا أولا بأول ودون أي تأخير حتى لا تتراكم الإيجارات لدى المستأجرين.
9- تخصيص جزء من تلك الأسواق لفرز باصات نقل عامة للركاب والسلع واستحداث فرز في تلك الأسواق لنقل الركاب والسلع من تلك الأسواق الى المدن وبأسعار مناسبة وتكون تلك الفرز تعمل طوال اليوم .
منع استحداث أي بسطات أو خروج مواد خارج مباني المحلات ويتم مباشرة مصادرة أي بسطة يتم إنشاؤها و استحداثها خارج المحلات ويتم الضبط والمصادرة سريعا دون تأخير أو تباطؤ ومنع أي تدخلات أو استثناءات
10- منع استخدام العربيات ووسائل النقل لبيع السلع فيها داخل السوق او في محيطها وحصر البيع في المحلات المخصصة لذلك.
11- نقل جميع أسواق القات والأسواق التجارية من داخل المدن بشكل عام والمدن التاريخية إلى الأسواق خارجها ومنع أي استحداث لأسواق و بسطات داخل المدن وضبطها ومصادرة محتوياتها دون تأخير أو تباطؤ ودون استثناء .
12- إعادة تنظيم المدن التاريخية لتكون فيها مساحات ومتاحف للعرض والسياحة ودون أي استخدام للشوارع العامة وتنظيمها وانتشاء استراحات ومواقف سيارات مجاورة لها ومنع استحداث أي أسواق تجارية او أسواق تجارية بداخلها .
وفي الأخير :
نأمل معالجة مشكلة الأسواق العشوائية في اليمن من أسواق قات وأسواق تجارية وان يتم عبر إنشاء أماكن بديله وليس بقطع مصادر رزق العاملين في تلك الأسواق وإنما باستحداث أسواق بديلة وتنظيمها ونأمل إن يكون العام الحالي هو آخر الأعوام للأسواق العشوائية ويكون العام القادم هو عام إنشاء أسواق خارج المدن وتنظيمها بشكل يحفظ كرامة المواطن ويحافظ على مصدر رزق البائع وتنظيم العمل فيها .
ونؤكد على وجوبية أن تكون الأسواق التجارية المقترح إنشاؤها خارج المدن ملك للدولة فقط ومنع أي وسطاء تجاريين في تأجير محلاتها .
لا مبرر لاستمرار عشوائية الأسواق التجارية وأسواق القات داخل المدن والمدن التاريخية ويستلزم سرعة إنشاء أسواق منظمة خارج المدن ونقل تلك الأسواق من داخل المدن إلى خارجها ومنع أي أسواق داخل المدن وضبط المخالفين دون استثناء وفتح المجال للمرأة اليمنية لاستئجار محلات تجارية لعرض السلع والمنتجات الوطنية وان تكون تلك الأسواق فرصة أيضا لترويج وتسويق المنتجات الوطنية ونؤكد على وجوبية إخراج الأسواق من المدن وتنظيمها.
عبدالرحمن علي علي الزبيب
أعلامي مستقل ومستشار قانوني
law711177723@yahoo.com
اقرأ أيضا للكاتب:المفرقعات والألعاب النارية وخطرها على الأطفال في اليمن